Tuesday 13th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 27 ذو الحجة


رأي الجزيرة
الناتو ليس الذراع العسكرية للأمم المتحدة

هناك تلميحات وأحياناً تصريحات تفيد أن حلف شمال الأطلسي هو الذراع العسكرية للأمم المتحدة.
ولا تبدو تلك التلميحات والتصريحات على أنها من قبيل جس نبض لردة فعل الرأي العام العالمي قبل أن تتحول التلميحات والتصريحات إلى مقترحات للدراسة أو مشروعات قرارات تطرح على الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن الدولي.
ونعتقد أن هذا الأمر ينطوي على مخاطر لا تحصى بالنسبة للمبادىء العامة في ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الذي يمثله مجموعة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بشأن الحدود الجغرافية القائمة لدول العالم وبالنسبة لسيادتها داخل حدودها واستقلالها الوطني.
فحلف الناتو حتى بعد توسعه الاخير وارتفاع رقم أعضائه من 16 إلى (19) دولة عضو لا يمثل تحديداً سوى (9,7%) من مجموعة 185 دولة عضو في الأمم المتحدة.
وليس هناك في النظام الأساسي لحلف الأطلسي ولا في لوائحه الداخلية ما ينص على اي نوع من العلاقة المباشرة او غير المباشرة مع الأمم المتحدة بحيث يكون للأخيرة دور رئيسي في السيطرة على سياساته أو على قواته بما يسمح للمنظمة الدولية باستخدام مؤسسات الحلف وقوته كآلية تنفيذية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة.
فالحلف منظمة مكلفة بحفظ الأمن والسلام في أوروبا الغربية أساسا بقيادة حليفتها العظمى الولايات المتحدة الامريكية ويحمي سلام دولتها وأمن شعوبها.
ولم يجرؤ الحلف على مد ذراعه العسكرية او نفوذه السياسي إلى ما وراء حدود الدول الأعضاء فيه حتى تلك التي تتاخمها في الحدود، ونعني بها أوروبا الشرقية.
ولم تتح للحلف الفرصة لذلك إلا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك حلف وارسو بعد الانقلابات السياسية في دول المنظومة الشيوعية السابقة التي اصبحت مسرحاً مفتوحا لأنشطة الحلف السياسية والعسكرية والاستخباراتية مما أدى الى نجاحه في جر ثلاثة من دول شرق أوروبا الى عضويته الكاملة وهي بولندا التي كانت عاصمتها مقر لقيادة حلف وارسو ثم المجر ثم تشيكا.
وهذه الدول التي انضمت للناتو قبلت عقيدته العسكرية وفلسفته المذهبية العلمانية ونظامه السياسي الديموقراطي التعددي,, وهي مبادىء أساسية تمثل شريعته التي تقوم مقام الشروط أمام كل دولة ترغب في الانضمام الى عضويته في حين ان ميثاق الأمم المتحدة لا يشترط تلك العقيدة العسكرية او تلك الفلسفة العلمانية او النظام السياسي الديموقراطي لكسب عضويتها او للتمتع بحق حماية الدولة العضو عندما تتعرض لعدوان خارجي، أو لاضطرابات وقلاقل داخلية، تكون مهمة قواتها هي وقف الاضطرابات ومنع مضاعفاتها وإقرار السلام دون شبهة تدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعنية بما يفرض عليها نظاما سياسيا معيناً أو قرارات ومواقف معينة.
ويمارس الحلف الآن دوره الأساسي في حماية شعب كوسوفو باعتباره شعبا أوروبيا في نظر أركان سياسة الحلف، قبل ان يكون في نظرهم ألبانيا أو مسلما، وعليه فان الناتو لا يمكن في ظل المواثيق الراهنة له وللأمم المتحدة أن يكون ذراعها العسكرية التي تتدخل بها في أي منطقة من العالم تنشب فيها نزاعات تهدد الأمن والسلام الدوليين، اذ تستطيع الأمم المتحدة أن تكون لها ذراع قوية عسكرية قوية وضاربة رادعة وطويلة باتفاق ومشاركة جميع الدول الأعضاء فيها، وبمثل هذه الذراع إلى جانب شرعيتها تستطيع الأمم المتحدة أن تخضع النظام العالمي الجديد بكل آلياته العسكرية والسياسية لحلف الناتو أو غيره لسلطتها.
الجزيرة

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved