عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ان الانسان بطبيعته يميل الى الآخرين ويأنس بهم كما قال ابن خلدون في مقدمته الانسان مدني بطبعه ويعني بذلك ان الإنسان بفطرته وطبيعته يخالط الناس ويستأنس بهم كما قال الشاعر:
وماسمي الإنسان الا لأنسه
وما سمي القلب الا انه يتقلب
ولذلك فإن المرء المنفرد الذي لايخالط الناس ولايغشى مجالسهم ولأيانس بالاجتماع بهم يعتبر غير طبيعي ومصابا بمرض نفسي.
والمجالسة امرها عظيم واثرها كبير، فلذلك قال رسولنا صلى الله عليه وسلمالمرء على دين خليله فلينظر احدكم من يخالل ، فعن طريق المجالسة يظفر الإنسان بالعلم من مجالسة العلماء ويكتسب الحكمة ويتلقاها عملياً من تصرفات الحكماء ويتعلم الحلم من مواقف اهل الحلم ومن خلال المجالسة يحصل التعارف وتنشأ العلاقات الاجتماعية بين الناس وتحصل الالفة والمحبة والمؤاخاة، ومن خلالها يتبادل الناس الافكار والآراء وتتم المشاورات وبها يقابل القريب قريبه ويصل رحمه ويحادث صديقه ويأنس به ويفرح بلقائه وتتوطد علاقته معه وتزيد محبته له الى غير ذلك من الفوائد الكثيرة والثمار اليانعة والمجالس مدارس فهل من مستفيد ودارس؟ ثم إن هذه المجالسة التي ذكرت شيئاً من مزاياها وفوائدها قد تكون ممقوتة ضررها اكبر من نفعها وذلك حينما تكون مجالسة لاهل الفسق والبدع والضلال او لاصحاب الفراغ وقتلة الاوقات لأن من اكثر من مجالسة قوم ركوناً اليهم وتفضيلاً لهم على غيرهم فإنه سيتأثر بهم وبأفكارهم واعمالهم ولاشك في ذلك طال الزمان ام قصر, وقل لي من تجالس اقل لك من انت، وكل قرين بالمقارن يقتدي، فلذلك وصيتي لكل إنسان ان يجالس العلماء والصالحين لان مجالستهم بركة على من جالسهم ومن اعظم ما فيها من البركة انه عند الاجتماع في مجلس علم وذكر يغفر الله لاهل ذلك المجلس فتحتج الملائكة بان فلاناً ليس منهم وإنما جاء لحاجة فيقول الرب الرحيم جل جلاله وتقدست اسماؤه: وله غفرت هم القوم لايشقى بهم جليسهم, أفبعد هذا الفضل من الله تعالى وهذه النعمة العظيمة والرحمة الواسعة يفرط احد في مجالسة الصالحين والعلماء العاملين والدعاة الصادقين ويذهب يجالس اهل الفسق والمعاصي!! إن هذا لهو الخسران المبين.