Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


هكذا
لقطات
فهد العتيق

* قيل لكاتبة الرواية التجريبية الحديثة في فرنسا نثالي ساروت : ان النقاد يرون ان هذه الطريقة الجديدة في الرواية التي تكتبينها سوف يكون مآلها الى الزوال، ردت الروائية بكل ثقة: انها تؤيدهم في ذلك لأن كل شيء في الغالب مآله الى زوال، ليحل محله شيء أكثر جدة.
والكاتبة هنا واضحة صريحة مؤمنة بوعي بالتجديد والحداثة، لأنها لم ترفض نظرة النقاد الى روايتها الجديدة، وفي نفس الوقت أكدت انه اذا كان من حقها ان تجرب وتكتب رواية جديدة حديثة فإنه أيضا من حق الأجيال القادمة أن تجرب وتكتشف طرائق جديدة للرواية في المستقبل.
وأظن أنها روائية وكاتبة تقدم نظرة متطورة وواعية لمفهوم الجدة والحداثة والتجريب، عندما ترى أن روايتها وقصتها التي تقدمها الآن ليست هي الشكل المثالي أو المفترض لما يجب ان تكون عليه الرواية، بل هو الشكل الجديد الحديث الذي وصلت اليه طريقتها في التجريب، ومن هنا يمكن لأي كاتب آخر في المستقبل أن يحرك ذهنيته وخياله قليلا ويبتكر طريقة فنية أكثر جدة وأكثر حداثة لكي نكن لها جميعا الاحترام.
* لكن الوضع يختلف كثيرا في ساحتنا الأدبية، التي تدعي من خلال أغلب المسؤولين عن هذه الملاحق أنها مؤيدة ومناصرة للتجديد الى ابعد مداه في النص الأدبي، وبخاصة القصصي والروائي، ولكن حين يصل الى يد أحدهم نص من هذا القبيل فإنهم يبحثون عن عشرات المسوغات لتأجيل أو رفض نشرة بل تصل الحال بأحدهم الى ان يخطب في الكاتب صاحب هذا النص ويقدم النصح والارشاد له ويؤكد ان نصه بلا شخصية وبلا هوية وبلا وجود لأعمدة النص القصصي المعروفة مثل الحدث,, الى آخره، رغم أنهم يدركون - أو لا يدركون- أننا في عصر الأنماط الأدبية دون ان يمسح أحدها الآخر كما كان يحدث مع الكلاسيكية أو الرومانتيكية وغيرها، والتجريب في الكتابة معروف أنه لا يعتمد على الأنماط السائدة والطرائق المعروفة، بل انه يبتكر جديدة شكلا وموضوعا.
وعندما كانت القصة التقليدية تخضع لنظامها العقلاني الصارم وأسسها الثابتة التي تقدم حقائق ثابتة مطابقة للواقع ولها بداية وذروة وأحداث، كان هناك من الكتّاب الجدد في العالم من يحاول ان يوضح ان القارىء يجب أن يشارك في العملية الإبداعية بدلا من تقبل كل ما يمليه عليه القاص أو الروائي دون أن يحاول طرح سؤال واحد، وهكذا انطلق هؤلاء الكتاب الجدد ليبحثوا عن عوالمهم الخاصة دون ان يتقيدوا بنموذج ثابت من أجل قصة ورواية جديدة ومتجددة وحديثة تقبل المزيد من التجريب أيضا.
تقول ساروت : أحاول اكتشاف عالم نكاد لا ندركه وينزلق داخلنا على حدود الوعي في شكل من الاحساس السريع وغير المحدود ويتوارى وراء اشاراتنا وتحت الكلمات التي نتفوه بها والمشاعر التي نعلنها، وباختصار تحت كل ما نعنيه من تجاربنا، وتحت كل ما يمكن تحديده .
* في الأسبوع القادم نواصل قراءتنا لعالم الروائية الفرنسية نثالي ساروت اضافة الى قراءة موجزة لكتاب لقطات للروائي الفرنسي آلان روب جرييه الذي ترجمه الدكتور المصري عبدالحميد ابراهيم، وهو عن القصة والرواية الفرنسية الحديثة.
***
* لا زلنا نأمل في المزيد من الصفحات الأدبية للقراء ولتجارب الأدباء الجدد من أجل المزيد من الأسماء الشابة لكي تعبر عن فنها ووعيها من خلال هذه الصفحات التي تحتاج الى جهد مضاعف من الزملاء المحررين في هذه الصفحات المهمة، وبهذه المناسبة نقدر لصفحة الثلاثاء في الجزيرة عنايتها بالمواهب الشابة واستضافتها للنقاد والأدباء، وكان آخرهم الدكتور سعد البازعي.
***
مثلما نرفض تكريم الأدباء المتقاعدين الذين توقفوا عن النشر وعن الكتابة وعن طبع كتبهم، إذا كان لديهم شيء يستحق الطبع؟!! لأنه لا مكافأة للكسالى، ولنا في تجربة الصديق الأستاذ عبدالعزيز مشري أجمل دليل على ان الكتابة والنشر والطبع تحتاج الى احتشاد حقيقي وصبر ومثابرة واخلاص، وليس الى علاقات عامة!!، وهذه فاصلة لزملاء كانوا أكثر إخلاصا لفن الكتابة في وقت من الأوقات، والآن أقل إخلاصا وأكثر كسلا، والحديث هنا عن الكتابة وليس عن النشر بالضرورة.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved