Thursday 22nd April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 6 محرم


ذكرى سعيدة عنوانها: اصرف ما في الجيب,!!
الراتب الأول للموظف,, بين فرحة اللقاء، ومصاريف الالتزامات والهدايا

* تحقيق : منيف بن خضير
حينما يستدعى الموظف للتوقيع على مسيرات الرواتب لاستلام مرتبه الأول في مسيرته الوظيفية,, تتملكه فرحة عارمة، وتفرض ابتسامة السعادة نفسها على محياه بشكل واضح، ويتمنى في تلك اللحظات لوكان المكان خالياً حتى يعبر عن سعادته تلك بطريقته الخاصة,,
ربما يكون ذلك كله تفكيرا في هذا الراتب,, فيتساءل الموظف: ماذا سيفعل بهذا الراتب؟! وكيف سينفقه؟!
قد يتسلم الإنسان في مسيرة حياته الكثير من النقود، فالطالب الجامعي يأخذ مكافأة شهرية، وطالب المدرسة يأخذ (فسحة) يومية,, ولكن طعم الراتب الأول مختلف تماماً عند الموظف,, ونقصد الموظف (الكادح) وليس غيره!!
تعالوا بنا الى هذا لنتعرف على كيفية استقبال الموظف لراتبه الاول,, وكيفية توديعه!!
كبكات,, ونظارات شمسية!!
* هل للراتب الأول وضع مختلف؟ كيف تصرفت به؟!
طرحنا هذا السؤال على ضيوف التحقيق فماذا قالوا؟!
تحدث في البداية نواف الروعي (مدير مكتب مجلة المختلف بالرياض) حيث قال: بكل تأكيد له وضع مختلف لايمكن نسيانه,, ثم اضاف الروعي: وأول راتب وقع بين يدي هو راتب (طالب عسكري) وقدره (2800 ريال) لم تسعفني الفرحة في ذلك الوقت، وأحسست بالنشوة والانطلاق، ومداعبة خفية بمشاعري لاكتمال الرجولة,.
واستطرد الاستاذ الروعي قائلاً: صرفت نصفه مشتريات كهدايا ونصفه الآخر تبخر في سبيل الرغبات الطفولية المكبوته التي لم تر النور (نظارات شمسية,, عقال,, شماغ البسام,، ثوب,, كبكات) تجوب الشوارع (كعابي) على جسم نحيل لم يعرف تراكم الشحوم المتبلدة,.
فرحة خاصة!!
* الشيخ / حمد الأحمد (رجل أعمال - 65 سنة) يقول عن الراتب الأول: كنا في السابق نأخذ أجرتنا باليومية وأحياناً بالأسبوع ثم تطور الحال وأصبحت شهرية,.
ونظراً لاننا نعمل بأعمال كثيرة كالفلاحة والبناء والتجارة فقد كانت أجرتنا زهيدة,.
ولكن لم يكن لنا غيرها ولها فرحة خاصة حيث أنها هي مصدر رزقنا,, والراتب الأول لابد وان يكون للوالدين نصيب منه,.
* ويتفق / عقاب بن نايف التمياط (مدرس) ان للراتب الأول فرحة لاتغادر الذاكرة بسرعة,.
ويقل التمياط: كنت طبعاً مثل أقراني نحصل على (النقود) من والدينا وفي الكلية صرفت لنا مكافأة دراسية شهرية,.
ولكن حينما استدعاني مدير المدرسة لاستلام اول راتب لي,, شعرت بفرحة غريبة تتسلل عبر جسمي، ليست فرحة بالمال بقدر ماهي فرحة بتحقيق امنية معينة, أو الشعور بالمسؤولية,.
لا أطيل عليكم بعد ايام كان الراتب جميعه في خبر كان!!
خروف وهدايا !!
* هل تتذكر كم كان الراتب الأول؟ وما ضريبته؟!
طرحنا هذا السؤال على عدد من الضيوف فأجاب في البداية المشرف التربوي / عبدالله بن سليمان الدبيخي (التعليم الفني بالقصيم 50 عاماً)
كان أول راتب استلمته (1300 ريال) وكان ذلك في عام 1390ه ويقول الدبيخي: كنت الوحيد انا ومدير المدرسة من يستلم هذا المبلغ اما بقية المعلمين من السعوديين فكانت مرتباتهم مابين (400 ريال و600 ريال),.
وأتذكر انني في اول راتب اشتريت (ذبيحة) ب 150 ريالا وقدمتها هدية لزملائي المدرسين في المدرسة.
أما في المنزل فقد ذبحت ذبيحتين ابتهاجاً بالمرتب الاول والذي انتظرته العائلة وليس انا فقط.
اما الجزء الباقي من الراتب فوزعته على الهدايا وتسديد بعض الديون الصغيرة، باختصار (والكلام للدبيخي) خلال يومين تم صرفه كله!!
* صالح العصفور (مشرف رياضيات بتعليم الشرقية) يقول أول راتب تسلمته كان (600 ريال) وقد صرفته كاملاً مع الوالد والوالدة وبقية الأهل، وفي شراء بعض الهدايا والمستلزمات,.
ورصدت جزءا منه كسلفة رددتها لصديق كنت قد تسلفت منه قبل الوظيفة.
أحتفظ ب 10 ريالات من أول راتب!!
* الموظف / محمد رهيمان الرويان يقول: اتذكر اول راتب جيداً، وأتذكر كذلك كيف تصرفت فيه ريالاً ريالاً,.
اما قيمة راتبي الاول فهذا ليس مهماً, ولكن المهم انني لازالت الى الآن أحتفظ بعشرة ريالات ورقية من أول راتب تسلمته كذكرى لن أفرط بها.
طبعاً الراتب الأول الكل ينتظره العائلة والاصدقاء والذين يطالبون بوليمة تليق بهذه المناسبة، لذلك كان لزاماً على الوفاء بهذه المطالب, بالإضافة للهدايا النقدية والعينية التي وزعتها على افراد العائلة وأولهم الوالد والوالدة!!
(200) للبقالة,, و(50) ريالا مكالمة للأهل!!
طرحنا نفس السؤال على مجموعة من غير السعوديين فتفاوتت اجابتهم مابين الصرف والادخار!!
* قاسم يوسف علي منصور (كاتب تذاكر) مصري يقول عن أول راتب:
كان ذلك في شهر 12 عام 1989 وكان (800 ريال)، سددت منه (500 ريال) لأحد اقربائي كديون سابقة.
ومبلغ (200 ريال) للبقالة ثمن حساب شهر كامل، ودفعت (30) ريالا لمتسول لقيته في الطريق!!
و(50) ريالا قيمة مكالمة اجريتها للأهل في مصر ابشرهم بهذا الراتب الذي بدأ يترنح وفي رمقه الأخير,.
وبعد أيام توجهت للبقال (في الحي الذي اسكن فيه) وحينما رآني ابتسم وفتح صفحة حساب جديدة!! وكأنه يعلم بمصير هذا المسكين المسمى بالراتب الأول!!
ادخار تحويل
* عادل أحمد (موظف استقبال بشقق مفروشة بالرياض) سوداني يقول عادل: اول راتب تقاضيته كان (350 ريالا),.
فسألناه والابتسامة مرتسمة على وجهه: ماذا فعلت به؟!
فقال : حولته طوالي !! يضحك.
*عبدالكريم سني (عامل نظافة) هندي يتذكر اول راتب تقاضاه في المملكة وكان (300 ريال).
ويقول عبدالكريم: نحن نعتبر هذا المبلغ كبيراً نظير ماننتقاضها في بلادنا.
طبعاً حولت الى زوجتي وأهلي مبلغ (250 ريالا) واحتفظت ب (50) ريالا لمصاريف الأكل والمعيشة.
* محمد حامد (مدرس) - مصري يتذكر اول راتب تقاضاه كان بحدود (400 ريال) ويضيف محمد صرفت جزءا منه في امور خاصة,, والباقي طبعاً ادخرته من أجل الزواج.
ويقول محمد أما اول راتب استلمته في السعودية فأيضاً حولته الى عائلتي بعد أن خصمت منه قيمة الايجار والمعيشة, ويضيف محمد استغرب ما أراه من تصرفات بعض زملائي المدرسين السعوديين من عدم اهتمام بالراتب الأول، وضرورة ذبح خروف للزملاء في المدرسة بقيمة (400 ريال)!!
ولو وفروا هذا المبلغ من أجل تكاليف الزواج او شراء سيارة لكان أفضل!!
فرحة الراتب الأول سابقاً أكثر من الآن!!
* يقول الشيخ / حمد الأحمد الفرحة في الراتب الأول سابقاً طبعاً افضل من الآن كثيراً لعدم وجود مصادر أخرى نحصل منها على المال مثل شباب اليوم والذي ربما لايعني لهم الراتب شيئاً.
كذلك كانت الاسعار رخيصة في تلك الأيام، واقتناء راديو مثلاً يمثل لنا قمة الفرحة في تلك الايام لسماع القرآن الكريم والأخبار.
* ويوافقه الشاب / عقاب بن نايف التمياط حيث يرى ان الشاب اليوم يحصل علىالنقود مبكراً عن طريق والده أو والدته الموظفة وله مصروف يومي واذا ماوصل الجامعة او الكلية تكون له مكافأة حتى اذا تخرج لم يتغير عليه شيء كثير.
صحيح ان الراتب الأول فرحة لن تتكرر للموظف, ولكنه سابقاً في رأيي كان افضل.
* ويرى الموظف / محمد الرهيمان ان راتب اليوم يعتبر ضئيلاً بالمقارنة بما ينوي الموظف شراؤه, فالموظف يطمح بشراء منزل وسيارة وراتبه لايساعده على ذلك.
لذلك فرحته تصبح محدودة.
أما في السابق فيستطيع الموظف شراء كل مايحتاجه وزيادة من مرتبه!!
* نواف الروعي (مدير مجلة المختلف الشعرية بالرياض) يختلف مع الجميع ففرحة الراتب الأول هي هي لم تتغير سابقاً وحاضراً.
فالراتب الأول يعني اكتمال الرجولة وفرحة المسؤولية,.
وقد يكون راتب موظف اليوم الأول أدعى للسعادة من زميله موظف الامس لكثرة الكماليات والمغريات المادية التي يستطيع الموظف اقتناء ما نياسبه ويريده منها كالكمبيوتر والساعات والملابس وغيرها,.
نصيحتنا لمن ينتظر الراتب الأول!!
ترى بعدما جربوا الراتب الأول,, ماذا ينصحون من ينتظره الى الآن ولم يجربه بعد؟!
* يقول المشرف التربوي / عبدالله الدبيخي: أنصح الموظف بصرفه حالاً!!
والتمتع به وأرى انه من المستحيل ادخار جزء منه لأنه أول راتب والموظف في هذه الحالة له مطالب وأمنيات يتمنى تحقيقها, ولكن انصح من ينتظر الرتب الأول ألا يرهق نفسه بالديون قبل استلام الوظيفة,, حتى يتمتع بتلبية رغباته وطموحاته,.
كما أنصح من يتسلم الراتب الأول ان يجعل لوالديه نصيبا منه، وكذلك لاخوانه واخواته حتى تحيط به البركة بإذن الله ثم ببركة دعاء الوالدين.
* حمد الأحمد يعتبر الشاب الناضج هو من يدخر ولو جزءا من مرتبه للمستقبل وقت الحاجة,, ولامانع من تقديم الهدايا للاهل والاصدقاء وسداد ديونه ان وجدت.
* ويوافقه في ذلك قاسم يوسف منصور (مصري) ويرى اهمية الادخار من المرتب الأول فهو الاساس ومابني على صحيح فسيستمر الموظف عليه.
ويضيف قاسم عندنا مثل في مصر يقول: القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود,,.
* اما الموظف / محمد رهيمان الروبان فيخالف قاسم تماماً ويؤكد ان معظم السعوديين فشلوا من الاستفادة والادخار من الراتب الاول، ولعل السبب يعود في نظري الى تراكم الديون عليهم قبل الوظيفة, فالبقالة تطلبهم كذا والمغسلة كذا, وهكذا,.
* صالح العصفور يقول: ليست هناك نصيحة معينة لمن ينتظر الراتب الأول,, فالناس اجناس كما يقال ولكل شيخ طريقته,.
ولكن أؤكد انه لابد ان يكون للوالدين نصيب من اول جهد لابنهم,.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved