Sunday 18th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 2 محرم


عبقريات العقاد بين المتن والإسناد69
صالح بن سعد اللحيدان

هناك أمور سار الجزم كل الجزم عليها لسبيل قويم وثقة بالغة وعقل سليم ناهض حر كريم لمن اراد ان يتحدث عن التوحيد الخالص أو يتحدث عن أحكام العبادات والمعاملات منها:
1- فهم التوحيد فهما تاما.
2- معرفة نواقضه.
3- معرفة الفرق الضالة
4- الوقوف على أدلة الأحكام.
5- معرفة الصحيح من الضعيف,.
6- معرفة حقيقة الاجتهاد.
7- متى يكون ,, وكيف ؟
8- معرفة أقوال الصحابة.
9- أصل حقيقة الاختلاف.
10- في الفروع.
11- الناسخ والمنسوخ,.
12- المطلق والمقيد.
13- العام والخاص.
14- المنطوق والمفهوم.
15- سعة العلم بخلفية متينة.
16- حسن الخلق.
17- التواضع.
18- التوقف عند عدم العلم.
19- الإخلاص في هذا كله.
ولا شك ان كثيرا من الناس يحتاجها ويسير على هداها فإن غالب الناس قد قصرت به الهمة ان يبلغ ما يراد منه أصلا، قصرت به الهمة بسبب التسويف والأماني وتقمص صفة العالم أو المثقف أو الأديب أو الناقد أو المحلل السياسي، لذا حفظ شيئا مما ينتسب إليه.
وهذه واحدة في هذا /الحين/ من أعسر الحالات على المرء أن يفسرها إلا أنها مرض/ دون مرضه/ دونه مرض/، وإلا فقد تهيأت وسائل: العلم والمعرفة والفهم والحفظ، كما تهيأت وسائل الطرح لمن أراد:
1- بنية صادقة صالحة.
2- وعقل .
3- وحكمة.
4- ووعي .
5- وحسن معشر.
6- وقبول الحق.
تهيأت كما لم تتهيأ لأحد من قبل، وهذه واحدة من خمس تدفع الى السؤال عن:
1- العلم.
2- ماذا عملت به.
3- وإنما الأعمال بالنيات,.
وقد لمح المؤلف في ص 120/ 121 في كتابه مطلع النور الى شيء من أشياء لعله ترك ما ترك على سبيل الاختصار او لما هو معلوم من الحال بالضرورة فقد ذكر حالة التوحيد هكذا سماه قبل الإسلام فقال: (وقد جاءت الدعوة الى التوحيد قبل الإسلام من طريق توحيد الدولة وفرض السلطان الواحد والعبادة الواحدة حيث تبسط سلطانها إذ كانت القبيلة تتغلب على القبائل الصغار فتفرض عليها عبادة ربها وطاعة رئيسها ثم يتغلب الشعب القوي على الشعوب الصغيرة فيفرض عليها عبادة ربه وطاعة اميره، ثم تمتد حدود الدولة وراء بلادها فتصبح لها صفة لعالمية).
وقال: (ولكنه ابعد شيء عن دين الانسانية الذي نعنيه: وهو الدين الذي يتجه الى جميع الأمم بدعوة واحدة).
وهو هنا اختصر وهو يمهد لبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان العرب عليه من وثنية وعصبية وجهل وغلبة بباطل من المعتقد، وقد كان له ان يبرز وهو المطلع على مثل هذا: حالة العرب وما كانوا عليه من هلاك معنوي وان الذي يقوم به القوي إنما يقوم به للعصبية وللتعلق بالحياة وللسيطرة على الضعيف من خلال المرعى والمسكن والاستعلاء وان مثل هذه الحال بجانب تعدد الآلهة أوجب البعثة أو هو من مقوماتها كما جاء في قصة أبي سفيان رضي الله عنه عند هرقل في حديث طويل من رواية ابن عباس كما في البخاري ج(1)
وقوله : (ولكنه أبعد شيء إلخ,,) صواب فالاسلام جاء ليوحد الأمم تحت أمة واحدة، دينها واحد, يحكم شؤونهم بما يصلح أمر دينهم ودنياهم، وبما يصلح لهم: اتجاههم،
وبما يحافظ لهم على:/
1- الدين.
