Thursday 22nd April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 6 محرم


ليس إلا
نوبل مرة أخرى

انه مات
انه مات وجفت رحلته
انه مات وواراه الثرى
حيث مات
حين غاب لهيب المدفأة
كل شيء كان يحكي النبأ
كيف يمكن للقارىء ان ينظر الى الاشطر الثلاثة الاولى من حيث تكرار انه مات ؟ وكيف تجف الرحلة؟ هل هي رطبة؟ هل رحلة العمر مبلولة مثلا؟ وكيف نقطع وزن الشطر الخامس حين غاب لهيب المدفأة ؟ هل هذه غلطة مطبعية اصلها حينما غاب لهيب المدفأة ؟ واذا كان العمر قبل قليل رطبا مبلولا فكيف استحال هنا الى حطب يحترق مثلا او مدفأة نفط، في الحالين غير رطبة ؟ وكيف تستقيم قافية النبأ حتى على فرض مد الهمزة مع المدفأة ؟ ولا يفيقنا من هذه الاستعارات العجيبة سوى شطر آخر وأرى الموت فأعوي! من سمع بالذئب يعوي عند رؤية الموت، بله الانسان؟!.
تلكم كانت قراءة نقدية كتبها الناقد العراقي المعروف عبدالواحد لؤلؤة لقصيدة الشاعر المصري المعروف صلاح عبدالصبور أبي موردا امثلة غير قليلة من اضطراب الوزن عنده, ويستشهد لؤلؤة في هذا الصدد بمواطنه الشاعر المعروف بدر شاكر السياب الذي قال: ان عبدالصبور مختل الوزن غالبا .
مناسبة هذا الحديث هي ماحدث مؤخرا في معرض القاهرة الدولي للكتاب حينما انسحب الشاعر ادونيس من ندوة كانت تجمعه مع الشاعر احمد عبدالمعطي حجازي وقد كان انسحابه احتجاجا على النقد الذي تعرض له من حجازي حيث ذهب ادونيس الى فندقه وحزم حقائبه مغادرا القاهرة.
وليس الامر كذلك فقط، فمعرض القاهرة الدولي للكتاب في سنواته السابقة كان كثيرا مايعلن عن حضور ادباء وشعراء من الشام والعراق حينما اقول من الشام فالمقصود من ادباء لبنان وسوريا والاردن وفلسطين للمشاركة في الامسيات الثقافية التي يقيمها المعرض الا انهم دائما يتغيبون دون ان يعرف الجمهور السبب وراء ذلك.
المنافسة الشديدة بين ادباء الشام والعراق من جهة وادباء مصر من جهة اخرى هي من الاسباب التي ادت الى مثل هذا النوع من الجفاء بين الفئتين، لكن من الواضح -والجمهور لايعرف ذلك- ان هذه المنافسة قديمة اذ ان دراسة لؤلؤة الآنفة الذكر تستشهد برأي السياب في عبدالصبور، اي مع بداية الشعر الحر في الادب العربي الحديث.
واحتدت المنافسة التي نتمنى ان تكون شريفة بين الفئتين بعد ذلك ووصلت الى أوجها بعد ان خطف الروائي الكبير نجيب محفوظ بكل جدارة واستحقاق جائزة نوبل للآداب كأول روائي عربي يحصل على هذه الجائزة العالمية الكبيرة، كما نتمنى في الوقت نفسه ان تأتي ثمار هذه المنافسة الشريفة بفائز نوبلي عربي آخر من دون ان نهتم جميعا لأي الفئتين ينتمي هذا الاديب.
المنافسة الشريفة امر محمود، لكن ان تؤثر هذه المنافسة على علاقات الادباء بين بعضهم البعض، مثل الذي حدث بين ادونيس وحجازي، فذلك امر ليس له مايبرره، اذ لابد من التواصل بين الادباء, فلو نظرت على سبيل المثال الى الادباء الفرنسيين والألمانيين، وعلى الرغم مما حدث بين فرنسا وألمانيا، فانك لن تجد ألمانياً او فرنسياً يستحق اسم الاديب ويجهل او يتجاهل مالدى الاديب في البلد الآخر هذان لايتكلمان لغة بعضهما ونحن نتكلم لغة واحدة.
ثم، حول ماذا تدور هذه المنافسة؟ ولماذا لاتمتد هذه المنافسة بحيث تكون مثلا بين الراحل جبرا ابراهيم جبرا وجابرييل غارسيا ماركيز بدلا من ان تكون بين محمود درويش ومحمد ابراهيم ابوسنة؟ ان تكون عملاقا في الادب لايعني ان تكون قيما على الثقافة التي تنتمي اليها، كما ان التعصب لشاعر دون آخر هو عصبية جاهلة وتخلف حضاري ليس لهما مكان في الفكر والثقافة منذ عصر جلجامش وليس في عصر الانترنت فقط.
بقى ان نقول ان ذلك كله يحدث داخل الطبقة التي تسمى نفسها مثقفة.
والسؤال الذي يفرض نفسه: ماذا بقي للطبقات الاخرى؟
ذلك سؤال للتأمل فقط، ليس الا!
خالد العوض

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved