Tuesday 13th April, 1999جريدة الجزيرة 1419 ,الثلاثاء 27 ذو الحجة


أضواء
الدروس والعبر في حرب البلقان

التاريخ دروس وعبر,, وحرب البلقان ستأخذ حيزاً كبيراً من تاريخنا المعاصر,, وترابط وقائعها وماستفرزه نتائجها ستوضح وترسي وترسخ كثيراً من دروس وعبر التاريخ وتذكر بكثير من الحقائق والسمات التي غابت عن عقول كثير من الناس.
اول حقائق ودروس التاريخ تؤكد ان الانسان والدول والامم مهما ارتفع مستواها الحضاري وعلا فكرها تظل تحكمها مصالحها الذاتية السياسية والاقتصادية ويخطىء كل من يظن ان الغرب - وامريكا بالذات - تقود وتشن الحرب الحالية دفاعا عن المسلمين في كوسوفا وقبل ذلك في البوسنة والهرسك، واذا كان الصرب قد دفعتهم اطماعهم او لنقل الابقاء على الهيمنة التي ورثوها من ابان الحكم اليوغوسلافي الى ارتكاب المجازر واضطهاد المسلمين كونهم الحلقة الأضعف في الاتحاد اليوغسلافي، فتركوا مقدونيا وكرواتيا وسلوفانيا واستفردوا بالبوسنة اولا، وقاوموا رغبة البان كوسوفو في الحصول على حريتهم اسوة بما حققه غيرهم, وكون البوسنيين لم يجدوا من يدافع عنهم كالكروات الذين وجدوا دعما من الالمان والسلاف الذين غُض النظر عنهم لارتباطات قومية ومذهبية ومقدونيا المرتبطة بروابط مذهبية وقومية مع اليونان، فالبوسنيون الذين انشغلت عنهم تركيا بمشاكلها الداخلية - مثلها مثل المسلمين - وجدها الصرب - كما ظنوا - لقمة سائغة، كذلك الحال مع البان كوسوفا الذين لايمكن ان يجدوا العون من البانيا افقر دول اوروبا واضعفها عسكريا، الا ان الذي لم يحسبه الصرب، هو المتغير الدولي الذي نصب امريكا - ومن ورائها الغرب - القوة العظمى الوحيدة والتي، مصالحها تكمن في القضاء على اي قوة اقليمية لاتسير في ركبها وبقاء الصرب كوريث للاتحاد اليوغوسلافي بكل مورثاته العقائدية والقومية والمذهبية لايتوافق مع المدى البعيد الذي يريده الغرب لاوروبا التي في المخطط الاستراتيجي لامريكا تظل النقطة المركزية للقوة العظمى التي تؤسسها امريكا، ولهذا فلا تقبل وجود أية قوة اخرى حتى وان كانت صغيرة بحجم يوغوسلافيا او صربيا الكبرى,, قياسا بالقوة المتعاظمة لامريكا، ولذلك فإن امريكا قلمت اظافر الصرب في البوسنة,, والآن تكسر اصابعهم في كوسوفا,, ولاندري اين ستقطع ايادي السلاف جميعا، ولهذا فإن الروس مترددون في مواجهة المد الامريكي لان الروس بكل بساطة قارئون جيدون للفكر الامريكي.
هذه اولى الحقائق,, اما الحقيقة الثانية التي تغيب عن المسلمين بالذات فهي ان الله يسخر قوماً على قوم لتخفيف عذاب قوم آخرين وهذا مايتجلى في تسخير الغرب لحماية المسلمين في اوروبا سواء في البوسنة او البانيا، وحكمة الخالق ان تتوافق مصالح الغرب مع حاجة المسلمين في اوروبا للحماية في ظل ضعف الدول الاسلامية وعجزها عن توفير الحماية للمسلمين في اقطارهم المتناثرة.
اما الحقيقة الثالثة فهي تأكيد للمقولة التاريخية التي تثبت في كل حالة ان التحالفات لاتثبت دائما ولكنها تتغير حسب المصالح التي تحدد المفاهيم والاستراتيجيات.
يبقى لافتا للنظر مدة وطول المواجهة,, وهذا يقودنا الى العودة الى التاريخ، والتاريخ يذكر ان الصرب من الاقوام الذين لايستسلمون بسهولة حتى وان كانوا على خطأ,, او يقودهم دكتاتور ظالم او متسلط، والحروب الكونية الاولى والثانية تؤكد ان الصرب - كما هم مسئولون عن اندلاع الحربين الاولى والثانية الكونيتين - تؤكد ايضا انهم آخر من يلقون السلاح حتى وان دمرت كل وسائل عتادهم وهذا مايجعلنا نتوقع اطالة أمد حرب البلقان حتى في ظل التطور الرهيب لأسلحة الدمار.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved