تشكل المياه أهمية امنية واستراتيجية سياسية في حياة الشعوب ومن هنا كانت الجهود الكبيرة لحكومة خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - بغية الحفاظ عليها,, وليس ادل على ذلك من كلمة سمو ولي العهد يحفظه الله التي ألقاها مؤخراً ودعا فيها إلى عدم الاسراف في استخدام المياه وهي كلمة لها وقعها الخاص لدى المواطنين خصوصا ونحن بمنطقة من العالم تخلو من الانهار وقليلة الامطار,, الجزيرة بدورها تحدثت مع عدد من المسؤولين والمواطنين فكان التالي:
إذ قال الدكتور محمد بن مفرح القحطاني من جامعة الملك خالد بأبها معلقا على الموضوع المشار إليه: المملكة العربية السعودية تعد من اكبر الدول في العالم من حيث انتاج المياه المحلاة وبلغت التكلفة الاجمالية لمشاريع التحلية المنتشرة على الساحل الغربي والشرقي اكثر من مائة مليار ريال وهذا الرقم كبير جدا واستثماره في صالح المواطن السعودي ومن اجل رفاهيته وتوفير المياه في كل منزل سواء في القرية او المدينة وأضاف القحطاني ان الاسراف اصبح سمة يتميز بها الكثير من افراد المجتمع وخاصة ربات المنازل والعاملات اللائي يبالغن في اسراف المياه ولاشك في ان الام مدرسة ومعلمة للاجيال في عملية الحد من الاسراف في المأكل والمشرب وفي كل شؤون الحياة والاعتدال في استهلاك المياه مطلب ديني ودنيوي لاسيما اننا في منطقة صحراوية وتقل فيها منسوب المياه والامطار.
وعن مخاطر الجفاف اشار القحطاني إلى ان الجفاف يعد من اخطر العوامل البيئية سواء على الانسان او الحيوان او النبات والشاهد على ذلك التصحر الذي حدث في بعض الدول الافريقية وادى إلى نزوح الآلاف من مناطقهم بحثا عن المياه ومن جراء ذلك نفقت الحيوانات وماتت الاشجار وزادت درجات الحرارة, ونحن هنا في المملكة لاشك ان ولاة الامر مهتمون بظاهرة الجفاف ومحاربتها واعداد الدراسات اللازمة لذلك ومن ذلك حماية الاراضي الزراعية والمراعي وتنمية الغابات واستخدام التقطير من خلال سقيا البساتين واقامة مئات السدود من اجل الاستفادة من مياه الامطار بشتى الطرق,ونوه القحطاني من خلال حديثه بجهود وزارة الاعلام على جهودها من خلال وسائل الاعلام المختلفة في توعية المواطن السعودي وأهمية استخدام المياه الاستخدام الامثل,أما الدكتور علي موسى الاستاذ المشارك بجامعة الملك خالد بأبها فقد نوه بجهود المملكة الرامية إلى المحافظة على المياه الجوفية والاستفادة من جميع مصادر المياه ومنها المياه المحلاة ونجد ان الصيحات قد تعالت وزادت التحذيرات من نقص المياه في العالم بل قد تكون هناك حرب عالمية ثالثة بسبب المياه والحصول عليها بل وسرقتها من اي مصدر كان ومثال ذلك ما تقوم به إسرائيل من سرقة للمياه العربية على نهر الأردن وفي فلسطين بل قامت بعمل انفاق من تحت الارض لسرقة المياه والاستفادة منها,, وأضاف ال موسى بأن ازدياد العدد السكاني الرهيب في العالم وانخفاض منسوب المياه سوف يؤدي ذلك الى مشكلة كبيرة وخاصة في بلدان الشرق الاوسط وافريقيا ولاسيما ان هذه المناطق قليلة الامطار والانهار الموجودة بها مهددة بالنقص وسوف يؤدي هذا الى ظاهرة التصحر والتي سوف تهدد المدن والقرى والمزروعات واستطرد ال موسى حديثه لالجزيرة بأن المملكة قد وضعت اجراءات كفيلة للحد من التصحر ومن ذلك استصدار نظام المراعي ومنع الرعي الجائر وتخفيف آثار التصحر مثل زيادة الرقعة الخضراء وزيادة الغابات والمحافظة عليها بالاضافة إلى زيادة الرقعة الخضراء داخل المدن سنويا من خلال اسبوع الشجرة خلاف ما تقوم به وزارة الزراعة والمياه من جهود ايضا كبيرة وذلك بالتوسع في اقامة مشاريع السدود في جميع مناطق المملكة من اجل الاستفادة من مياه الامطار في سقيا المزارع وفي الشرب ولتغذية الآبار السطحية وأخيراً لاحياة بدون ماء فالله سبحانه وتعالى يقول: (وجعلنا من الماء كل شيء حي).
من جهته يقول الاستاذ مبارك المطلق مدير عام الزراعة والمياه بمنطقة عسير ان القرن القادم الحادي والعشرين سوف يشهد صراعات دولية من اجل الحصول على المياه وسوف يصبح الماء سلعة استراتيجية مثل البترول وعالمنا العربي من المناطق التي تقل فيها مصادر المياه حيث نجد مثلا دول الخليج جميعا تعتمد على مياه البحر وعندما نتحدث عن السياسة المائية وعن الامن المائي يطل علينا وللوهلة الاولى (ضرورة الترشيد) وقد اعطت وزارة الزراعة والمياه اهتماما بالغا بالترشيد وتبذل جهودا مضاعفة لحث جميع المستفيدين من المياه سواء في المدينة او المزرعة او المصنع على ترشيد استهلاك المياه واستخدامها الاستخدام الامثل وعدم الاسراف في الاستهلاك امتثالا لقول الله تعالى (ان الله لا يحب المسرفين .
وأشار المطلق إلى ان الوعي المائي يعتبر احد العوامل المهمة في ترجمة ترشيد الاستهلاك الى فعل وسلوك ويتطلب ذلك تكثيف التوعية بأهمية الثروة المائية واهمية حسن استخدام المياه بما يضمن عدم الاضرار بمصلحة الاجيال القادمة وزيادة الوعي الاعلامي وتكثيف الدراسات والابحاث المائية التي تبصر المواطن وتثقفه مائيا والتركيز على العملية التربوية التي لابد ان تنظر الى مفهوم الترشيد كقيمة وسلوك من خلال المناهج والمقررات الدراسية.
ودعا المطلق جميع المواطنين الى استخدام وسائل وتقنيات حديثة لترشيد استهلاك المياه في المزارع والمنازل واستخدامها في كافة المباني الحديثة كشرط اساسي في ترخيص البناء واشتراط اعادة استخدام مياه الفضلات لاغراض الزراعة وري الحدائق والمسطحات الخضراء لان ذلك سوف يوفر تكلفة الماء وتكلفة الصرف الصحي المركزي وسيقلل من مشكلة ارتفاع منسوب المياه الارضية داخل المدن ومثال ذلك السويد حيث يتم استخدام التكنولوجيا لتتوقف الخدمات من ماء وكهرباء وغاز وخلافه مجرد ان تقفل الباب الخارجي للمنزل وبعكس ذلك حين يعود.
من جانبه يؤكد الاستاذ عائض الثمالي مدير احدى المدارس ان الاعلام له دور كبير في توعية الجمهور بأهمية استخدام المياه وبامكان الاعلام وخاصة التلفزيون تقديم برامج كرتونية مشوقة تحكي عن الاسراف في المياه وان ذلك يحرمه الدين ولكن الاهم من ذلك ربة المنزل وتوعية المرأة لمن داخل البيت من اولاد وبنات ومن خادمات وذلك بعدم الاسراف في المياه,, وإذا تكاتفت الايدي فسوف ننجح وسوف نخلق جيلا لا يحب الاسراف,, ودعا الثمالي التلفزيون إلى عدم عرض بعض المشاهد من خلال المسلسلات من حيث تصوير المسابح والدعايات الخاصة بعمل المسابح المنزلية لان ذلك فيه اهدار للماء,ويقول الاستاذ عبدالله عسيري معلم اجتماعيات ان من معوقات ترشيد استهلاك المياه الطلب المتزايد على مصادر المياه المحدودة لان الوضع الجغرافي للمملكة ومناخها وخلوها من الانهار وقلة الامطار تجعل مصادر المياه محدودة والتوسع والتحول السريع في اقتصاد المملكة اوجد طلبا متزايدا على المياه نتج عنه النقص الشديد في الخزانات الجوفية مثل وسيع وبياض وغيره من المكامن المائية بالمملكة مما اوجد ضرورة العمل الجاد على عدم استنزاف مخزون المياه,, وأضاف العسيري ان من المعوقات ايضا عدم وجود خطة للترشيد مدعمة بالبيانات والاحصائيات الدقيقة التي يعتمد عليها التطور والنمو والتنبؤ للمستقبل ومع ان خطط التنمية اعطت اهتماما بالغا بالمشروعات الهندسية والبنية التحتية الباهظة التكاليف لتوفير مياه الشرب الا انه لم يواكبها اهتمام كاف بالترشيد وكذلك تعدد الجهات المسؤولة عن انتاج وتوزيع المياه حيث لابد ان تتولاها جهة واحدة مسؤولة بدءا من مصادر المياه وتنميتها وجمعها ومعالجتها وتوزيعها ثم اعادة جمعها على هيئة مياه صرف صحي لاستخدامها مرة اخرى.
وأخيراً يقول بندر ال معتق ان دور المجتمع بكافة شرائحه عليهم دور كبير في تحقيق الهدف المنشود من اجل ترشيد واستهلاك المياه ولنا في الاباء والاجداد عبرة حيث انهم عاشوا في وقت كانت المياه فيه متوفرة ومع ذلك كانت سقيا المنزل بواسطة القربة والتي تكفي ليوم كامل بينما لا تكفي (القربة) الواحدة في الوقت الحالي اكثر من ثلاث دقائق,, حيث يجب علينا نحن الشباب الاقتداء بالاباء والاجداد من ناحية الترشيد وفي جميع شئون الحياة.
|