Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


ديوان الأم والابن - 3
تغريبة فلسطينية,, إلى أمي,, ومنها إلى أبي,,
قصائد: إبراهيم نصر الله

في حديثها عن غربتها
في الطريق الى (غور نِمرين)*
كانت أفاعي رمادية تعبر الدرب
ما بين بيارتين
لتأوي الى شجر الموز عند احتراق الظهيرة
ولم يكن الرمل غير لهيب
كأن الحياة انتهت وكأنا
نعيش هنا اللحظات الأخيرة
على كتفيك أثاث المغارة
نصف (خريطة) قمح
وبعض رغيف تيبس
قلت سنخبز حين نصير هناك
ولكنني لم أقل لك اني نسيت الخميرة
في الطريق الى (غور نمرين)
كنا نفتش عن ريحة الاهل في كل شيء نراه
وعن كلمة كلمتين اذا ما التقينا بهم
لنبلَّ الشفاه
وعن خبر عن بلاد
وعن عتم هذا الرحيل الطويل
وعن سر معناه
في الطريق الى (غور نمرين)
اثنان،
, , .
, , .
نجري لنحمي ثالثنا,, وفلاة
وسمعتك تضحك
- قد جاء دورك -
حين سألتك
: ماذا سندعوه
قلت: اطمئني
فلا نملك الآن غير اسمه وليالي منفاه
في الطريق الى (غور نمرين)
مر الربيع بنا بعد عام
وعشنا طويلا
ولكنني لم أقل - مرة - ان هذي حياة
في حديثي عنهما
: من أنا
سألت.
قلتُ: أمي
بكت
: ثم ماذا؟!!
,,, ,,,!!
,,, ,,,!!
كبرنا هنا تحت شمس سرابية
كبرت أمنا لحظة لحظة معنا
وكبرنا ولم ننتبه أنها مثلنا
ولها من يديها نصيب كما للغسيل
وكنس المغارة والبيت اذ يتبدل كل ثماني سنين
ولها من اصابعها غير طعم بقايا العجين
ولم ننتبه انها مثلنا
ولها في الطريق الى السوق عمر تقلِّبه
ويقلبها وهي تسأل عن وجهها
وعروق يديها,.
تجاعيدها
مثلما سوف تسأل عن سعر كيلو البطاطا
وتجفل حين يفاجئها بائع وهي تسأل عن ثمن البرتقال
: كان أيامنا يُشترى بالشوال!!
هكذا سوف تهمس ساهمة
بين حمى الاجابة حين تهب
وفقر السؤال
ولم ننتبه انها مثلنا
ولها فوق اكتافها قمر غير أصغرنا
وهو يسعى ليقطف نجما تعلق في سقف ليلتنا
صدفة
ولها غير هذي الهموم التي كسرت قامة السرو فيها
وأحنت رؤوس الجبال
ولها امرأة
بين اضلاعها
ولها غير هذي العذابات حال
ولم ننتبه أنها مثلنا
ولها من طلوع النهار صباح
,, لها وحدها
غير إعداد خبز (الفطور) وعلف الدجاج
واطلاق سرب الحمام
والف يمين لتقنعنا ان ثمة شمسا هنا في الظلام
وان الليالي بعض غمام
ولم ننتبه انها مثلنا
ولها جارة وتحدِّثها
عن ابينا,, وتسألها
: هل كبرتُ كثيرا
لينظر لامرأة ثانية
ومساء خميس بعيد على شرفة عالية
هل يبستُ كنهر؟
وهل,,؟
ثم تضحك حين ستسمع جارتها
: أنتِ مازلتِ كالوردة الصافية
ولم ننتبه أنها مثلنا
وتذوب وتشتاق
تضحك
تبكي
ولسنا السبب!
في نزول السلام على وجهها
وانطفاء التعب
وتورُّد وجنتها ذات صبح كنهر ذهب
وتفتُّح عشرين اغنية في مدى صوتها
من سهول (جِنِينَ) لبر (حلب)
كبرنا كثيرا
ولم ننتبه انها مثلنا
كبرنا كثيرا
ولم ننتبه أنه مثلنا!!
* غور نمرين قرية في منطقة الأغوار قرب نهر الأردن.

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved