بحمد الله تعيش المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها على هدى من الشرع الحنيف، ويعيش شعبها تحت مظلة حكومة دستورها القرآن وقدوتها خير الخلق أجمعين لا يحكمها الهوى ولا يشرع فيها ما يهدم الأخلاق ويفسد كينونة الأسرة, وحكومتنا الرشيدة في كافة دوائرها ومصالحها الحكومية والخاصة لا يسن فيها نظام غير هدى ولا يتخذ فيها قرار يخالف شرعا أو يعارض ثوابت اجتماعية محافظة واضحة وصحيحة, ان ما دفعني الى ان استهل حديثي اليومي بهذه الأسطر هو ذلك التوجه الذي تعكف شركة الاتصالات السعودية حاليا على انجازه والمتمثل في مشروع احداث مكاتب اتصالات نسائية تقدم خدماتها للمشتركات من النساء، حيث سيتولد عن ذلك إحداث العديد من الوظائف النسائية غير الضرورية في الوقت الذي يتجاوز اعداد الشباب الذين تقدموا لشركة الاتصالات للحصول على فرصة عمل ولم تلب طلباتهم الآلاف فهل أخذت شركة الاتصالات السعودية هذا التوجه بعد دراسة مستفيضة لكافة ملابساته وجوانبه.
ان هناك استفسارات كثيرة لن يجيب عنها من يقف وراء الفكرة واسوق بعض السلبيات للايضاح فقط لمن لم يتبين له الأمر.
أولا: تسعى شركة الاتصالات السعودية حاليا وبخطى باركها الجميع بقضاء كافة الخدمات عن طريق الهاتف دون الحاجة الى مراجعتها وذلك عبر مراكز العناية بالمشتركين والمشتركات وسيكون هناك نقلة كبيرة للمجتمع ولشركة الاتصالات فلماذا التناقض والتعارض اذاً؟.
ثانيا- ليس هناك حاجة ملحة لفتح مكاتب خاصة بالسيدات فالهدف المنشود متحقق في كل مكتب من مكاتب خدمات المشتركين حيث يوجد للسيدات مكان خاص بهن يحافظ على حشمتهن وعلى سبيل المثال يوجد في مدينة الرياض اكثر من عشرة مكاتب لخدمات المشتركين,, تتم فيها الخدمة للرجال والنساء بخصوصية كاملة وهناك توسع قادم في المراكز التجارية لافتتاح مكاتب جديدة.
ثالثا- يمكن قضاء حاجة المرأة في الخدمات الهاتفية عن طريق محارمها، ثم هل بلغت أعداد النساء المنقطعات اللواتي لا يعولهن رجل ولا يوجد لديهن محرم يقوم على حاجتها الى الدرجة التي يستحق أن تقوم شركة الاتصالات السعودية بفتح مكاتب نسائية تخدم الترف وتزيد من الأعباء المالية للشركة, ومصداقية لذلك يمكن دراسة قاعدة البيانات 905 لنعرف عدد النساء اللاتي لديهن هواتف حتى تظهر الصورة ويتضح مدى الحاجة الفعلية لانشاء مكاتب الاتصالات النسائية.
رابعا- ان انتاجية المرأة الوظيفية في اعمال لا تخصها قد تكون متدنية قياسا الى طبيعتها الفسيولوجية وما يعترض زمنها من تأخير وغياب وضعف ومشاغل زوجية وأسرية وعواطف وضغوط نفسية وهذا قد يرفع كلفة العمل الذي تؤديه من ناحية اقتصادية على الشركة.
خامسا - يختلف دوام شركة الاتصالات عن الدوام في بقية أجهزة الدولة الأخرى بطول فترة الدوام 7,30-3,30 وهذا قد يؤدي بالتالي الى سلبها من منزلها وكينونتها الأسرية ومن ثم الاسهام في عدم استقرار الكثير من الأسر وهو الأمر المميز الذي تعيشه هذه البلاد في ترابطها الأسري وانسجامها الاجتماعي.
سادسا- هل فكر المسؤولون في شركة الاتصالات بالكيفية التي سيتم من خلالها التدريب على اسلوب الخدمة والتشغيل والصيانة بالنسبة لمن سيتم توظيفهن من السيدات في مكاتب الاتصالات, أعتقد بأن ذلك قد يؤدي الى الاختلاط بكافة صوره الهاتفية والبدنية والعملية.
سابعا- من ناحية أمنية هل خروج المرأة من منزلها لتنعم بالخدمات الهاتفية أو التي ستعمل في مكتب الاتصالات خصوصا عند تطبيق نظام الورديات ليس له عواقب أمنية تقود الى عواقب قد لا تحمد عقباها.
ثامنا- ان من الأمانة العملية ان نصدق ماعاهدنا الله عليه وعاهدنا ولاة الأمر عنده فما الأمر الذي يدفعنا الى فتح مكاتب نسائية ودولتنا الرشيدة قد أوجدت مشكورة مجالات نسائية متعددة لتوظيف المرأة تكفل لها حشمتها وحياءها ودينها وعرضها, وبالتالي فإن اثارتي لهذا الموضوع ليس القصد منها الاعتراض على توظيف الفتيات والسيدات،, بل على العكس فأنا من المؤيدين للتوجه الرامي الى مشاركة المرأة السعودية في بناء وطنها من خلال مختلف الوظائف التنموية الضرورية، دون الاقتصار على الوظائف الصحية والتعليمية منها طالما ان ذلك يتم في ظل بوتقة شرعية تكفل للمرأة كرامتها، ولكنني لا أتفق مع توظيف المرأة في بعض الوظائف اما لعدم اهميتها أو لعدم وجود الحاجة الماسة لذلك كما هو الحال بالنسبة لتوجه شركة الاتصالات بفتح مكاتب خدمات اتصالات نسائية .
وأخيرا أود أن أوضح بأن هناك سلبيات كثيرة لم تذكر في هذا السياق لأننا على يقين لا يقطعه شك في ان حكومتنا الرشيدة لن تسمح بذلك كيف لا وهي الحكومة التي سدد الله أقوالها وأعمالها وملكت شعور المواطن ومشاعره بمحافظتها على ما يكفل له ولأسرته الحياة باستقرار وأمن ورغد عيش ورفاهية وكفلت له كل السبل التي تحافظ على عرضه وروحه فالشواهد منها تذكر وتشكر.
ونرجو الله لها دوام التوفيق.
|