2- العرض.
3- المال.
4- النفس.
5- العقل .
ثم بعد ذلك طفق يستعرض حالة من سطور العبرية مثل: (لقد كان الإله عند العبرية يسمى: (إله إسرائيل ويخص من أبناء إبراهيم ذرية يعقوب بن اسحاق دون سائر العبريين,, قال يوشع: هكذا قال الرب إله إسرائيل ويضيف المؤلف: ويقول الشعب في كتاب الأيام: ألست أنت إلهنا الذي طردت سكان هذه الأرض أمام شعبك إسرائيل وأعطيتها لنسل إبراهيم خليلك إلى الأبد ,ويشير كذلك في ص 122 دون مناقشة علمية لصحة هذه الكلمات من كتب مقدسة كما يقولون ويكفي أن نلاحظ فحش التزوير والكذب في مثل إن آباءكم قد تركوني وذهبوا وراء آلهة أخرى وعبدوها وسجدوا لها وإياي تركوا وشريعتي لم يحفظوها وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير حتى تسمعوا لي كما جاء في سفر أرميا، كلام لا ينهض أمام العقل من حيث دقة التعبير وخلل المراد.
وقد أحسن المؤلف في مثل هذه العبارات إذ قال في ص 122: ولكنهم يعودون فيسمعون من صاحب النذير ان الله تعالى يريدهم شعبا له ماذا قال النذير، قال:(واجعل عيني عليهم للخير وارجعهم الى هذه الارض وابنيهم ولا أهدمهم وأغرسهم ولا أقلعهم وأعطيهم قلبا ليعرفوني أني أنا الرب فيكونوا لي شعبا وأنا أكون لهم إلهاً لأنهم يرجعون إلي بكل قلوبهم) فهذا النذير من نذر بني إسرائيل يتكلم على لسان الرب حسب تعبيرهم وهو كلام جيد لكنه يهدمه كثير من الذين اسلموا في هذا الحين وقالوا ان الافتعال موجود على الرب على ألسنة الأحبار والمرتزقة والمستغلين ولهذا هدم المؤلف -لعله دون شعور منه- هذه الافتراءات إذ قال: (ودامت هذه العقيدة الى عصر الميلاد فتهيأت العقول لعقيدة أرفع منها وأعدل وأقرب إلى المساواة بين الناس).
ومن المقرر في القرآن والتوراة والإنجيل أن العقيدة واحدة منذ آدم عليه السلام، جاء الرسل عليهم السلام بعقيدة واحدة وتوحيد واحد هو عبادة الله تعالى وحده وصرف كافة العبادات القولية والفعلية له سبحانه كما قال تعالى: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين, لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين وكما قال سبحانه: وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .
وفي ص 123 ينقل مثل الأول لكنه دون تحرير بل هو يثبت اسما لا علاقة له عمن يتحدث عنهم فهو يقول: (وتحولت الدعوة المسيحية من بني إسرائيل إلى الأمم على الرغم من بني إسرائيل) فهو هنا يذكر المسيحية وليست هذه الصفة المسماة بمنطبقة على من ذكرهم، فهم /نصارى/ هكذا وانك اليوم لتجد أكثر الكتب والدراسات والنشرات تذكر ودائما المسيحية، والمسيحيين، ومسيحي، بل إنك لتجد من يذكر هذا ممن يوصف بأنه عالم أو مثقف أو كاتب وهذا يعود الى ضعف الخلفية في الجملة على حال الصفة والموصوف والاسم والمسمى.
فهم يريدون النصارى والنصرانية، والنصراني، لكنهم يذهبون بعيدا فيكتبون ما لا يمت لمن يعنون بصلة لا من حيث الصفة ولا من حيث المعنى الموصوف، حتى النصارى بعضهم يذكرون هذا جهلا منهم وبعضهم يذكره من باب الخبث والتعمية وإلا فهم يعلمون أنهم ليسوا مسيحيين إنما هم نصارى.
ويسير المؤلف على وتيرة النقل دون التفات الى طبيعة النصارى وما احدثوه في الانجيل من زيف وتغيير وكذب, يقول في ص 123 نقلا عن كتبهم المحرفة: (ثم خرج يسوع من هناك وانصرف الى نواحي صور وصيدا وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة: ارحمني يا سيد,!
يا ابن داود ابنتي مجنونة جدا، فلم يجبها بكلمة، فتقدم إليه تلاميذه وطلبوا إليه قائلين: اصرفها لأنها تصيح وراءنا؛ فأجاب وقال لم ارسل إلا الى خراف بيت إسرائيل الضالة فأتت وسجدت له قائلة يا سيد! أعني,, فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب، فقالت نعم يا سيد, والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها حينئذ أجاب يسوع وقال لها: يا امرأة عظيم إيمانك ليكن ما تريدين).
ففي هذا النص الذي لم يتعرض له المؤلف ما فيه من الدجل وما يخالف دعوى النصارى وزعمهم الوثني بألوهية المسيح وتدبر هذا النص تجد عجبا،
ثم يبين المصنف بشيء من الاختصار الجيد ديانات الصين والهند، تلك الديانات التي تسربت إلى: اليهود والنصارى وبعض فرق أهل البدع:
كالقدرية
والجهمية
والحلولية
والباطنية
والمعتزلة
والخوارج
والنفاة
والصوفية المعطلة
والصوفية القبورية
والصوفية المتوسلة
والصوفية المؤلهة
والصوفية النافية
والرافضة اللاعنة.
يقول في ص 124: (وقد وجدت في الصين شعوب بلغت في ذلك العهد مائة مليون او أزيد ووجدت في الهند شعوب تقاربها في العدد ولم يعرف هؤلاء ولا هؤلاء دعوة الانسانية إلى دين واحد بل كانت الصين تدين بعبادة الأسلاف، كل بيت له هيكله وعبادته على حدة، وكانت ديانة الهند ديانة الطبقة الغالية ينفرد الأحبار بتلاوة أسفارها ويحرمون على الطبقات المحرومة تلاوتها والتعرض لفهمها وتفسيرها ويقول جوتاما ريشي في بعض كتب الغيدا: (اذا سمع الغيدا رجل من المنبوذين فمن واجب الملك ان يصب الرصاص المذاب في أذنيه).
وليست اليونان ببعيدة عن ديانات وثنيات الصين والهند بل تساويها خاصة في عبادة التماثيل وتخليدها وجعل درجات لها كحال الفراعنة الذين تعلقوا بالصور وخلدوها ثم عبدوها بعد الاعجاب ورد دعوة يوسف وموسى عليهما السلام,وتاريخ التوراة والاناجيل توحي كلها بتلاعب الرهبان والأحبار ولم يتورعوا من التزوير على الرسل عليهم السلام وهم -حسب طبائعهم- يتبعون ما تهوى أنفسهم ولو أدى هذا الى الكذب حتى في دائرة التوحيد وما يمس رسل الله عليهم السلام.
وما نقله المؤلف دال على هذا, ومن الغريب ان اليهود والنصارى، كثير منهم يعلم بالوثنية الحاصلة في عبادتهم من التضارب حول عيسى عليه السلام، فمنهم من ألّهه ومنهم من تركه ومنهم من جعله مستغلا ومنهم من جعله ثاني اثنين وجعل الله ثالث ثلاثة سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيراً .
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved