Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


ذرف
هذيان الأسئلة
فيصل أكرم

الذين اشعلوا أصابعهم من أجل اضاءة الطرقات الوعرة،هل يسقطون الآن في بطون الحفر؟.
هل تغرق الغيمة في عين المطر؟.
هل تدخل الشوكة الى قلب الوردة هربا من أكف العابثين؟
ثم ان كانت الحال مرايا آخذة أماكنها في ترتيب متقابل على جدران المحال، فهل يوجد حل تطبيقي يجمع النظرية بالتفعيل ويأخذ عتمة الصمت الى شعاع الكلام؟ اذا كنا لا نريد من الفن فنا حقيقيا، فماذا يتبقى من الصورة لو انتزعنا المساحات ومزجنا الألوان بدعوى الانسجام؟!.
***
بهذه الأوتار كنت أعزف وحدي في هذه الليلة، قبل ان تصلني أوركسترا من المفاجآت التي غرست مخالبها في قلب العادي الذي كان يسكنني، فقمت واقفا على حد الهشة:
من علّق الجرس في عنق الظل؟.
ومن ترك الأرض تسيل في كأس الماء؟.
***
كنت أمد السؤال تلو السؤال في حياء وحذر، تماما كمن يمد قشرة زيتونة خضراء الى قط جائع، وكان الواقع شرسا,, لكني أدركت أي نوع من الإجابات سألقى,, فلقيت النار بحضن الجمر، لقيت الجمر الحضن الأدفى للمحروم,, وما كنت أطمع في الأكثر، فما كان الفرق بين المدائن والقرى أبعد من الفرق بين الشعر والنثر، فالشعر قرية من لا قرية له، أما النثر فمدينة صعب الدخول اليها، تنهار بعمود غير ثابت، وترتعش ظلاما من كلمة هربت من وطأة التخمين لتقع فريسة لكمائن التأويل والعقد المتأصلة والمتلقفة لكل مدعاة الى التشكيك بالنفس الواحدة ان جاءت بوجوه متعددة تتلمس أزرار المصابيح في الطرقات المعتمة، أو تتوق الى قرع الأجراس في آذان تضيق بالصوت الداخلي وتحتفي بالغرباء,.
لا بأس ان يكون التنوير السمة العليا، على ألا يكون التزوير سمة للمنحوت في الأسفل,, كيلا يستبد التنوير المزور كسرا في منتصف العمود الفقري لصفحتنا الفنية الأدبية الثقافية الفتية.
إذاً، فالشعر حلم والنثر واقع,, ومن يرضى بالواقع لا يستطيع الحلم، ومن يملك الحلم لا يقنع بالواقع,, وان كان للضوء وطن آخر غير العيون، كان لجواب الصمت سؤال آخر غير الهذيان,, فالليل أعمق بكثير من نصف يوم كل يوم، والفجر أبعد بكثير من التهيؤ لمصافحة الشمس كل نهار,, والسماء حاضرة في كل أرض كحضور الصورة في كل كلام,.
فهل نقلب أعيننا حتى نرى الصورة باعتدال، ما دمنا نرفض تعديل الصور؟؟
***
قبل عام من الآن، وفي هذا المكان، قلت: بوسع الأسئلة ان تفتح الأبواب، فمتى تكون الاجابات أسرع من الغضب؟ ولكن يبدو أن لا شيء أسرع من الغضب، حتى السؤال نفسه عادة ما يأتي من بعد غضب!.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved