يتراقص داخل فمه، يتزحلق بدلال فوق لسانه، يدغدغ بطانة خديه، يعبث كيفما يشاء، يلهو هنا وهناك ويتشكل كما تشتهي الأسنان، رائحته الزكية حافز يجعل الكل يتجاذبه وهو يتمرغ منتعشا وسط رذاذ غزير.
,, جيفة حديثة التحلل اعترضت الطريق، أخرج الفم نغما نشازا ثم قذف مافيه.
حلق في الهواء لفترة,, منتشيا,, مغمض العينين ينتظر أن تحتضنه الأرجوحة المقابلة، طال التحليق,, فتح عينيه,, اصطدم بصفحة الإسلفت الملتهبة، حاول أن يفر من حرارتها، بيد انه وجد نفسه يلتصق بصفيحها أكثر وأكثر، كأنها تحتضنه,, تسحبه,, تمتصحه وتجذبه كالمغناطيس دون أن تفسح له مجالا ليصحو من دهشته، كلما حاول إلافلات أصرت على اعتناقه بحرارة بالغة، وعندما بدأ يستوعب الأحداث، حاول أن يفيق,, لكن إطارات شاحنة ثقيلة كانت له بالمرصاد، فبكل برودة أعصاب وتباطؤ أرسلته إلى عالم الأرض المستوية,, ثم تتابعت بناتها يتناوبن عليه,, يعلكونه بطريقتهن المفضلة حيث لا دغدغات ولا أراجيح.
عندما خفت الحركة، بدا القمر معتما، وأسلاكه المتشابكة أكثر عتمة، هكذا كان ينظر له صاحبنا.
,, كلب ضال اقترب منه,, نظر اليه:
- آه، حتى لو كان كلبا، أرجوه أن يخلصني من هنا.
تفحصه,, تشممه، حاول لعقه، وما أن تحسسه طرف اللسان حتى نفض رأسه وفر.
تذكر دلال الأيام الخوالي والحنان الواسع الذي أحيط به، كان الكل يسأل عنه، ولم لا والكمال لله، رائحة زكية,, طعم رائع نكهة منعشة,, صحي، ثم,, أهذه هي النهاية.
|