انخفضت ارباح بعض الشركات الصناعية مثل الخزف السعودية ومصنع تكرير السكر الحديث العهد بالسوق وشركات اخرى واجهت صعوبات ادت الى استهلاك نصف رأس المال,, وهناك شركات اصبحت تعتمد على عوائد سندات التنمية الحكومية كتمويل لتغطية تكاليف المشاريع وتعزيز الارباح,, هذه ظواهر اخذت في البروز مع ميزانية عام 1998م وسوف تواجه ما هو اصعب مع نهاية عام 1999م, المطلع على هذه الشركات وما قالته من مبررات في سبب احداثها المؤسفة يجد ان معظمها قد اتفق على ان الاغراق هو السبب الرئيسي في النكسة الحاصلة واخرى تقول ان الاستثمار المالي كان الاجدى والافيد لها في الوقت الذي كانت تبرر فيه ثبات الارباح على رقم معين لا يرقى ابدا للطموحات او الاقتراب من رأس مالها الضخم بأن السوق الذي تعمل فيه صعب وغير منتظم.
ومن هذا المنطلق دعونا نطرح على القطاع الخاص والعام المنظم لانشطته واسواقه سؤالا هاما وهو هل الاغراق حقيقة ام خيالا ام انه شماعة يعلق عليها للهروب من الفشل في الادارة الصناعية والاستثمارية؟
نريد مقارنة حقيقية بين سلعة تأتي الى المملكة من دولة بعيدة يضاف اليها ثمن الجمارك 12% وثمن النقل والتخزين وربح المستورد وفوق هذا أجور العمالة في بلد الصناعة وما بين سلعة تصنع في المملكة لا تواجه جمارك وعمالتها آسيوية برواتب لا تبتعد عن رواتب العمالة في آسيا نفسها اي ان الفرق في التكاليف يصل الى اكثر من 30% لصالح المصنع السعودي,, لقد عاب الكثير من المطلعين على اصحاب المصانع السعودية الحديثة الانشاء اعتمادها على التكاليف العالية جدا في جلب التقنية واحدث المعدات فمن الذي يمكن ان يجد حلا لهذا وتغطية رأس المال المستثمر بتقنيات عالية بتكلفة اقل,.
ان هناك مقدمين على السوق التجارية المنفتحة دون ضوابط فماذا ستفعل هذه المصانع حيال ذلك لا شك ان ابوابها ستقفل, من العجيب ان صناعة بسيطة وليس تقنية الكترونية عالية تحتاج الى مئات الملايين لانشاء مصنع لها وبمواصفات المانية صرفة مثلا.
لا يمكن لنا منطقيا مع كل الاعتبارات السابقة تصديق ان الاغراق هو السبب في تدمير اسواقنا في سلع بسيطة كالسكر والخزف مثلا,, المشكلة تكمن فقط في التكلفة العالية التي وضعت عندما تم التفكير في المشروع والتوسعات المستمرة المكلفة دون الحاجة او التغطية المسبقة لتكاليف المشروع الاساسي وعلى القارئ الكريم ألا يحكم على قولي هذا بالشمولية في الحكم,, ذلك لأن هناك اغراقا فعليا لبعض المنتجات وبأسعار لا يمكن النزول اليها والهدف من وراء تلك المنافسة على المدى البعيد تقديم مادة مدة عام مثلا لارهاق المنافسين او لاشهار السلعة ثم العودة الى الاسعار الحقيقية.
وهناك ايضا ما نقوله,, وهو لو اردنا المقارنة بين الاستثمارات المالية في المصارف ومقارنتها بالشركات الخدمية والصناعية وبخاصة قطاع الزراعة والصناعات غير التمويلية لوجدنا ان قطاع المصارف يخضع لآلية عمل ونظام صارم من مؤسسة النقد التي لا تغفل عنه ابدا بالرغم من تجاوز المصارف لبعض النظم غير المؤثرة كثيرا والمنحصرة في العلاقة بين المصرف والعمل في نطاق ضيق كرسوم الخدمة مثلا.
وعليه لماذا لا نجد لوزارة الصناعة ووزارة التجارة نظاما مشابها يحكم السوق وما يحدث فيها من مهاترات وتقليد للسلع والاغراق من جهة والاطلاع والمتابعة القوية لاداء المنشآت التجارية والصناعية من جهة اخرى,, لن يقبل القول ابدا بان الجملة التي نسمعها دائما علينا ان نسلم بها وهي ان سوقنا حرة والقوي يثبت جدارته دون ان نجعل لذلك ضوابط تعطي للسوق نزاهته ومنافسته الشريفة,, لقد اصبحت هذه الجملة وسيلة للهروب من الواقع والمسؤولية تجاه الواقع, ان اداء الشركات المساهمة مهم للغاية وليس على القائمين عليها الاخذ في الاعتبار ان الاداء ينعكس على اقتصاد وطن كامل وذلك من خلال شاشات الاسهم والاستثمارات العالية التي تضخ اليها باستمرار, والاداء الضعيف للشركات احد الاسباب الرئيسية في ضعف سوق الاسهم والواقع يعطي برهانه,, فلو نظرنا الى شاشة التداول او جدول الاسهم في الصحف نجد ان الاستثمار قد تركز فقط على المصارف وتوقف عند شركتين او ثلاث في الصناعة وباقي القطاع الصناعي والقطاعات الاخرى مجرد اسماء لا جدوى منها والداخل فيه كمن حكم على نفسه بالافلاس المبكر او الطويل الاجل, لقد مضت سنوات عدة على ما وعدت به وزارتا الصناعة والتجارة من تطوير لاعمالها وانظمتها لخدمة السوق والمواطن المستهلك النهائي, قد يقول البعض ما هو حال مؤسسة النقد في عدم سيطرتها على سوق الاسهم واعادة تنظيمه؟ وهنا اقول لهم بأننا قد تعبنا وبحت اصواتنا من كثرة ما نادينا بضرورة فعل شيء وانشاء بورصة منظمة على الاقل,, واقول ايضا في رسالة عاجلة للمؤسسة هل رأى المسئولون فيها ماذا حدث لاسهم البنك الامريكي والمتحد من مضاربة لم يعرف عنها احد الا كبار السوق؟
وعلى كل حال نعود الى السوق ونبيع ونشتري ونتحمل سلبياته حتى يعتدل امره مستقبلا وما علينا الا الانتظار والوثوق بان لدينا مسؤولين في المنشآت الحكومية ذات العلاقة سيقتنعون بضرورة التغيير ولكن متى؟
|