قال أحد الشعراء وهو في السجن
سرى طيف من اهوى الى السجن مشفقا وقد كان قدماً لا يرق لإشفاق فما راعه الا القيود التي رأى عليَّ وقد قامت بحربي على ساقي فقلت له: هوناً عليك فإنها خلاخل مجد لاخلاخل للساقِ |
قلت: هذه همة بعيدة المنال، تستعذب السجن في سبيل تحقيق المجد، وترنو لغاية بعيدة المرام، ألا ترى هذا الشجن العذب، في حال هذا الطيف الشارد الذي يؤم السجن مشفقاً فما راعه إلا حرب القيود، وقد قامت بحرب هذا الاسير الماجد الذي لم تزده هذه الزورة الشاردة سوى تمكين وقوة، انظر إلى قوله:
فقلت له: هوناً عليك فإنها خلاخل مجد لاخلاخل للساقِ |
لقد قلب الشاعر صورة البؤس والهم الى صورة المجد والرفعة همم تعلو هام الضيم فتدفع الذلة، وتمحقها، لم تهن لفوات النعيم وزواله، بل استعذبت كدر السجن وهمه، لتستسيغ في ظلاله معاني المجد، ودواعي الرفعة، وكل ذلك اوحى في هذه الأبيات هاجس العزة والفلاح.
أ,د, عبدالله بن محمد بن حسين أبو داهش