Monday 19th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 3 محرم


أضواء
مدخل لفهم عربي لمسارات النظام الدولي الجديد
1-3

القراءة المتمكنة للمتغيرات الدولية تجنب الدول الكثير من المآسي,, ولا نقول المشاكل, فالنظام الدولي الجديد الذي بدأ يتشكل واجتاز اختبارين، الأول نجح في حرب الخليج الثانية وتتكامل خطواته في البلقان وحتى في الشرق الأوسط، لأن الذي يجري الآن في البلقان هو تطبيق لمفهوم النظام الدولي الجديد الذي ينفذ على أيدي الذين وضعوه، فليس خافيا بأن هذا النظام هو انتاج أمريكي يترجم تفرد القوة الأمريكية كقوة دولية عظمى، والنظام الذي بدأت أولى ملامحه في السنة الأولى من العقد الأخير من القرن العشرين، أخذ يتشكل الآن أكثر فأكثر وأصبح له ذراع طويلة هو الحلف الأطلسي، إذ يقتصر دور الحلف الآن على معالجة الأوضاع في أوروبا وتكييفها لجعلها متوافقة مع مفهوم النظام الدولي الجديد الذي لا يمكن ان نعتبره نظاما سيئا بالمطلق، كما لا يمكن أيضا ان نعده نظاما مثالياً وايجابيا يمكن تعميمه، إلا ان المؤكد بأنه سيكون الأكثر مرجعية فيما سيأتي من سنوات,, على الأقل حتى تبرز قوة دولية تشارك أمريكا والغرب سطوتهما.
إذن فمن باب التفاعل مع المتغيرات الدولية، والقراءة الصحيحة لمسار العلاقات الدولية لدروبها المتشعبة من متسعها العالمي الأوسع الى موصلاتها الاقليمية ونهاياتها المحلية، هو التجانس مع المفهوم العام لهذا النظام الدولي وتوظيف نقاطه الايجابية والحد من تأثيراته السلبية, والمنطقة العربية -شئنا أم أبينا- هي احدى أهم الحلقات في الصراع الدولي حتى بين الأطراف الأساسية لمكونات الدول الحاضنة والمتبنية للنظام الدولي الجديد, وبتوضيح أكثر فإن الأمريكيين والأوروبيين لهم نظرات مختلفة وبعضها متباينة في بعض الأحداث والقضايا العربية، بل حتى الأوروبيون لهم اختلافات، بعضها جوهرية, وهذا ما نلاحظه في تعامل الأمريكيين والأوروبيين مع قضايا الشرق الأوسط، والمسألة العراقية والجزائرية والصحراء الغربية وما يجري في جنوب السودان, فالتباين والاختلاف شيء طبيعي, فبالاضافة الى تأثيرات المصالح والمنافع التي تجنيها الدول والتي كثيرا ما تجعلها تحجب رؤيتها السياسية وحتى الأخلاقية، كما نراه في تباين مواقف الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي في المسألة العراقية.
إذن فالمصالح كثيرا ما تعطل المنحى الفكري للخط السياسي, فالنظام الدولي الجديد -ان جاز التعبير- هو المنحى الفكري للخط السياسي الذي ينوي الغرب بالقيادة الأمريكية فرضه على العالم, وبما أن مفهوم ووعاء المصالح,, مفهوم متنوع,, ووعاء واسع، فمن مكاسب اقتصادية الى أسواق تجارية الى منافع استراتيجية.
وهذا يوجد نوعا من التوازن بين سطوة القوة لدى أصحاب ومتبني النظام الدولي الجديد,, والدول الأخرى التي وان سمحنا لأنفسنا بالقول بأنه بات عليها السير مع هذا النظام، فإنها لديها أسلحة ان وظفت التوظيف الذكي لأمكن لها صنع توازن يحقق لدولها الفائدة والحفاظ على سيادتها الوطنية وحقوقها,, وحقوق مواطنيها من خلال تبادل المنافع وفق مفهوم العصر,, مفهوم المصالح المشتركة.
كيف يمكن للدول العربية ان تستثمر ما تمتلكه من مقومات توازن وقوى استراتيجية ومخزون اقتصادي وتجاري للتواؤم مع النظام الدولي الجديد,, هذا ما نحاول تلمسه من خلال مناقشة قضايا عربية معاصرة من أهمها المسألة السودانية، والقضية الفلسطينية.
وغداً نواصل,.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser @ Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved