Monday 19th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 3 محرم


يعتبر اندماج الأمريكي المتحد أهمها
الحوافز الرئيسية لاندماج المنشآت الاقتصادية
الدكتور/ مفرج بن سعد الحقباني *

يعيش العالم في هذه الايام حركة تنظيمية تستهدف خلق الاطار التنظيمي للعلاقات التجارية بين الدول من خلال منظمة التجارة العالمية وهي منظمة عالمية اريد لها ان تكون الضلع الثالث للمنظمات العالمية التابعة للأمم المتحدة بجانب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي,, ولقد جاءت هذه المنظمة بمبادئ رئيسة اهمها إزالة كافة الحواجز الجمركية وغير الجمركية امام عمليات التبادل التجاري وبالشكل الذي يضمن المنافسة العادلة بين المنتجات العالمية بغض النظر عن موطنها, ومما لا شك فيه فإن مثل هذا التنظيم سيفرض على المنشآت المحلية بيئة تنافسية جديدة يشترك فيها منتجون عالميون يمتلكون الخبرة الإدارية الكافية والتكنولوجيا اللازمة لتعظيم حصصهم الانتاجية والتسويقية عبر الحدود الادارية الكافية والتكنولوجيا اللازمة لتعظيم حصصهم الانتاجية والتسويقية عبر الحدود الدولية مما يحتم على المنشآت المحلية العمل الجاد لتحقيق التكيف اللازم مع البيئة الجديدة,, ولعل اندماج المنشآت المتنافسة بعضها مع البعض يأتي كأحد اهم عناصر العمل الجاد التي ربما تلجأ إليها المنشآت المحلية كمنفذ تستطيع من خلاله تنمية قدراتها التنافسية وتحسين وتطوير ادائها الاداري والانتاجي والتسويقي, ولقد شهدت السوق المحلية عددا من حالات الاندماج الهامة يأتي في مقدمتها اندماج البنك السعودي الأمريكي مع البنك المتحد تحت مسمى البنك السعودي المتحد وقد يتبعه الكثير من حالات الاندماج خاصة بعد ان تحقق المملكة العضوية الكاملة في منظمة التجارة العالمية, لذا فإن من المفيد ان نعرض فيما تبقى من هذا المقال بعض أهم الحوافز التي تقف وراء حالات الاندماج كوسيلة لمساعدة القارئ الكريم على فهم وتفسير هذه الحالات وذلك على النحو التالي:
1- الاندماج والربحية المتوقعة: مما لا شك فيه فإنه طبقا لنظرية المنشأة يعتبر تعظيم الربح الهدف الرئيس الذي تسعى المنشأة الى تحقيقه من خلال نشاطها الاستثماري, وبالتالي فإنه لا غرابة ان يحتل الربح العالي المتوقع الحصول عليه بعد الاندماج طليعة الحوافز الدافعة لاندماج المنشآت الاقتصادية, حيث انه من المتوقع بعد الاندماج ان تكون المنشأة الجديدة على قدر كاف لاستغلال اقتصاديات الحجم بالاضافة الى الحد من التكاليف الادارية والتشغيلية وبالتالي فإن الفرق بين الايراد الكلي والتكلفة الكلية يمكن ان يكون في وضعية افضل بعد الاندماج.
2- الاندماج ودرجة المخاطرة: تشير الدراسات الاقتصادية ذات العلاقة الى ان الحد من او تقليل درجة المخاطرة يعتبر من الحوافز الرئيسة وراء اندماج المنشآت الاقتصادية حيث من المتوقع ان تكون التقلبات في مستوى الربحية للمنشأة الجديدة اقل منها قبل عملية الاندماج, وبالتالي فإن هذا الحافز يعتبر مساندا وداعما للحافز الاول اي ان الاندماج لا يساهم فقط في زيادة الربحية بل وفي الحد من التقلبات غير المتوقعة في مستوى هذه الربحية.
3- الاندماج واثار سوق الاسهم: على الرغم من ان المقام لا يحتمل الدخول في تفصيلات حول هذه النقطة التي ربما لا تهم سوى المختصين، إلا أنه تجدر الاشارة الى حالات اندماج كثيرة تمت بين المنشآت التي تحظى بمعدل عائد مرتفع بالنسبة لسعر السهم والمنشآت التي لها معدل عائد اقل لكون ذلك يؤدي الى ارتفاع معدل العائد لجميع الاسهم بعد الاندماج يمكن ان يكون احد الحوافز الهامة لعمليات اندماج المنشآت الاقتصادية.
4- الاندماج واختلاف القيمة المقدرة للمنشأة: يمكن ان يحدث اندماج بين منشأتين اذا كانت المنشأة (أ) على استعداد ان تدفع سعرا للمنشأة (ب) يفوق السعر الذي تقدره المنشأة (ب) لنفسها وذلك لأسباب خاصة تقدرها المنشأة (أ) ومن هذه الاسباب اختلاف معدل العائد للسهم بين المنشأتين، اختلاف النظام المحاسبي بين المنشأتين والذي يمكن ان يؤدي الى اختلاف النظرة التقويمية للمنشأة (ب)، اختلاف القدرة الادارية بين المنشأتين، اختلاف طبيعة الملكية بين المنشأتين وغير ذلك من الاسباب التي تؤدي الى اختلاف النظرة التسعيرية بين المنشآت النشطة في سوق الاستثمار.
5- الاندماج ومستوى الفاعلية: كما قلنا سابقا فإن من المتوقع ان ينتج عن حالة الاندماج ما يسمى باقتصاديات الحجم والذي قد يأخذ الصور التالية: انخفاض في احتياجات التخزين، انخفاض في تكاليف النقل والتوزيع، انخفاض في تكاليف البحث العلمي والتطوير التكنولوجي نتيجة لتلافي الازدواجية، انخفاض في التكاليف التشغيلية والادارية مما يؤدي الى انخفاض التكلفة الحدية للوحدة الواحدة من المنتج الرئيس للمنشأة الجديدة,, وعليه يمكن ان تكون الفاعلية الادارية والتشغيلية والانتاجية احد اهم الحوافز لعمليات الاندماج بين المنشآت سواء كان هذا الاندماج افقيا او رأسيا.
6- الاندماج والقوة السوقية للمنشأة: يعتبر هذا الحافز من أهم الاسباب وراء معظم عمليات الاندماج حيث يؤدي الى زيادة حصة المنشأة الجديدة في السوق وبالتالي زيادة قوتها ونفوذها التسويقي والانتاجي والتسعيري خاصة اذا كان الاندماج من النوع الافقي الذي يؤدي الى انحسار المنافسة السوقية نتيجة لانخفاض عدد المنافسين.
وهنا نشير الى ان الحوافز السابقة تساهم وبشكل فاعل في تنمية قدرة المنشأة على تحقيق قوة سوقية فاعلة، فكما استطاعت المنشأة الجديدة الاستفادة من كل او معظم الحوافز السابقة كلما كانت حصتها في السوق اكبر وكلما كان نفوذها السوقي اكبر,, وكلما كان النفوذ قويا كلما كانت المنشأة قادرة على احداث التأثير المطلوب على المتغيرات الاقتصادية الرئيسة كالأسعار ونوعية المنتج ونحو ذلك وكلما كانت قادرة على لعب دور القائد في السوق خاصة في حالة فقدان السوق لحالة المنافسة الكاملة.
7- الاندماج ومعدلات النمو: مما لا شك فيه فإن جميع حالات الاندماج تنتج عن منشأة جديدة لها حجم مالي وسوقي يفوق ما كانت عليه المنشآت قبل عملية الاندماج والذي بدوره يساهم في زيادة معدلات النمو للمنشأة الجديدة، فجميع ما ذكر اعلاه يساهم في خفض التكاليف وزيادة الفاعلية الانتاجية والادارية للمنشأة، وتحسين المقدرة التكنولوجية اللازمة لعمليات التطوير الادارية والانتاجية والتسويقية وبالتالي فإن من المتوقع ان تتمتع المنشأة الجديدة بمعدل نمو مرتفع بالمقارنة بمعدلات النمو للمنشآت قبل عملية الاندماج.
8- الاندماج والنفوذ السياسي: يلعب الكثير من المنشآت دورا بارزا في تحديد هوية العمل والعاملين في المجال السياسي وبالتالي فإن بعض عمليات الاندماج تأتي كوسيلة لاحداث التأثير المطلوب سياسيا حيث تصبح المنشأة الجديدة ذات نفوذ اقتصادي مؤثر على المستوى القومي، وبالتالي فإن الغرض من عملية الاندماج ليس تحقيق اهداف اقتصادية في المقام الرئيس ولكن اهداف سياسية لا تتحقق سوى عن طريق النفوذ الاقتصادي القوي الذي ربما لا يتحقق إلا عن طريق الاندماج.
9- الاندماج والحرب الاقتصادية: قد يؤدي التناقض البارز بين السياسات الانتاجية والتسويقية والتسعيرية للمنشآت النشطة الى دفع احد المنافسين لشراء منافسة رغبة في القضاء على اسباب الخلاف او رغبة في القضاء على المنافس اقتصاديا,, ويحدث ذلك في الغالب عندما تكون المنشآت القليلة القائمة في السوق عاجزة عن احداث التنسيق المطلوب نتيجة لتعارض المصالح التي ربما لا تكون اقتصادية الطابع.
10- الاندماج والمنافسة الاقتصادية الدولية: يمكن اعتبار الاندماج بين الشركات المتنافسة كإحدى الوسائل الهامة التي قد يتم اللجوء اليها لتدعيم القوة التنافسية للمنشآت الاقتصادية خاصة في وجه المنافسة الخارجية وخاصة في ظل التغيرات المتوقعة التي قد تشهدها الاقتصاديات العالمية نتيجة لنشأة منظمة التجارة العالمية )WTO( وعليه فإن تدعيم القدرة التنافسية عن طريق الاندماج وعن طريق الاستفادة من كل الحوافز السابقة قد يصبح الحل الامثل لمواجهة المنافسة الشرسة التي لها معطيات مختلفة تختلف عن تلك السائدة في السوق المحلية.
واخيرا ، يجب ان نشير الى انه على الرغم من بروز العديد من الحوافز الداعية الى الاندماج الى انه يمكن القول بأن الاندماج بين الشركات المنافسة لا يعني بالضرورة الخير المطلق حيث من الممكن ان تؤدي حالات الاندماج الى احداث تغيرات هيكلية في السوق ربما تنتهي بتمركز النفوذ في محيط صغير من المنتجين قد يؤدي الى امتصاص فائض المستهلكين Consumer Surplus الذي يعتبر مؤشرا قويا على حالة الرفاهية الاقتصادية, وبالتالي فإن السلطات الادارية يجب ان تعمل على مراقبة الأسواق المحلية حتى تستطيع تجنب الحالات الاحتكارية التي قد تبرز على السطح الاقتصادي نتيجة لحالات الاندماج, يجب ان تتم دراسة هذه الاسواق وبالشكل الذي يتيح الفرصة للاندماج مع الاحتفاظ بدرجة عالية من المنافسة حتى نحافظ على حقوق مالكي ومساهمي المنشآت الاخرى.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved