Sunday 18th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 2 محرم


الملك عبدالعزيز رجل الحرب والإدارة
المواصلات والاتصالات في عهد المؤسس

وحّد الملك عبدالعزيز هذه الجزيرة مترامية الاطراف، ولكنه رأى ان معطيات التوحيد، ومنجزات البناء لاتتم وهذه الاجزاء غير مرتبطة ببعضها بطرق معبدة تيسر الوصول من جهة الى اخرى، دون عوائق طبيعية او عقبات جغرافية، اذ كانت المواصلات في تلك الفترة هي الخيل والابل وبعض الحيوانات الاخرى, فيلاقي المسافر العناء مادياً وجسمياً، اضافة الى وقت طويل مهدر حتى يصل المسافر الى بغيته، وبالذات حجاج بيت الله الحرام سواء من الداخل من المناطق البعيدة عن المشاعر المقدسة، او من خارج البلاد، حيث كانوا يلاقون الهوائل في سفرهم، ويهدرون وقتاً طويلاً حتى يصلوا الى مناسكهم، ناهيك عن التفكير في الاوضاع الاقتصادية وبالذات التجارة والتجار وكيفية ايصال البضائع مع قلة الايدي العاملة,.
لقد أولى الملك عبدالعزيز يرحمه الله المواصلات جل اهتمامه وعظيم عنايته، فهي روح الامن، واسس الاستقرار، ومرآة البناء والبعد الاستراتيجي الاقتصادي، تجارياً وصناعياً وزراعياً وحتى عمرانيا,, لذا امر جلالته بتأسيس,, مصلحة الطرق والمخابرات اللاسلكية وتتبع وزارة المالية، ومهمتها مزدوجة من حيث المواصلات الداخلية والخارجية، اضافة الى لاسلكية المخابرات كبرق وهاتف الخ,,
وهكذا يرتسم تفكير القائد في بعد نظره الثاقب حيث اراد - وتحقق له- الارتباط والربط داخلية البلاد ببعضها، وربطها بالخارج.
بدأت المصلحة اعمالها بكل جدية ونشاط، فاهتمت بمد الطرق وتعبيدها وتذليل العقبات وتسهيل المواصلات، وبالذات لحجاج بيت الله الحرام بناء على اوامر وتوجيهات الملك عبدالعزيز وزادت مهامها، وكثرت فروعها وتعددت مسؤولياتها، مما دفع القائد الى التوجيه بالامر بإنشاء وزارة المواصلات وعيّن الامير طلال بن عبدالعزيز اول وزيرلها، فاهتم بان يكون في منصبه الجديد كأول وزير للمواصلات عند حسن ظن وثقة الوالد الذي كان يتوق الى ارقى مستوى في المواصلات والاتصالات، فادخلت السيارات الى البلاد، وأنشئت محطات التزود بالوقود على الطرقات وزفلتت بعض الشوارع الهامة والرئيسية، ثم بدىء في خط الرياض الدمام الحديدي، وكانت رغبة الملك عبدالعزيز مواصلة العمل في السكة الحديدية حتى جدة، ولم ينس القائد فائدة المواصلات الجوية و البحرية، فامر بإنشاء اسطول جوي يربط بعض اجزاء المملكة ويربط المملكة بالخارج بأحدث الطائرات ولها هيئة خاصة - تكلمنا عنها في حلقة سابقة-، ثم اهتم يرحمه الله بالاسطول البحري فأمر بجلب سفن بخارية صغيرة، وزوارق لخفر السواحل ، اضافة الى باخرة كبيرة مجهزة بأحدث الالات والتكنولوجيا في ذلك الوقت.
اما المواصلات السلكية واللاسلكية فقد أولاها يرحمه الله اهتماماً خاصاً بعد ان ادرك فائدتها الجمة على امن واستقرار البلاد بالدرجة الاولى، فأمر بتشكيل مصلحة لها، ولأهمية هذا الجانب ادرك القائد ان تشغيل مثل هذه الاجهزة الحساسة والسرية لايجب ان تظل تحت سمع وبصر غير السعوديين، فأرسل مجموعة من الشباب السعودي للدراسة في هذه المجالات الدقيقة في دول اوروبا وامريكا وبعض الدول العربية.
وفي عام 1368ه انشأت الدولة محطة الاذاعة الكبرى في جدة وكانت منارة اشعاع لبث البرامج الدينية والثقافية والعلمية، مع نشرات اخبار معتدلة ومتزنة.
وهكذا وفي فترة وجيزة كان لتوجيهات القائد وحرصه اكبر الأثر على انشاء وتأسيس البنية الاساسية للمواصلات على مستوى ارجاء المملكة مدنها وقراها وهجرها,,واستمر التطور والعطاء والسير على نهج الوالد من أولاده البررة، واصبحنا في هذه المملكة الام ونتيجة لحرص ودعم ومتابعة الوالد القائد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وولي عهده الامين والحكومة الرشيدة نملك اكبر واضخم مشروع مواصلاتي من حيث الطرق على مستوى العالم العربي، بل ودول كثيرة من العالم الاول، خصوصاً وان هذه الدولة هي في حد ذاتها قارة ضخمة، وتملك تضاريس متباينة من الرمال المتحركة، والصخور الصلدة، والمنحدرات الشديدة، فاخترقت الانفاق الجبال، وتجاوزت الكباري الاودية الضخمة، وكم من زائر فاجأته هذه المشاريع العملاقة في فترة وجيزة على مستوى عمر الزمن.
د,صالح عون هاشم الغامدي
عضو الجمعية التاريخية السعودية

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
حوار
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير