التعب مفردة لا نحتاج في فهمها الى قاموس، التعب رأيناه على وجوه أمهاتنا، وأكتاف آبائنا، ونحن في نهر المياه السريع, التعب تراشقنا معه ولعبنا في كل مراحل حياتنا التي شققها الظمأ، تماما مثل الارض العطشى.
لو كنت رومانسيا لتغزلت بالتعب، كما تغزلت الشاعرة نازك الملائكة بالفيضان، وهو يكتسح عشش الفلاحين، ويذري تعبهم في الهواء، إذ ما أسهل ان اتصور التعب طفلا عابثا، نزقا يطل من نوافذ السمع والبصر والجوارح الفضائية، ولكن كيف لي ان اصنع هذا، والتعب أنين صاحب ووجع يحفر في الظهور ذل الانحناء؟!سوف اسرب من ذهني كل ألوان التعب، ما عدا واحدا، يؤرقني ويؤرق المئات غيري, إنه التعب الذي ينقض عليك من نافذة القراءة.
تشتري الكتاب بربع دخلك الشهري، وتذهب بركض فرح الى البيت، ثم تهدر من وقتك أسبوعا كاملا في قراءة ذلك الكتاب, وبعد كل هذا تخرج بحنين نفسه، لا بخفي حنين فقط.
أليس هذا تعبا قاصما؟.
تقرأ كتابا يملأ عينيك بالمفردات التي تكاد تنفجر من ثقل ما تحمل من الادعاء، ثم يتضح ان كل الفكر التي فيه مأخوذة أخذا من كتاب آخر.
أليس هذا وجعا كاملا؟.
تقرأ قصيدة تقول
عندما الحصان ,,عندما القمة
عندما الاختباء قبل الخريف
عندما الجفاف الى كنزة
عندما الى حجارة ,,السابق
الصرخة الى بصيص الماء
العشبة ,,الخاسرة ,,بعد الماء
في ,,السرير المفتوح
وبعد الانتهاء، ألا تشك في قواك الشعرية؟ ألا تستعيد قول من قال: إن كان هذا شعرا، فكلام العرب باطل؟ ألا تشتم المتنبي، وتضرم النار في قبر أبي نواس؟, أليس هذا تعبا فادحا؟.