Monday 19th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 3 محرم


البوارح
مأساة كوسوفا

المشاهد المروعة التي تنقلها لنا وسائل الاعلام من ارض كوسوفا تجعلنا نستعيد العصور الحجرية القديمة الغابرة يوم كان الانسان لا يقل قسوة وشراسة عن الوحوش التي يعيش بينها، ففي تلك الأزمان لم تكن هناك مبادىء وقيم تحكم العلاقة بين البشر، وفي العصر الحديث قدم لنا الأوروبي مناطق من آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية واستراليا باعتبارها اماكن يستقر فيها المتوحشون الذين لا يعرفون شيئاً عن القيم والاخلاق وهو ما استدعى منه (اي الاوروبي) الذهاب الى تلك الأماكن لاستعمارها بحجة تحضير وأنسنة سكانها.
غير أننا ندهش اليوم ونحن نرى العصور الحجرية ذاتها وما ادّعاه الاوروبي من تخلف لشعوب القارات التي اشرنا اليها يتبدى لنا في اوروبا المتحضرة، فهذا الموت والهلاك وهذه القسوة في التعامل تتم جميعها في منطقة كوسوفا وكانت من قبل في ارض البوسنة والهرسك، كل ذلك يجري تحت انظار شعوب متحضرة لم تستطع ان تعمل على ايقاف ذلك السلوك الوحشي الموجه ضد فئة اثنية ودينية مختلفة ولم تقو اوروبا على ان تتخلص من روح التحيز والتخوف من معتنقي الاسلام.
وفي غرة هذا السلوك الوحشي من شعب اوروبي ضد المسلمين في كوسوفا لم يكن هناك خيار امام اوروبا الا اللجوء الى الحل العسكري لحفظ ماء الوجه، فقد تأخر الاوروبيون كثيراً في حل مشكلة المسلمين الالبان في كوسوفا وقد كان في مقدورهم الوصول الى حل لو ارادوا ذلك قبل ان تصل الأمور الى هذا الحد من الخراب والدمار والتشرد.
انها العودة الى العصور الحجرية ولكن مع الاختلاف، فقد كان انسان العصر الحجري يميل الى العداء والى الانتقام ولا يأبه بقيم او اخلاق لان ذلك لم يكن متوافراً- فيما اظن - بين سكان الارض.
ولكن عندما يستخدم سلوك ذلك العصر في هذا الزمن الذي يقال ان القيم والاخلاق قد سادت فيه,, وفي قارة اكثر ما تهتم به هو قضايا حقوق الانسان، بل وقضايا حقوق الحيوان، فإننا نستغرق في حالة ذهول لا نعرف عندها كيف عادت العصور الحجرية بين جنبات اوروبا الحضارية؟.
د, دلال بنت مخلد الحربي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved