Thursday 22nd April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 6 محرم


زاهد المالح في جديده
مصور جوال يلتقط الجميل والمثير

*الكتاب : مأدبة في الهواء الطلق.
*المؤلف : زاهد المالح
*الناشر : الاهالي.
صدر للشاعر السوري زاهد المالح مأدبة في الهواء الطلق وهي المجموعة الشعرية الثالثة وقد احتوت المجموعة على ما يقارب الستين نصا، ومقدمة نقدية للشاعر شوقي بغدادي الذي يرى ان الشاعر يعود، من خلال هذه المجموعة، الى صوته الداخلي الصافي بعيدا عن التشويش الذي تحدثه عادة الاصوات الاخرى التي تشكل الطابع العام للذوق السائد والرؤية الغالبة.
والنصوص التي اشتملت عليها المجموعة اشبه بمقطوعات قصيرة يبدو فيها الشاعر بحسب بغدادي، مرة كمصور جوال يبحث عن اللقطات الجميلة المثيرة الخاطفة دون ان يتوقف عندها طويلا مركزا على تفاصيل قليلة ولكنها احفل بالمغزى محرضا القارئ وقد اخذته متعة المشاركة على ان يكمل الصورة من عنده كل ذلك بأسلوب شعري بعيد عن الافاضة والاسترسال وعادات الكلام الشعري المتداول.
وفي قصائد اخرى يبدو كما يستطرد المقدم، كعازف منفرد على الناي يوقع الحانا قصيرة شجية للطبيعة الساحرة حياله او للمرأة الجليلة الغامضة تعبر به او تواجهه في نافذة او شرفة حيث يقترب اسلوب التعبير من المناجاة بعد ان كان تصويرا فقط,, غير انه في كل ما يطرحه لنا يبقى انسانا واحدا منسجما مع نفسه ومع الحياة محتفلا بوجوده ككائن حي وبما تهبه طاقة الحياة نفسها لمجرد اننا على قيد الحياة من طلاقة وحيوية ورغبات متأججة في احتواء الدنيا جمعاء بين ذراعينا في رقصة فرح,, هكذا تتماهى الاشياء في الطبيعة مع المرأة او الناس الآخرين فتتداخل وتتوحد في رؤى جمالية واحدة وهذا التوحد ينعكس في اكثر من مقطوعة ذلك ان الشاعر يكتشف بفطرته ان هذا التوحد هو المنفذ السري الاعمق الى جمال الوجود المحتجب بانشغالنا عنه بما هو عابر وغير اصيل.
على صعيد العلاقة بالمرأة في هذه المجموعة، فهي كما يطرح بغدادي، لم تعد غزلا بالمعنى التقليدي للكلمة وانما هي تعبير عن توحد من نوع آخر يتقارب فيه الرجل والمرأة دون ان يكون السبب في ذلك هو الحب بمفهومه الشائع وانما هي علاقة من نوع آخر اشبه ما تكون بعلاقة الطفل بالاشياء اللطيفة او الفضول البريء في اكتشاف الجنس الآخر كما في مقطوعة النافذة حيث تبدو المرأة نائية وقريبة في آن واحد.
ويتساءل الشاعر الكبير شوقي بغدادي لكن كيف يكتب زاهد المالح؟ او بتعبير آخر كيف يرى الاشياء، وبالتالي كيف يعبر عنها؟ ثمة شعراء يرونها كخطباء او وعاظ او معلمين او فلاسفة وقد تجتمع هذه الادوار او بعضها في شاعر واحد ومن هنا اختلاف ادوات التعبير وتنوع الاشكال الفنية وبهذا المعنى لا اجد لقبا يناسب ما قرأته له افضل من لقب المصور الجوال كما اسلفت او بعبارة ادق المصور السينمائي الجوال والذي لا يقف طويلا على المشهد - اي مشهد، فكل مقطوعة من شعره تنفتح اول ما تنفتح على مشهد بصري حي، ثم تتحرك الكاميرا ومن خلال حركتها تولد الصور المتحركة وتولد معها التراكيب اللغوية المناسبة لها طولا وقصرا وسردا أو استفهاما او ترجيا او مناجاة حتى لتبدو القصائد كلها مقطوعات قصيرة اشبه ما تكون باللقطات السينمائية المصحوبة بكل ما يلزمها من مؤثرات صوتية وألوان ومداخلات كلامية غير مطولة ثم يختمها بقفلة من نوع السياق التصويري الذي بدأبه,, ولهذا السبب لانجد بين ايدينا سوى ملامح لغوية إذا صح التعبير لجمل كثيفة عميقة الاغوار من حيث مغزاها وما تتركه من انطباعات ولكن بأقل ما يمكن من الكلام كل ذلك دون ان يغادر الايقاع الموسيقى في تراكيبه من حيث استخدامه التفعيلة ولكن من دون اهتمام كبير بالتقفية.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved