Tuesday 13th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 27 ذو الحجة


حمك الله أيها الوالد

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
في يوم السبت الموافق السابع عشر من شهر ذي الحجة من عام 1419ه فقد المسلمون عالما مربيا فقيها ومعلما حصيفا بكى على فراقه القريب والبعيد والكبير والصغير والعامي والعالم انه الشيخ صالح بن علي بن غصون عضو المجلس الاعلى للقضاء وعضو هيئة كبار العلماء.
عرفت الشيخ صالح بن غضون رحمه الله منذ عام 1401ه سألته عن مسألة فقهية في المسجد فعرض عليّ الحضور الى بيته لدراسة هذه المسألة وهو اذ ذاك عضو في مجلس القضاء الاعلى فأعجبني تواضعه ان يبحث في مسألة فقهية مع طالب في المرحلة المتوسطة، واستمرت علاقتي به وتوطدت حتى اذن لي رحمه الله في دروس خاصة في بيته في الفقه والعقيدة والفرائض وباقي العلوم الشرعية وقد استفدت كثيرا من دروسه اضافة الى الفائدة العظمى وهي فائدة الاخلاق والتواضع والآداب فكنت اراقبه في طريقة سلامه وكلامه واحترامه للناس واستقبالهم والشفاعة لهم بما يستطيع فأعجب من صبره واحتسابه للأجر وقبل هذا الاهتمام رأيت اهتمامه الاول في امور العبادة فهو حريص على الصلاة في المسجد رغم ما يمر به من ظروف صحية شديدة ولا اذكر خلال صلاتي معه في المسجد تسعة عشر عاما لا اذكر اني رأيته في جماعة اخرى بعد انصراف الامام بل ولا اذكر انني رأيته في الصف الثاني,, رأيته كثير القراءة للقرآن فكان يختم رحمه الله القرآن كل ثلاثة ايام واحيانا كل اربعة او خمسة اذا احس بالتعب والارهاق نتيجة ظروفه الصحية الاخيرة وقد كنت استمع الى قراءته ومعي مصحف بين أذان العشاء والصلاة فيقرأ ما يقارب العشرين وجها واحيانا اقل ولا يخطىء في آية او كلمة بل عجبت منه كثيرا فهو يقرأ القرآن في اي وقت تسنح فيه القراءة ولو كان قصيرا كما بين نزوله من السيارة الى المنزل ويردد رحمه الله انني اريد القرآن أنيساً لي في القبر, رأيته رحمه الله دائم النصيحة والتذكير بحقوق الله، ثم كان له من القبول عند طلبة العلم الشيء الكثير فهو يسرد خبرته في الحياة وتنقلاته وهو كفيف البصر ثم يتبع ذلك كله بوجوب شكر النعم والمحافظة عليها,,كان دائما مشجعا على مواصلة العلم وعلى اهمية القراءة والتعليم في سن الصغر حيث قوة الذاكرة وقلة المشاغل.
سألته عن وقت قراءته في اليوم فأخبرني بأوقاتها فعددت ساعاتها فوجدتها بين الثماني والعشر ساعات اضافة الى استماعه لبعض الاشرطة والى اذاعة القرآن الكريم.
رغم مراجعته للمستشفى ورغم ما اراه احيانا من تأثير صحته الا انه لم يعتذر عن الدرس الذي جلس له فقد كان محبا للقراءة والفائدة, ذهبت في ايامه الاخيرة زائرا له في المستشفى وكان واضح الاجهاد والارهاق فعجبت من سؤاله عن كتب نزلت جديدة في السوق فأخبرته بثلاثة كتب نزلت حديثا يقينا مني انه لم يسمع بها وتفاجأت بجوابه بانه قرأ الاول والثاني وقرأ كثيرا في الكتاب الثالث.
طلبت منه كتاب الاختبارات لشيخ الاسلام ابن تيمية وقبل ان يعطيني اياه ضمه الى صدره ووجهه وقال اني احب يا طارق علماءنا وراجو الله ان يحشرني معهم في جنات النعيم، ولما رأيت احترامه للعلماء السابقين والمعاصرين وددت ان يقتدي به الناس في احترام العلماء وألاّ يتعرضوا لهم بسب او غيبة فلهم من الحقوق علينا الشيء الكثير, رحمك الله يا شيخ صالح فقد كنت والدا ومربيا وإنا على فراقك لمحزونون نسأل المولى عز وجل ان يغفر له ويرحمه وان يسكنه المولى الفردوس الاعلى ويرفع درجاته في عليين,,واني اعزي ابناءه البررة فأقول مات والدكم الكريم ففقدنا بفقده رجلا كان ملء الاسماع والابصار شهامة في وداعة ورقّة في شجاعة، جماعة في فرد وقبيلة في رجل، قليل مثاله ونادر امثاله واحد بآلاف وفقيد كان هامة الأشراف، له في كل قلب مكان ممدوح لكل لسان فلا عجب اذا رأيتم الناس يوم فقده بين باك وحزين ومكتئب، ذلك لانهم فقدوا رجلا لا كالرجال وعظيما كان موضع الاماني والآمال فان عزيتكم فانما اعزي نفسي عزاء لي نصفه ولكن ما الحيلة وكل مخلوق الى ممات والدنيا كلها الى شتات فأولى بي وبكم وبكل من دمعت عينه على ابيكم ان نرجع الى حظيرة الصبر ونتأسى بالماضي وما فيه فما رد الجزع فائتا ولا احيا الحزن ميتا، ولو كان يفدى هالك لفديناه بالانفس والاموال وبذلنا عن طيب خاطر كل مرتخص وغال, فرحم الله الفقيد والهمنا جميعا الصبر واسكنه فسيج جناته انه سميع قريب مجيب.
تلميذه ومحبه
د, طارق بن محمد بن عبدالله الخويطر
معهد القرآن الكريم بالحرس الوطني

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved