Sunday 18th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 2 محرم


رداً على زاوية (أسرار الكتابة)
عجباً من إلقاء الكلام على عواهنه

عزيزتي الجزيرة
عودتنا جريدتنا الجزيرة على متابعتها وقراءة ما يسطره القائمون عليها من كتابات للقراء أو زوايا للكتاب ولئن كانت الجزيرة قد حلقت في عنان السماء من بين جرائدنا المحلية وخصوصا في صفحتها الموسمة بعزيزتي الجزيرة فلما لها من حيدة عامة وموضوعية تامة حتى ولو كانت على حساب كتابها المقربين أعني أهل الزوايا الثابتين الذين هم يعتبرون للجريدة ابناء وأصهارا وأما نحن فمتفرجون وأنصار فشتان مابيننا وبينهم ومع ذلك فحينما يرد احد هؤلاء المتفرجين على كتابها المقربين ترى الموضوعية واضحة جلية من خلال إخراجها لتلك الردود ولعل هذا هو السر في ازدهارها وتميزها على بعض الجرائد التي لا ترضى أن أحداً يرد على كتابها أو مراسليها.
عزيزتي الجزيرة طالعتنا صفحاتك يوم الخميس بتاريخ 22/12/1419ه بمقال حمل كثيرا من التخبطات والمغالطات للاستاذ عبدالباقي يوسف في صفحة الثقافية تحت زاوية (أسرار الكتابة) بعنوان (عالم الشخوص والشخصيات) ،ما أن قرأته حتى تذكرت الكاتب علي الشرقاوي الذي سبق أن رددت عليه على هذه الصفحة.
ولقد كانت كتابات وأفكار كل من الاستاذ عبدالباقي يوسف والاستاذ علي الشرقاوي توأمين من خلية واحدة (بويضة واحدة) وحري بكل كاتب قبل ان يرغم قلمه على الكتابة ان يتذكر ان هناك آلافا ممن سوف يقرأون ما كتب على اختلاف ثقافاتهم وميولهم واتجاهاتهم بل وعلى اختلاف دياناتهم حتى يعرف المخرج قبل ان يلج فأما كاتبنا الاستاذ عبدالباقي فقد سطرت انامله كتابات لا أتفق معه فيها وبيني وبينه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وارجو منه إن لم يقتنع بردي عليه أن أرى له رداً علي يقودني فيه إلى منزل الصواب فيريني من خلال نافذته شمس الحقيقة.
واستأذنكم أيها القراء لانقل لكم وعلى الهواء مباشرة عبر (محطة عزيزتي الجزيرة) هذا الحوار الهادئ مع ضيفي الذي تقدم ذكره ولن استدل عليه وأرجح ما ارمي إليه إلا بقول الله تعالى أو كلام رسوله صلى الله عليه وسلم أو بشيء من العقل الذي يوافق النقل فأقول:
ايها الكاتب الفاضل قلت في مقالك ما يلي (,,, إذن الفرد واي فرد هنا بمفهومه ومواقعه يعرف مالا يعرف غيره,, وأيضا ربما يعلم المجهول او شيئا من الغيب بحدسه,,,) فهذه مغالطة واضحة في علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله قال تعالى مبينا ان الغيب بجميع جزئياته لا يعلمه إلا هو سبحانه (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله) سورة النمل آية (65).
ولقد نفى الله عز وجل عن نبيه صلى الله عليه وسلم - الذي هو اطهر الخلق واشرفهم عند الله وأعلمهم وأصدقهم رواية ورؤيا - معرفته بالغيب قال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضراً الاماشاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء,,) سورة الاعراف (188).
فلا يمكن لاحد من الناس ان يعلم الغيب حتى الانبياء لا يعلمون الغيب إلا ان يخبرهم الله تعالى قال تعالى: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً, إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا) سورة الجن آية (26، 27).
أما ان كنت تقول إنني أقصد التوقعات فعليك حينئذ ان تمسك بزمام قلمك فتضع كل كلمة في موضعها الصحيح فكان حريا بك ان كان ذلك مقصدك ان تغير كلمة (يعلم) في قولك (يعلم المجهول او شيئا من الغيب) بكلمة (يتوقع) لان العلم نتيجة حتمية لليقين وعدم الشك والخطأ.
ثانيا: قلت (يجب علينا ان نحترم الناس أجمعين على مختلف مستوياتهم الفكرية والشخصية والاجتماعية والميولية وعلى هذأ لا يوجد اغبياء في العالم,, إلخ.
فهل تريد منا ان نحترم ونحب حتى الكافر المعتدي الغاصب أتريدنا ان نحترم من كان حربا لله ورسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد اتريدنا ان نحترم من أذله الله وعلق في رقبته الذل والخزي إلى يوم القيامة اما سمعت قول الله تعالى: (ومن يهن الله فما له من مكرم) سورة الحج آية (18).
أم تريدنا ان نحترم (رابين) أو (إسحاق شامير) أم الطاغية المجرم والسفاح الجبان (طاغية العراق),, لا أيها الاديب الفاهم ان هناك نقاطا حمراء وخطوطا عريضة في ديننا الاسلامي يجب ان نقف عندها والا نتعداها مهما يكن من شيء.
ثم قلت (وعلينا ان نعترف بأننا من صناعة الآخرين من صناعة افكارهم ورعشاتهم وطاقاتهم,,).
عجباً لك أخي من إلقائك الكلام على عواهنه جزافا واختيارك مصطلحات فيها عميق نظر وطويل تأمل!!
فمتى كنا صناعة ومتى كنا انتاج الآخرين الذين عنيت بهم (الغرب) من دلالة مقالك الطويل (لو شئت ان اثبت لك لفعلت ولكن خشية من الإطالة).
فمتى كنا انتاجهم ونحن عبيد الله وتفوقنا جاء بتوفيق الله ومتى كنا برعشاتنا التي صنعنا منها على يد الآخرين نفتخر فالرعشة لا تكون إلا من جبان يخاف ان يرمي العدو او خمار ثمل فلم يتمالك احاسيسه وأعصابه أو ميت يلفظ انفاسه فلم تكن ولن تكون الرعشة يوما من الايام مصدر فخر واعتزاز.
ثم قلت لقد صنعونا فكيف نحاربهم ونعيش في قطيعة عنهم ونتعالى عليهم وقد اطعمونا حليبهم وخبزهم وزيتونهم وبصلهم وعدسهم).
يا صاحب الاسرار: إننا للمرة الالف بعد الالف لم نصنع على ايدي الغرب بل نحن وإياهم خلق الله فأما الحليب الذي تغذيت به والخبز الذي تودمت به والزيتون الذي افطرت عليه والبصل والعدس الذي تعتمد عليه فوالله ما اطعمك إياها إلا الذي آمنك من خوف فما ارسلوه لك حبا ولا كرامة ولا اخلاصا ومنادمة بل لمصالحهم الشخصية التي خططوا لها ودرسوها واجتمعوا وتفرقوا لها وعليها.
ثم قبل هذا كله اين عقيدة (الولاء والبراء) التي أمرنا بها ديننا, إن المؤمن ينبغي له ان يلزم عواطفه وأشجانه ونفسه وهواه على شريعة الله فلا يحب ولا يبغض ولا يعطي ولا يمنع إلا لله فهذا نبيك صلى الله عليه وسلم يقول من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان متفق عليه من حديث البراء رضي الله تعالى عنه, ولم يرد في اي حديث ان تحب من اطعمك زيتونا أو ملأ جعبتك عدسا.
ثم أتيت بقاصمة الظهر حين قلت (ندين للعالم بتعلمنا اللغة والموسيقى) اما اللغة فلا اختلف معك فيها اما الموسيقى فقد جاء حكم شرعي ممن خلقنا ويهدينا السبيل بتحريمها افتلك إذاً نعمة يمنها علينا الغرب؟؟
ثم صرحت وما لمحت كعادتك حين قلت (علينا ان نحترم حتى اشخاص الروايات ان نحترم نبلييسيون لدى غريما لسهومن، وروكنتان لدى سارتر وميرسو لدى كامو وعائلة تيبو لدى مارتانم وقبيلة موهيكان لدى كوبر وأهل رانتزوا لدى اركمان والفلاح المنحرف لدى نيكولا والاخوة كراما زوف).
واستسمحك عذراً أن أبين للقارئ الكريم نبذة بسيطة عن بعض تلك الشخصيات التي طلبت منا ان نحترمها قبل ان أرد عليك فيها.
سارتر : فيلسوف وناقد فرنسي ولد في باريس من رواد (الوجودية) المتشائمة وابرز ممثليها وقد انحاز إلى بعض مبادئ (ماركس) من أقواله: الوجود مقدم على الذات او الماهية وأن للانسان مطلق الحرية في الاختيار, من رواياته (الايدي القذرة) ،(طرق الحرية).
كامو : أديب فرنسي تميز بقلق الجيل المعاصر وخيبته المتولدة من صدمة الحرب العالمية الثانية وعبر عن شعوره بعبثية المصير الانساني, من رواياته (الطاعون) و(الغريب).
كوبر : روائي أمريكي مسيحي من رواياته (آخر آل موهيكان) و(قاتل الآيائل) واكتفي بهذا تنزيها لاسماع القراء وابصارهم من اولئك القوم,.
وأعتقد ان هذا يكفي لان يعرف القارئ الكريم من هؤلاء الذين يجب ان نحترمهم في نظر كاتبنا,,!!
وفي الختام ارجو من كاتبنا الفاضل ان تنزل هذه الكلمات على فؤاده نزول القطر على لسان الظمآن في شدة الحر مع جفاف الارض.
وأرجو يا صاحب الاسرار الا تكون من اهل الاصرار الذين يستوحشون من الحق,, وان كان في كلماتي قصور او عدول عن الحق فأرجو ان تبينه لي فما أنا إلا واحد من بني آدم ممن طبعه الغلط وآفته النسيان,, شاكراً ومقدراً.
* قصيرة قصيرة هادفة
محمد بن عبدالكريم الشهرستاني أحد فلاسفة الاسلام بعد ان تبين له انه لم يجد عند الفلاسفة والمتكلمين إلا الحيرة والندم انشد يقول
لعمري لقد طفت المعاهد كلها
وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر
على ذقنه أو قارعا سن نادم
فرد عليه محمد بن إسماعيل الأمير بهذين البيتين
لعلك أهملت الطواف بمعهد
الرسول ومن لاقاه من كل عالم
فما حار من يهدى بهدي محمد
ولست تراه قارعا سن نادم
وفي ختام الختام أشكر عزيزتي الجزيرة مرة ثانية على اتاحتها مبدا الحوار الهادف للخير والصلاح.
محمد بن سعد الفصام
الخرج


رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved