Sunday 18th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 2 محرم


ياله من اقتراح غريب!
أيستقيم الدمج رغم ضرورات التوسع؟

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يجتهد اهل كل منطقة ومسئوليها لاظهار منطقتهم بالمظهر اللائق بها بين المناطق الاخرى التي تتسابق في مضمار التطور والنمو في هذا العهد السعودي الزاهر ويتمثل هذا التسابق اكثر ما يتمثل في حرص الجميع على توفير مختلف المرافق والمؤسسات العامة التي تقدم الخدمات والمنافع للمواطنين في كل جزء من اجزائها وفي اقامة المشروعات التنموية والخيرية ذات النفع العام, ويفعل الشيء ذاته اهل كل بلد في المنطقة الواحدة كبيرا او صغيرا في تسابق محمود يباركه المسئولون على كل المستويات لانه يعبر عن الحس الوطني الفاعل وعن الوفاء لهذه الارض الطاهرة ارض الاجداد والامجاد.
في منطقة القصيم كان للتنافس الوطني من هذا القبيل القائم على اشده بين مدنها وقراها آثاره الايجابية الملموسة على ارض الواقع سواء في وفرة المرافق العامة التي تقدم خدماتها للمواطنين في اماكن اقامتهم او قريبا منها او في كثافة المشروعات الانتاجية والخيرية التي جعلت المنطقة في عداد المناطق البارزة في بلادنا، وسيظل لهذه المنطقة مكانتها بين المناطق بفضل جهود ابنائها واهتمامات المسئولين فيها وعلى راسهم الامير الغالي صاحب العطاء السخي والعمل المتواصل الذي جعل من القصيم منطقة عصرية حديثة تعج بالنشاط والحركة,
والذي اوصي به نفسي واخواني في المحافظات الاخرى خاصة من يكتبون في وسائل النشر ان يلتزموا مبدأ التنافس الايجابي لان اي توجه يخالف ذلك ليس في صالح المنطقة بكاملها, اقول هذا بمناسبة ما قرأته اخيرا في صفحة وطن ومواطن وفي عزيزتي الجزيرة من دعوة اخوين كريمين من ابناء هذه المنطقة الى الغاء ادارات التعليم القائمة حاليا في بعض المحافظات والاكتفاء بادارة عامة واحدة للبنين واخرى للبنات يكون مقرهما مدينة بريدة كما كان الحال في السابق تجنبا -على حد قولهما- لتشتيت الجهود وازدواجية الاجراءات وتحقيقا للعدالة في توزيع الامكانيات بين المحافظات ومع ان مثل هذه الآراء الفريدة لاتقدم ولاتؤخر بالنسبة للرأي العام في المنطقة وبالنسبة لقناعات المسئولين التي كانت الاساس في ايجاد اكثر من ادارة تعليم لمواجهة احتياجات العمل وتطور المحافظات والمراكز وتباعد اطراف هذه المنطقة وهي قناعات نشأت قبل سنوات طويلة عندما كان عدد المؤسسات التعليمية لايتجاوز 2-3% من العدد الحالي فما بالك الآن الا ان مثل هذه الآراء قد تشوش على بعض القناعات بالرغم من عدم منطقيتها للاعتبارات التالية:
1-لا احد يتصور امكانية الاعتماد على ادارة واحدة للتعليم في منطقة في مثل حجم منطقة القصيم التي تبتدىء شرقا من الدهناء وتنتهي غربا بحدود المدينة المنورة على امتداد يقارب 600كم وتبتدىء جنوبا من حدود السر حتى حدود منطقة حائل على امتداد يقارب في المتوسط 200كم وهي مساحة واسعة تزيد على مساحة بعض الدول الاعضاء في هيئة الامم المتحدة وتبرر في حد ذاتها هذا التعدد الحاصل في ادارات التعليم.
2-لو قلنا بامكانية الاعتماد على ادارة واحدة على مستوى القصيم فان هذه الادارة سيكون لها بالضرورة فروع بجم ادارات التعليم الموجودة حاليا لان حاجة العمل والكثافة السكانية وتباعد اطراف المنطقة تتطلب ذلك وبالتأكيد ستكون هذه الفروع في المحافظات الهامة حيث توجد المرافق الحكومية الاخرى طبقا للتوزيعات الادارية، لكن عندما تكون الادارات الحالية فروعا للادارة العامة فانها ستكون مرتبطة بها في كل شيء مما يقلل كثيرا من جدواها ويحد من نشاطها كما هي الآن حال الفروع الزراعية والصحية والاتصالات وغيرها ليس هذا فقط بل ان ذلك سيعقد اجراءات العمل لان الادارات العامة لاتعدو كونها حلقة اتصال بين فروعها وبين الوزارات في كثير من الامور وغالبا ما تختص الادارات العامة لنفسها بنصيب الاسد من جملة ما يخصص للمنطقة بكاملها.
3-تعدد الادارات القائمة بنفس العمل يعد في عصرنا الحاضر ظاهرة صحية ومطلب حضاري له مايبرره حتى في المدينة الواحدة ففي الرياض مثلا: توجد وزارة الشئون البلدية وتوجد امانة مدينة الرياض وتوجد عدة بلديات فرعية ولم يقل احد ان ذلك اهدار للجهود والاموال وزيادة في الاعباء وتعطيل المعاملات مع انه يوجد في الرياض من هم اعلم منا من كبار المثقفين والاقتصاديين واهل الحل والربط.
4-اذا كان توزيع الامكانيات من خلال 3 ادارات للبنين و 5 ادارات للبنات لم يحقق العدالة المطلوبة بين المحافظات في نظر الاخوين فكيف يتحقق ذلك من خلال ادارة مركزية واحدة يكون المسئولون فيها غارقيين حتى آذانهم في مسئولياتها والتزاماتها التي لاحصر لها بحيث لو توفر لدى هؤلاء المسئولين كل النوايا الحسنة في توزيع امكانياتهم بطريقة ترضي الجميع فلن يكون بمقدورهم تحقيق ما يصبون اليه ليس في جانب الامكانيات من مدارس ومخصصات مالية فحسب ولكن في كثير من الاحتياجات الاساسية اللازمة لتشغيل المرافق التعليمية المرتبطة بهم في طول المنطقة وعرضها ولو كان هذا ممكنا لقامت الوزارة بما لديها من امكانيات وقدرات وا سعة بمهمة الاشراف والادارة المباشرة على مرافقها ومؤسساتها التعليمية ولتم الاستغناء عن كل الفروع والادارات المساعدة في مختلف المناطق.
5-مهد احد الاخوين لاقتراحه بقوله: كلما ازدادت المساحة التعليمية ازدادت الحاجة الى خدمة المساحة الزائدة بفرع او مكتب وادارة تعليم كوسيلة - لاغنى عنها - لتسهيل العملية التعليمية اداريا وماليا واشرافيا- ومع ذلك لم يمنعه هذا التفهم الصحيح لطبيعة التعدد الحاصل في ادارات التعليم ودواعيه ليس في منطقة القصيم وحدها بل في كل المناطق الادارية الثلاث عشرة لم يمنعه ذلك من تبني هذا الاقتراح الغريب الرامي الى دمج ادارات التعليم في ادارة واحدة ناسيا او متناسيا ان هذه الادارات وجدت اساسا وفقا لمفهوم : كلما ازدادت المساحة التعليمية ازدادت الحاجة الى خدمتها بفرع او مكتب او ادارة تعليم جديدة.
6-لايوجد في الوقت الحاضر تداخل او ازدواجية في الاجراءات او عرقلة في سير المعاملات بسبب تعدد الادارات لأن كل ادارة تعليم ترتبط بالوزارة او الرئاسة مباشرة كما انها جميعا تخضع لانظمة وتعليمات موحدة تحكم اجراءات النقل داخل المناطق اما النقل من منطقة الى اخرى فيتم عن طريق الوزارة او الرئاسة وفقا لضوابط محددة وبخصوص وضع المدرس الذي يتم اقصاؤه عن مقر اقامته عند نقله من منطقة تعليمية الى اخرى فليس مشكلة حقيقية لان وجوده اساسا في مكان قريب من مكان اقامته ناتج عن تعدد الادارات الذي يمكن اعتباره من هذا الجانب من مناقب التعدد لامن مثاليه, ولو اعتبرناها مشكلة حقيقية فلا يخلو محيط العمل من مشاكل مماثلة ومن ذلك اقصاء الموظف مئات الكيلومترات عن مقر اقامته عند الترقية او اجباره على التنازل.
واخيرا وفي ضوء ما تقدم لا اجد لهذا الاقتراح مايبرره الا ان يكون من قبيل:
الى خلينا دارهم مثل دارنا
سواتيك اعتدل الزمان او مال
فيكون الدافع والمبرر هو الرغبة في مساواة محافظات ومراكز المنطقة في المتاعب والمعاناة من ربطها بادارة تعليم واحدة وخلاف ذلك لا اجد لهذا الاقتراح مايبرره ولكن بالعكس اجد ما يبرر القول بضده ويدعو الى الانكار على كل من يتعرض للمرافق العامة بهذه الصفة لان هذه المرافق ما وجدت من اجل افراد بعينهم حتى يطالبوا ببقائها او ازالتها متى شاءوا ولكنها وجدت من اجل الجميع ولاعتبارات تتعلق بالمصلحة العامة واذا كان لاي احد من ملاحظات وتوجيهات تتعلق بأي مرفق فالمجال بحمدالله في بلد الحرية الحقيقية مفتوح امام الجميع ووسائل النشر المختلفة تفتح ذراعيها والمرافق العامة ذاتها تفتح الابواب والنوافذ وتعنى من خلال ادارات العلاقات العامة بكل ماينشر وتاخذه في اعتبارها وتتفاعل معه, لكن من غير المعقول ان يتذرع احد بالمآخذ والسلبيات في بعض المرافق ويتخذها وسيلة سهلة للمطالبة بتصفيتها ولو اخذنا بهذا المبدأ لوجدنا انفسنا في وقت من الاوقات بلا مرافق وبلا مؤسسات اسال الله ان يوفق الجميع لصالح القول والعمل.
محمد الحزاب الغفيلي
الرس

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved