Monday 19th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 3 محرم


يارا
خبز التميس
عبدلله بن بخيت

من غير المعقول ان تخلو مدينة مثل لندن من خبز التميس, هكذا فكرت,, وعلى أثر ذلك بدأت أشكال ومحلات وأنواع خبز التميس تدور في دماغي بطريقة هادئة وناعمة ومدللة, فاجتاحني حنين لمدينة الرياض والى محلات خبز التميس ولكني قررت ان أوقف نفسي عن التمادي في رومانسية التميس, فبيني وبين محلات التميس آلاف الكليومترات إذاً لابد من مواجهة الحقيقة الساطعة والبحث عن التميس في لندن فأنا أعشق مدينة لندن ولا أتصور انها تخلو من خبز التميس.
وعليّ فقط أن أسأل هنا وهناك ولكن اذا أردت ان أسأل الناس فيجب ان أعرف موضوع سؤالي, فبدأت بالتحليل المنطقي لكلمة تميس ولم أجد أي دلالة عربية للكلمة, ولكني لاحظت ان هناك قلقا واضحا في استخدام الكلمة يتعلق بأل التعريف هل هو الخبز التميس أم خبز التميس أم خبز تميس , فأل التعريف لم تستقر مع تميس في أفواه العرب مما يعني ان هناك خلافا صريحا حولها, وقد سمعت ان البادية في المنطقة الشرقية يطلقون عليه الخبز السبكتاني: تحريفاً لكلمة باكستاني ومعنى هذا ان هناك من يظن ان أصل هذا الخبز هو باكستاني بينما يؤكد كثير من المطلعين ان أصل هذا الخبز هو أفغاني, وحتى اذا كان في الأمر قولان فسأميل مع من يقول ان أصله أفغاني, فليس من المعقول ان نصادر على الشعب الأفغاني مساهمته الأولى والأخيرة في الحضارة الانسانية وبعيدا عن التحيز العاطفي هناك دليل سيقبله الباحثون الأكاديميون الجادون فلو كان أصل التميس باكستانياً كما يزعم أبناء البادية في الشرقية لأنتشر في لندن مثل خبز النان ؛ فالباكستانيون يبسطون نفوذهم التجاري والثقافي على لندن.
لم أفكر في يوم من الأيام ان خبز التميس سوف يستولي على تفكيري خارج الوطن,, الحقيقة (مسكت معي حكاية التميس هذه) وبدأت أعد في دماغي مجموعة من (السيناريوهات) المختلفة للحصول عليه في لندن.
أولاً ان اتصل بالسفارة السعودية وأسألهم عن خبز التميس, ولكني فكرت بتاريخ علاقتي بالسفارات السعودية فمن الصعب ان تجد عندهم مساعدة في الأشياء الكبيرة فما بالك بشهوة صغيرة تتعلق بالتميس وبالتأكيد سوف يتهمني الموظف الذي سوف يرد عليّ بأني متوحم فصرفت النظر,.
السيناريو الثاني:
أن أتصل بالسفارة الأفغانية بصفتها سفارة الدولة التي أخترعت التميس ولكن الأمر سيبدو سخيفا كما لو أنني أتصل بالسفارة الألمانية وأسألها أين أجد سيارة على أساس أن ألمانيا هي مخترعة السيارة, فالأفغان اخترعوا التميس كما اخترع الألمان السيارة وتركوا الاختراع مفتوحاً للانسانية جمعاء, لتستفيد منه كما تشاء فبناء الحضارات شراكة بين الشعوب, فشكرا لكل الشعوب التي ساهمت في البناء الحضاري وشكرا للشعب الأفغاني على ابداعات التميس.
ثالثا: ان اتصل بالرياض واستعلم بدقة عن مكونات خبز التميس حتى أشرحها للانجليز فربما خبزوه لي,, ولكني تذكرت مشكلة أساسية وهي ان جميع الذين يقودون بزنس التميس في المملكة هم أفغان أو هنود, فالسعوديون مجرد متسترين,, لذا سأواجه نفس المشكلة اللغوية التي أواجهها الآن في لندن أي صبه أحقنه .
وبعد ان استنفدت امكانية الحصول عليه بالطرق الرسمية قررت ان أجوب الشوارع والمحلات التي يؤمها السعوديون واخواننا الأفغان, فلا يمكن ان تخلو هذه الشوارع من الفول على أساس القاعدة السعودية التي تقول إذا وجد الفول ففتش عن التميس .
ما الذي يمكن ان يفعله المرء عندما تحاصره شهوة صغيرة لا سبيل لإشباعها بالطرق المعتادة؟ بعد غد سنمضي قدما في قراءة مشكلة التميس على وجوهها المختلفة.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved