Thursday 29th April, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 13 محرم


ضُحى الغد
الهواء هو الحياة
والحياة هي الهواء

* عندما يفسد الهواء تفسد الحياة، هذه حقيقة لا غبار عليها، اما الهواء اذا خالطه الغبار والدخان ونفايات المدينة الحديثة فقد اصبح داء وقد كان دواء!.
وانت اليوم ترى فساد الهواء من آثار ضرره على الاشجار وهي كائنات حية نامية تتنفس مثل الانسان, ان الاشجار اليوم مريضة تئن تهاجمها الغبيراء العنكبوتية (الأكاروس) وانواع عديدة لا تحصى تفتك بورقها واغصانها وثمارها ثم تحيلها في نهاية الصيف الى عيدان حطبية يابسة! والنخلة وهي من طينة آدمية كما تقول الأخبار القديمة، وانها عمتنا، وانها اشبه ما تكون بالانسان، هي اليوم تعاني من المناخ كما يعاني الانسان وتئن كما يئن وتهاجمها العلل والامراض، فتفتك بثمارها وجريدها وعسبها على صور والوان شتى من الأمراض ما كانت البيئة تشهدها ولا تعرفها قبل عدة عقود!.
والانسان اليوم شجرة متحركة، تُسقى وتتنفس، ويعاني اليوم من الهواء الملوث بكل نتاج الحياة المدنية الحديثة, ولهذا فإن جهازه التنفسي مريض من وطأة فساد الهواء!.
لقد كنا من قبل نعيش في بيوت طينية نقية نظيفة لا تعرف الاصباغ والالوان ولا الاثاث المدهون المشبع بالمواد الكيميائية الملونة، وكانت الحياة نقية من غبار السيارات وعوادمها وحرائق القمامة ونفايات الورش والمصانع والكسارات، ومبيدات المزارع وحرائق الحصائد! لكننا اليوم نعيش مع المواد الكيميائية الملونة في كل موقع، في المسجد وغرف النوم وفي الشارع, وقد اخذت دول العالم في العصر الحديث في قياس درجات التلوث وعمدت الى وضع شاشات عالية في بعض الميادين تظهر فيها درجات التلوث مثلما تظهر درجة الحرارة وتوقيت الساعة! لاشعار الناس بدرجة التلوث في مدينتهم لأن ذلك جزء هام من معرفة الحياة التي يحبونها! وللتلوث انعكاس على صحة مظاهر الحياة في البيئة, والتجمع الانساني والغطاء النباتي هما اول المتضررين من التلوث! وقد تتحول الشجرة التي يفترض انها رئة ثانية الى مصدر من مصادر تلويث الهواء النقي بلقاح ازهارها المتطاير! اذ يعيد بعض الناس ازدياد امراض الجهاز التنفسي في هذه الآونة من السنة الى الجفاف الذي نتج عن تأخر الأمطار! وساهم في تفاقم المشكلة وجود ملايين اشجار (البرسوبس) المغروسة بمنطقة القصيم وتلك التي نبتت عشوائياً في كل مكان نظراً لمقاومتها للحرارة والعطش وسرعة نباتها في كل تربة، حيث تنثر في الربيع نثيراً اصفر، يغطي الأرض من تحتها هو سر ازهارها ولقاحها المتطاير الذي يحمله الهواء الجاف الى كل مكان بسبب عامل الجفاف! واذا كان كبار اطباء الحساسية بأنواعها في كل دول العالم يؤكدون ان الحساسية تأتي مع موسم الربيع حيث موسم لقاح الزهور، وان مسببها هو اللقاح المتطاير في الهواء فإن اشجار البرسوبس الثرية بإزهارها ولقاحها لا تُعفى ابداً من تهمة اغناء الهواء بلقاحها الكثيف الذي لا يقضي عليه سوى الهواء المشبع بالرطوبة وهو ما لا يتوفر في المناطق الصحراوية الجافة! ولقد ازدادت هذه الايام في المنطقة ظاهرة النوبات القلبية نظراً لأن من يعانون خللاً في وظائف القلب تتفاقم لديهم المشكلة عندما تهاجمهم ازمات تحسس الجهاز التنفسي بأعراضه وصوره المختلفة! وكان آخرها خبر رجل سقط بين زملائه في رحلة برية بعد ازمة التنفس التي داهمته ومات رحمه الله قبل ان يصل الى المستشفى!
اننا بحاجة اليوم الى استخدام مقاييس علمية لمعرفة مدى تلوث الهواء بالمواد الكيميائية والغبار ولقاح الاشجار في المنزل وفي الشارع والمكتب ليكون الانسان على وعي بالبيئة المحيطة به، ونحن بحاجة الى مقاييس علمية لاختبار مواد التحسس في البيئة، وفي جسم الانسان ولدراسة مدى تشبع الهواء بطلع الاشجار وعوادم المدينة وحرائق القمامة وحصائد المزارع ومبيدات الرش!.
(التلوث) من اخطر التحديات التي نعيشها وستعيشها الأجيال من بعدنا، لقد اعلن بداية عصره، بل ان حروب المستقبل تشير الى تخليها عن الحديد واستخدامها للمبيد! كما نرش البعوض بهواء فاسد سام يقضي عليه!.
وان من حقنا اليوم على كل جهاتنا وجامعاتنا ومدننا العلمية وعلمائنا المتخصصين في الطب والعلوم ان يولوا موضوع التلوث اهتماماً يستحقه لأننا نحتاج الى الهواء في كل لحظة من عمرنا، ونستطيع ان نستغني عن الطعام والشراب اياماً طويلة، ولكن الهواء هو الحياة، والحياة هي الهواء النقي الصالح لبقاء الكائنات الحية واستمرارها, اننا نيابة عن الاشجار والبيئة واصالة عن انفسنا نتقدم بطلب مقاومة التلوث وتعميق الدراسات عنه وتكثيف وسائل قياسه ومعرفة مصادره وصرف الأموال على تنقيته كما نصرفها على تنقية الماء! ومقاومة وتكبيل كل من يشارك في افساده وتلويثه، ذلك لأن من يفعل فإنما يسعى الى قتل الحياة على الأرض!.
ان مجالس المناطق وادارات صحة البيئة بالبلديات وادارات الصحة الوقائية بالشؤون الصحية ومراكز الارصاد الجوي وجميع الجهات ذات العلاقة هي في يقيننا اليوم اكثر ادراكاً وعملاً للمخاطر التي تكتنف البيئة بسبب التلوث، وهي تكسب كل يوم متخصصين وطنيين في هذا المجال الهام لحياة سليمة صالحة لأجيال اليوم واجيال المستقبل، ونحن نتمنى عليها المزيد من العمل والعطاء لخير بيئتنا ومناخنا وجميعنا مدعوون الى المشاركة في مشروع مقاومة التلوث لحماية البيئة وصونها من الفساد!.
بالمناسبة
الدولة المركبة تضرب الدولة المفككة!
* دولة الأطلسي المركبة من دول وسط وغرب اوروبا وليدة الحلف القديم تضرب دولة (تيتو) المفككة في شرق اوروبا!.
لقد وُلدت في مطلع القرن الحادي والعشرين دولة (الاطلسي) الموحدة في عملتها واقتصادها وقرارات السلم والحرب! والحرب الجوية الدائرة في فضاء (يوغوسلافيا) هي التطبيق العملي لتلاميذ المدرسة الاطلسية التي ظلت تعطي دروساً نظرية خلال خمسين سنة وحان الآن التطبيق العملي! والولد الشقي في اوروبا في العصر الحاضر هو (الصرب) ومتى تم تأديب القريب فالأدب من بعده على الغريب! ان (كوسوفو) هي الدرس الاول فالتاريخ يُصنع الآن وسيعلم من هم خارج التاريخ حقيقة الصناعة!.
عبدالكريم بن صالح الطويان

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved