في اللّهب ,, وقد تحترق ,,! إبراهيم عبد الرحمن التركي |
(1)
** هي امرأة من لهب ,.
تتيهُ
تهيمُ
تقولُ
تصولُ
ليشقى الهوى
بائتلاف الوصالِ
وشوق المحالِ
** هي امرأة
من ذهب ,.
تسافرُ نحو
المساءِ البعيدِ
ومنفى العبيدِ
تسابقها سافياتُ الرمالِ
لظلّ الجبالِ
ولون الخيالِ
** هي امرأةٌ من زمان الصخب
وجمر الغضب
** هي امرأةٌ
للزمان العنيدِ
وحلم الجديدِ
ونبض الوريدِ
** هي امرأةٌ
من فضاءِ النصب !
***
(2)
إن الكلام مع النساء حضارةٌ
فإذا ذهبتِ فمن يعلمني الكلام,.
** هكذا شاء نزار قباني لديوانه (تنويعات نزارية على مقام العشق) أن يبتدىء ليتبعه بمقولة لعلي كمال - وهو طبيبٌ نفسيٌّ-:
* يستطيع الرجل أن يعيش دون امرأة، ولكنه لا يستطيع القول إنه كان حيّاً .
** ولا معنى للمضيّ في تعريف المعرّف او تأكيد المؤكد ، وما رآه هذان رآه سواهما حتى ممن آثروا العيش دون ارتباطٍ رسمي إذ ظلّ الرجلُ يبحث عن ضلعهِ وربما أفنى عمره قبل أن يعثر عليه!
** والسؤال المقلق في هذه القضية هو: عن أيِّ رجل نتحدث؟ وعن أيِّ امرأة ؟، والجواب السريع لن يتيح تنميطاً لمن يؤثرون الهروب من مواجهة الحقيقة فما كل ذكر يستحق، وما كل أنثى كذلك، وسادتُنا الشعراء من لدن هوميروس الى نزار لم يتفقوا على مواصفات قياسية موحّدة يمكن الاستهداء بها لتحديد النماذج المثالية من الهو والهي !
** وإذا كان الحب - وهو العلامة الفارقة في الحديث المكرور - يعني الرغبة في امتلاك واستعمال ما نراه جميلاً والتلذذ به - كما وصفه (ماريو دي كويكولا) - في القرن السادس عشر ، - كما ينقل بسام حجّار في كتابه (مديح الخيانة)- إذا كان كذلك، فلعلَّ الموقف الموازي لهذا التعريف سيقود إلى تبرير الفشل المتلاحق في العلاقات الإنسانية الوجدانية سواء في مؤسسة الزواج أو تحت مظلة العاطفة فلا أحد يريد العودة الى نظام الرّق وزمن العبيد !
(3)
** تظلُّ المرأةُ قاسماً مشتركاً في كل الأعمال الإبداعية فنقرؤها في القصيدة والقصة والرواية والمسرحية ، كما هي المنطلقُ في التمثيلية الإذاعية والمسلسل التلفزيوني والفيلم السينمائي ، ولم يعد الحدث قابلاً ليكون ثريّاً أو مُثيراً ما لم تجىء المرأة شاهداً على التفاصيل المتعددة التي قد يعني وجودُها داخلها وربما لا يعني، مما يجعل الهدف الأساسَ تائهاً وسط حكايات الغرام والطلاق وما بينهما من حكايات ذات وجوه تبدأ بالوعد وتنتهي بالوعيد !
** ولا تحتاجُ هذه الجزئية لتفصيل، فلنمضِ إلى ما تدفعنا إليه الريح لا إلى ما تشتهيه السفن !
***
(4)
رأيتُ تنافس الحسنين فيها
كأنهما لميّة عاشقان
اذا نطقت صبا عقلي اليها
وإن بسمت إليّ صبا جناني
** هذا رأي أحمد شوقي وشاركه إسماعيل صبري :
روحي على بعض دور الحيِّ حائمةٌ
كظامىء الطير حواماً على الماء
إن لم أمتِّع بميَّ ناظريَّ غداً
أنكرتُ صبحك يا يوم الثلاثاء
** وحتى طه حسين الكفيف ، كان موقفه متشابهاً:
* ولم يرضَ الفتى عن شيء مما سمع الا صوتاً واحداً سمعه، كان الصوت نحيلاً ضئيلاً، وكان عذباً رائعاً، وكان لا يبلغ السمع حتى ينفذ الى القلب,,, .
** وإلى جانب هؤلاء كان العقاد، والرافعي، ولطفي السيد، وزكي مبارك، وعبد العزيز فهمي، وشبلي شميل، وخليل مطران، وانطوان الجميل، وحافظ ابراهيم، وأحمد حسن الزيات، وسلامة موسى، واحمد زكي، وسواهم ممن ضمَّهم صالون مختلف مع امرأةٍ مختلفة!
** ويبتدىء السؤال ثم تتعثر الاجابة :
** فلماذا هي تحديداً، وفي مجايلاتها: هدى شعراوي,, وملَك حفني ناصف، وغيرهما؟!
** ولماذا هي بالذات، وفي تالياتها هُنَّ كثرٌ من عوادي يوسف وصواحبه ؟
** ولماذا هي والأخريات قبلها وبعدها يعشن في الهامش وإن أصمَّت الأسماعَ أصواتُهن؟!
***
(5)
** لا معنى لبحث هذا الموضوع، أو التفتيش عن الاجابة داخل متاهة المتغيرات الاجتماعية أو الثقافية، فليس الموضوع مجلساً مفتوحاً أو مغلقاً كما أنه ليس بعثاً لحوارٍ أزلي حول شبهات الاحتفاء بالأنثى طمعاً من الذكر ، فذلك - رغم تصدّره وسيطرته على هاجس الرجل في هيئته الرزينة والمتمرِّدة، المثقفة والجاهلة، الرسمية والشعبية - لا يحتاج إلى المزيد!
** وإذن فنحن أمام ظاهرةٍ مرّت ثم انتهت لتنضمّ - بتجربتها المتميزة,, إلى تجارب نادرة سبقتها إليها سكينة وولّادة والتيموريّة وليعود الحديث عن سبب ونتيجة ومؤشرات ومتداخلات مجتمعيّة دون أن يطال ذلك غياب الريادة أو ريادة الغياب !
(6)
** افتقد الرمزُ دون ريب، وبقيت الساحة الثقافية العربية خلواً من عمالقة كأولئك الذين لمّت شملهم عملاقة وبينهم من لا يُشكُّ في صفاء سريرته (كالرافعي - مثلاً )- حتى لا يقفز أربابُ الأحكام المسبقة الى تأكيد خللٍ بيولوجي عند المنتدين!
** لندع الأمر كما هو فلا زيادة لمستزيد، وبإمكان من بقيت لديه شكوك معيّنة أن يراجع مؤلفات مي (وهي تزيد على عشرة) ليدرك فكرها، وإبداعها، وربما عَنَّ له أن يقرأ ما كُتب عنها، وما سجله أصحاب ندوتها، وما فجّرته في دواخلهم (السحاب الأحمر، أوراق الورد، رسائل الأحزان مثلاً),.
ولكن هذا كله شأن آخر لا تود هذه الأربعاوية أن تقف عنده,,!.
(7/1)
** هل نحاول المقارنة ,,؟
* بالعزم والحزم,, لا ,,!
** هل نقفز إلى النهاية؟
* بالتأكيد,, لا ,, فقد بقي أمامنا التاريخ يُحيي الأثر ويذكِّر بالمؤثِّر ولا معنى كي ننسى المبدع ونحتفظ بحكاية المستشفى والاضطراب والعزلة فأمثالها عديدون، ومن كان منكم بلا,,,, !
** وإذن:
فلو كان الرجال كمثل هذي
لفضِّلتُ النساءُ على الرجال,.
** وهذه مستحيلة وسط مجموعات التسطيح والتورم - وما أسوأ اجتماعهما - حيث ابتلينا بمن يعتقدن أنهنّ مثقفات أو مبدعات أو باحثات او حتى كاتبات وهنَّ أنأى من ذلك كنأي الصين عن الطين !
** وإذا كانت المدارس قد علمت، أو الجامعات قد خرجت، فأمام بعض صاحباتنا طريق طويلة استطاعت إفرازات الطفرة الذهنية أن تضع لهن موقعاً داخل الدائرة الاعلامية فنسي الطين ساعة أنه طين ,,,!
(7/2)
** قد نجد الحقيقة قاسية لكنها تظل حقيقة مما يجعل الحكاية بحاجة إلى دراسة متأنيةٍ - وليس إلى تطبيل أو تجاهل - تضع في حساباتها أبعاداً مهمة لمزيد من التأمل لهذه الاستفهامات .
** ما هي المعايير التي تتخذ منطلقاً لإضفاء ألقاب فضفاضة حول إحداهن او أحدهم ؟,, وما هي النتاجات المنشورة التي يمكن الحكم من خلالها على إمكانات المنتج ؟
** وحين نؤمن أن البقاء للأصلح، وان المفترض إعطاء مساحات دون انتظار محصول فما هي الدراسات المنهجية (البعيدة عن المدارس المنمطة التي تهب من شاء ما شاء من درجات علمية او ترقيات ) التي نفذت إلى واقع الكاتبة رصداً وتحليلاً ونقداً؟.
** وإذا استطعنا التقاط النادر منها، فما هي الخطوات العملية لايجاد قنوات شرعية تتجسرُ - من خلالها - مسافات التيه بوعي وإخلاص وولاء لمكونات الأمة وثوابتها،؟,, وهل نظل نجهل أو نتجاهل حتى لا يبقى - أمامنا - سوى الجسور الهشة التي قد تقود الى الخطأ ؟
(7/ 3)
** ندرك أن الحواجز قد انتهت في عصر العولمة ، كما أن القضية قد خطت لتخطَّ ملامح جديدة في التوصيل والحوار الالكتروني ومواقع الانترنت ، وإمكانات تعزيز الصوت بالصورة وكُلُّها متغيراتٌ لا يمكن جهلُها أو تجاهلها !
** إن ما يخشاه كلّ صادقٍ غيورٍ أن نقتل تاء التأنيث بالاحتواء الامتلاكي آناً، وبالاحتفاء المشبوه آناً آخر ، ثم بالتصفيق لبعض، والتقزيم لبعض، وفي ذلك بل وفي شيء منه، إشكالات لا تقبل التسويف أوالإغفال ,.
** ويبقى ما قاله حافظ إبراهيم :
الحكم للأيام مرجعه
فيما رأيت فنم ولا تسلِ
وكذا طهاة الرأي تتركه
للدهر ينضجه على مهلِ
** التاريخ لن يتهاون ، والقضية - كما وصفتها مي زيادة نفسها هي عن تلك الزهرة النارية التي تُناول الدهورَ آمال المستقبل، وتنقل من ذريةٍ إلى ذريةٍ قبس الحياة العظيم ,.
|
|
|