Wednesday 28th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الاربعاء 12 محرم


كان الواجب الاقتداء بمواقف المملكة
كوسوفا,, الظلم,, والمعاناة!!

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ليس تقليدا,, كما انه ليس فضولا ان يركن المرء,, -احيانا طواعية- الى طرق موضوع,, ليس جذابا لمتعة فيه,, ولكنه حديث الساعة,, والخبر الكاسح للفضائيات,, التي تعانق مثل هذه الاخبار بالاضافة الى ذلك,,انه ذو اثرة لدى الاعلام المرئي والمسموع وربما وقف المرء,, فاغرا فاه لزحمة ماينقل عبرها,, حائرا ومنتظرا مايشفي صدره,, من شخوص الاخبار المؤلمة,,, والانباء المزعجة,, بيد انه عندما يستمر الامر على تلك الوتيرة والحالة يجد نفسه مضطرا- اذ قدر اكثر الناس ذلك- ان يركب موجة التعبير المؤلمة عن المآسي التي اعتبرها الناقلون لها كسبا يضاف الى منجزاتهم الاعلامية,, في مضمار السباق الاخباري المباشر,, وكما قيل: مصائب قوم عند قوم فوائد !!
اسم كوسوفا,, اول ما سمعت بل تسامعت,, اثناء مقاعد الدراسة وشأن كوسوفا,, هوكشأن الاقاليم والمدن الاسلامية بل الجمهوريات الاسلامية,, التي غشتها عاديات الشيوعية,, في آسيا بيد ان ميزة كوسوفا هي جغرافية اوروبا,, تنداح بذلك التاريخ,, الفاصل بين المد الاسلامي في اوروبا واميز تاريخها انها شهدت المعركة الاشهر تاريخيا,, التي قدر ان تكون سبب بسط الاسلام واستقرار المسلمين في هذا المد الجغرافي الحساس من اوروبا,,, ومن ناحية اخرى تصل تاريخها بتلك الحقبة من تاريخ الاسلام,, التي ضارعت الشمس في طول قامتها,, وخلود مآثرها في القسطنطينية اسطنبول وما وراءها,, مادة ذراعها الى مكة والمدينة,, في رباط ازلي ووشائج قربى,, لاتمحى ولاتزول.
وقد عاش اهل كوسوفا,, تحت اتحاد يوغسلافيا الذي كان يشتمل على هذا الجار الوحش من الصرب العنصريين,, والحقيقة ان اهل كوسوفا,, كانوا يدركون بفطرتهم الاسلامية المركوزة فيهم,, ان الهدنة المؤقتة بينهم وبين الصرب لن تستمر بعد فترة الشيوعية,, وان العداء الازلي لابد ان يكشر عن انيابه يوما على اهل كوسوفا بمبررات وادعاءات رخيصة يعلن عنها المجرمون كمقدمات لهجماتهم الوحشية في كل زمان ومكان,, يضللون بها الناس الذين حولهم,, ويتجاوزون بها خارج الحدود ان استطاعوا.
واليوم,, كوسوفا,, التي كانت تتوارى,, وراء جليد الشيوعية ردحا من الزمن ثقيلا,, مخفية آلامها,, نفاجأ بها اليوم,, مذبوحة الارادة والجسد,, ترتدي الثياب,, لتكفن فيه,, وتأكل الطعام لتغص فيه,, وترى الناس لتودعهم,, الى الابد,, لم ترمنقذا الا وهي تحتضر,, هذه هي مئات المقابر حول القرى,, تسخر صباح مساء من حقارة الظالمين,, ولؤم المجرمين,,وهذه البقية منها سالكة طريقة النجاة تذبح على قارعة الطريق خارج دفء وطنها,, مأساة تدين العالم المتحضر كما يسمي نفسه المحتكر والمصدر لبصائر العلوم,, والتكنولوجيا الممتن على غيره من البشر.
وقد جاءت حلحلة ازمة كوسوفا من رؤية امتزجت فيها دعاوي حقوق الانسان كمتطلب آني وملح,, واخذت شرعيتها من جعبة سياسيين نثروا كنانتهم في زمن ومكان غير متلائمين,, بل غير متناسقين, حيث لم يكلف هؤلاء انفسهم بما يمكن ان يؤول اليه الامر,, وهذا ماقاله المتحدث باسم المفوضية كريس يانوفسكي حيث عبر عن المأساة بوضوح وقال: ان العالم المتحضر لم يأخذ في الحسبان خلال الشهرين الماضيين احتمال طرد السكان المدنيين بأسرهم .
وتتضح الهوة عفويا,, بين ما تحقق من اهداف اعتبرت ذات اولوية,, وبين ما لحق باهل كوسوفا,, من ابادة جماعية ومن قصف بالطائرات للاجئين الفارين من التطهير الصربي,,وبالاسف سجلت الحادثة وهي حادثة ليست ككل الحوادث سجلت ضد مجهول,, وقيل انها على قيد البحث والتحري,, وبالامس القريب وقعت قافلة هاربة ضحية لقنبلة موجهة من احدى الطائرات,, وبين هذا وذاك فان اكثر من ثمانين الف لاجىء لايزالون ينامون في العراء,, بالاضافة الى ان هناك مجموعات مازالت في الجبال,, وهناك عمليات قتل جماعية في الغرب الاوسط من اقليم كوسوفا,, و كذلك غرب العاصمة بريشتينا، على اية حال فقد مات الاهلون ولحقوا من سبقهم من آبائهم واخوانهم وذرياتهم وهم يشكون من ظلم الانسان للانسان,, وهكذا يواجه الانسان الكوسوفي الدفن حيا,,وان الاتفاقات والمعاهدات التي اخذت على عاتقها حماية كرامة الانسان وحقوقه,, تظل اماني ومذكرات تاريخية مادام لايتاح لها ان تقف قوية العود تقتاد المجرمين للاقتصاص,, ومادام التطبيق فيها يعاني من ازدواجية مطلقة,,وربما وجدنا من يبرر هذه الجرائم,, بحجة ان الوضع هناك محتقن عادة ما تقع فيه مثل هذه الحوادث,, ومهما تكن المبررات والتعليلات فانه لاينتظر من بعد هذا ان يذبح الانسان الكوسوفي المسلم,, اكثر مما اقترف في حقه,, من قتل ودمار وتشريد، ومن مئات المقابر حول كل قرية,, ناهيك عما لحق بهم من اغتصاب للنساء,, تعبر هي الاخرى عن قماءة السلوك الانتقامي التي لاتصدر الا عمن شبعت طويته السيئة بالحقد النتن,, والخلق الآسن,, ولاغرو فإن ذلك ديدن الحاقدين المعتقلة نفوسهم للحذلقة الشيطانية مبنى ومعنى.
اعتقد,, انني لست بحاجة ان اقول اكثر من هذا,, اذ الامر اصبح خارج اطار الكتابة,, كما انني متأكد ان مغزى الكتابة الوصفية لاينفعل معها الناس اكثر من تلك الصورة الحية التي تنقل عبر التلفاز,, وهي الاكثر تأثيرا ووقعا على نفس المتلقي.
لكن,, في نفسي شيء لابد ان اشير اليه,, كان في خلدي ان اخصص له متن الحديث الا ان سياق الحديث اجتذبني,, الا وهو ان يأتي الظلم المغلف لاهل كوسوفا ان يأتي من تجيير وتحوير مما يقال جدالا او عبثا وارتهانا لظلم استقطابي على دولة ميلوسيفيتش وهو انما يمثل سلبية الوعي والطرح لدى بعض المهتمين بتشكيل الوعي السياسي,, في بعض البلدان الاسلامية والعربية,, وهو فكر يحمله نشاز من الناس لايعول عليهم,, وكان الواجب عليهم في هذا الظرف الحرج بالنسبة لاخواننا هناك ان يقف الجميع كما يقف هذا البلد الابي المملكة العربية السعودية مع كل ازمة وقرح يصيب المسلمين,, في كل زمان ومكان,, فهو اول المستجيبين,, واول الهارعين لنجدة المسلمين,, وهو الغيث بعد الله,, في كوارث الحروب,, وكان واجب غيرهم الاقتداء بهم,, بالدعوة الى عقد حلقات وقوف جادة,, ليس فقط على نطاق المساعدات الانسانية بل ايضا ببحث السبل الكفيلة الآنية والمستقبلية الضامنة لاستمرار كينونة ما تبقى من اهل كوسوفا.
واما غير ذلك من مشاكسات,, فإنه من باب المشاركة في الظلم للمسلمين,,واشد الظلم,, هو ظلم الاقربين!!
وظلم ذوي القربى اشد مضاضة
على النفس من وقع الحسام المهند

محمد علي عبدالله
الرياض

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
محاضرة
منوعــات
ملحق الغاط
عزيزتي
ساحة الرأي
المحرر الأمني
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved