Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


بدون ضجيج
ليل نيويورك الموحش

يضيء فيلم (المدينة العارية) الطريق امام اعيننا وذاكراتنا لنرى مدينة (نيويورك) بشكلها السافر، بما يضطرم في قاعها من نيران, اذ نبصر (نيويورك) في الصباح الباكر، في إفاقتها على الحياة بعد ليل كان مليئا بالتفاصيل الهامشية لمدينة هي (الأقوى والأفضل) في العالم, ليل شديد الكآبة من جهة الساكنين في الأحياء السفلية، والمدمنين الذين يفيقون من على الأرصفة التي توسدوها طوال ليلهم مع زجاجاتهم الرخيصة!, وليل مضى سريعا على رواد الحفلات الجماعية حيث يرقصون معا ويشربون معا ويحيكون خلال ذلك المكائد بعضهم لبعض ويتفاوض رجال العصابات مع رجال البوليس مقدمين لهم خدماتهم مقابل اطلاق ايديهم في بيع وترويج (الكوكائين)، الذي يبدو كما لو كان هو بطل الفيلم, واظن ذلك فات حتى على المخرج الذي لم يركز على هذه (التهمة) , اذ يلاحق النحس فتاتين ساذجتين قادمتين للسياحة في اهم مدن العالم واكثرها فظاظة ووحشية!, فيسرق سائق التاكسي المأجور لاحدى العصابات او رجال البوليس ! حقيبتيهما وما تملكان من متاع وهو لايتكون الا من اشياء بسيطة ولكنها كل ما تملكان, ثم تقعان في ايدي (اشقياء نيويورك) الذين لايبالون بالمشاعر ولا - على الأقل - يخافون من البوليس الذي يشكل رجاله نصف الناس الذين (يحيون) ليل (نيويورك), ويتقدم لنجدتهما رجل ضخم وسيم ثم حين يهربون يمثل دور المريض في القلب ويتناول حبة امامهما فتجزيانه لشهامته (!!) ان توصلاه بسيارته الى بيته لأنه باعتقادهما لايستطيع القيادة, وتنقلب الليلة في منزله من حفل تعارف ووفاء الى ليلة سوداء, اذ يحاول الفتى (الشهم!!) الاعتداء علىاحداهما (جنسياً) ! فتطلق عليه الأخرى النار من مسدسه, وهنا تنقلب الحكاية الىالمرارة, اذ بعد ان خف مفعول الصدمة وجدتا نفسيهما امام الامر الواقع, وهي انهما (قتلتا) رجلا في بيته بالرصاص, واذهما تلملمان بقاياهما للخروج وجدتا كيسا مملوءاً برزم الدولارات, فأخذتا منها ما استطاعتا حمله وفرّتا,
تدور احداث الفيلم لترينا ان هذا الشاب (الشهم !!) هو تاجر (كوكائين) كبير, وثمة عصابة تجوس ليل (نيويورك) باحثة عنه لخلاف مالي سيؤدي الى مقتله ويكون ان تصل اليه العصابة فتجده مقتولا, فتنتاب رئيسهم موجة من الضحك, علىمنظر الخصم الميت, في إشارة الى غياب وعيهم رغم سطوتهم علىابناء الليل وحتى على رجال البوليس, وتبدأ الشرطة في تحقيقاتها, وهي على الطريقة الامريكية عبارة عن جلسات تبدو كما لو كانت اختبارات لطبيب نفسي يقوم بها رجال امن كل مقوماتهم انهم اقوياء الجثت وغالبا يكون الزنوج اكثرية منهم, كإشارة الىان (الزنوج) مجرد (ثيران اقوياء) ! بينما البيض يتولون التحقيقات التي اشد ما يميزها انها (كدروس التحليل النفسي) او (تطبيقاتها) مما يعطي المواطن انطباعا بأن (الحكومة) تمتلك اسلحة لايمكن ان يمتلكها الا قوة عظمى تسود العالم.
يعطيك الفيلم انطباعا بأن (الاميركيين) يعون (شقاء) جنتهم, حيث الحرية والعدالة مجرد شعارات براقة يتغنى بهاهؤلاء, لأنها في الحقيقة ليست كذلك !! بدليل ان الفتاتين اشتركتا في صراع للبوليس مع العصابة التي تطارد خائنها وقد اختطفت الفتاتين لانها (العصابة) تريد باقي النقود من أي كان ومهما كان!!! اقول: ان الفتاة الثانية قد قتلت ما لايقل عن رجلين آخرين,, ومع ذلك يكون من حق ضابط (اسود) من القوة المكلفة امر العصابة أن يخرج الفتاتين من القضية لانهما عقدتا علاقة صغيرة معه قبل حدوث هذه (الكوابيس) المترعة بالجثث التي لاتزال دماؤها تقطر وسط لا مبالاة المارة,, فالمنظر كما يبدو صار معتادا في ليل كبرى نموذج (مدن العالم) وارض الاحلام التي يحلم مواطنون من كافة انحاء الارض بالعيش فيها.
هكذا يعري احد ابناء امريكا (نيويوركه) ,,, !
ترى كم (نيويورك) في هذا العالم: اخرى.
جار الله الحميد

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved