Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


كلمات في الأفق
الزعيم وعودة ربع قرن للوراء
عبدالعزيز الهدلق

انتهى الموسم بالنسبة للهلال بعد خروجه من مسابقة كأس دوري خادم الحرمين الشريفين خاسرا من الاهلي في مباراة الاياب للمربع الذهبي بالهدف الذهبي,, وبهذه النهاية يكون الهلال قد خرج من الموسم دون تحقيق اي بطولة او انجاز يذكر، فالبطولات الاربع التي خاض غمارها خرج منها خالي الوفاض,, وهذا الفشل الهلالي يضع الزعيم جنبا الى جنب مع الرياض والطائي والاتفاق والنجمة والوحدة ايضا وخلف النصر والشباب والاهلي والاتحاد وهي الفرق التي حققت هذا الموسم بطولات وانجازات محلية وعربية وقارية,.
فهل ترضى جماهير الزعيم ان يقف فريقها العملاق هذه الوقفة غير اللائقة به,,؟!
وهل تقبل ان يمر هذا الموسم اللامعقول بلا كشف حساب يظهر من هو الدائن ومن هو المدين ومن هو المسؤول في كل ما حدث,,؟!بالتأكيد لن يرضى ولن يقبل الهلاليون بذلك.
لأن من اسباب تفوق الهلال وريادته بل وزعامته انه لا يرضى ان يقف حيث يقف الآخرون ولا يقبل ابدا الا بالمقدمة ولا يتنازل عن الاول بسهولة واذا ما اقصي عنه عنوة فسرعان ما يعود بسرعة وهو أقوى واكثر عنادا لينتزع مقعده الاول انتزاعا ويعوض جماهيره بعد اي بطولة يفقدها بتحقيق ضعفها واكثر.
اذاً فما بال الهلال هذا الموسم فقد البطولة تلو الاخرى حتى انها, بلا اي لقب في موسم لم يشهده منذ اكثر من خمسة وعشرين عاما,,؟!
وهل حقا عاد الزعيم ربع قرن للوراء,,؟!
ومن أعاده,,؟!
لقد كان سمو الامير بندر بن محمد رئيس الهلال شجاعا وهو يعلن مسؤوليته عما حل بالهلال ويعلن اعتذاره عن ذلك لكل الجماهير الهلالية، ثم يعد بمحاسبة المقصرين واصلاح كل الاختلالات لاعادة صياغة الهلال من جديد,.
والسؤال الآن هو,, من اين سينطلق سمو رئيس الهلال في حركته الاصلاحية والتصحيحية,,؟! وبمن سيبدأ في محاسبته من المقصرين؟!
ان من الواجب ان تكون النظرة في هذه الحالة شمولية ليكون العلاج متكاملا,, لذلك يجب ان يبدأ الاصلاح والتصحيح من حيث يقف سمو رئيس الهلال,, من مجلس الادارة اولا,, اذا ما تم ترتيب اوراق هذا المجلس وتنظيمه فلتمتد حركة الاصلاح والتصحيح لبقية المستويات الادارية والتنظيمية والفنية الاخرى,, وبالاخص فيما يهم الشأن الكروي بالنادي,, اما اذا تجاوز الاصلاح مجلس الادارة فلن يكون لأي اصلاح آخر اي قيمة او اهمية,, فكيف نعالج الاطراف والاختلال في الرأس,,؟!
وبعد ان اعترف سمو الامير بندر بن محمد بالاخطاء وقدم اعتذاره عنها ووعد باصلاحها كما جاء في تصريحاته الصحفية التي اعقبت مباراة الهلال والاهلي عرج سموه على اللاعبين ووصف بعضهم بدون تحديد اسماء بالمتخاذلين والمتهاونين ووعد بأن يتخلص منهم ثم قال سموه: ان العلاقات بين اللاعبين شهدت توترا بسبب الاعلام وتمييزه بينهم,,, وهنا نتوقف مع سموه لحظة,, لأن هذا هو مربط الفرس.
فمعرفة سموه ان هناك علاقات متوترة بين اللاعبين هذا معناه تشخيص حقيقي وصحيح لجانب (وليس كل) العلة الهلالية وقول سموه: ان ذلك بسبب التمييز بينهم فذلك يعني معرفته بالمشكلة وسببها,, فلماذا لم يحلها منذ أن اكتشفها,, لماذا انتظر حتى تعمقت وتجذرت لتتسبب مع عوامل اخرى في إفلاس الهلال هذا الموسم وسقوطه,؟!
اما قول سموه: ان سبب التوتر في علاقات اللاعبين مصدره الاعلام فأعتقد ان الاجابة على التساؤلات الآتية سيكشف سبب التوتر بين اللاعبين ومصدر التمييز والتفضيل بينهم.
فهل الاعلام هو الذي ميز يوسف الثنيان وكرمه بلا مناسبة؟؟!
وهل الاعلام هو الذي ميز سامي الجابر وسمح له بالسفر للخارج ولمدة اسبوعين في غمرة منافسات كأس سمو ولي العهد؟؟
وهل الاعلام هو الذي ميز خالد التيماوي وسمح له بالتغيب عن التدريبات خلال شهري رمضان وشوال (الايام معدودة) ثم فرضه على المدرب ليلعب أساسيا متجاوزا كل المنضبطين والملتزمين؟!
وهل الاعلام هو الذي ركن و(قهر) كل مجموعة ابطال دورة الصداقة بأبها ورفض مشاركتهم رغم انتظامهم في التدريبات وفضل عليهم آخرين,,, لاعتبارات اخرى لا علاقة لها بالافضلية الفنية ومصلحة الفريق,,؟
ان من فعل ذلك هو الذي ميز حقا بين اللاعبين وفاضل بينهم وهو المسؤول عما حدث من توتر في العلاقات بينهم.
واذا كانت تهمة ومسؤولية التمييز بين اللاعبين سترقى على الاعلام فإن ذلك يعني ان لا مجال يرتجى من اي إصلاح لأن عدم الاعتراف بالخطأ يعني إمكانية تكراره وحدوثه مرة اخرى.
***
وإذا ما اردنا تشخيص حالة الهلال وعلته نجد انها بدأت منذ العام الماضي وعندما كان المدرب القدير ايلي بلاتشي مدربا للفريق فقد استطاع بمجموعة من الشباب ان يتصدر الدور الاول من كأس دوري خادم الحرمين الشريفين وبفارق كبير من النقاط,, ولكن بعد عودة الدوليين من مشاركتهم مع المنتخب بدأت المشاكل تدب في جسد الفريق ولأن بلاتشي كان مدربا قوي الشخصية فقد تصدى لكل الانغلاقات والتجاوزات التي صدرت من بعض اللاعبين (الدوليين بالذات) فأبعدهم عن صفوف الفريق حماية له من الفوضى التي يريد نشرها وتفشيها بعض الفوضويين من اللاعبين الذين يريدون ان يتدربوا ويلعبوا كما يريدون و(على كيفهم) ولكن صمود بلاتشي في وجه اولئك لم يستمر بفعل التدخلات الادارية وفرض بعض اللاعبين غير المنضبطين على المدرب,, ومن هنا بدأت الانتكاسة الزرقاء فبعد نهاية الموسم بفوز هلالي كبير بكأس دوري خادم الحرمين الشريفين التقت رغبة المدرب مع رغبة الادارة في فك الارتباط ولكل منهما وجهة نظر,, فالمدرب لم يعد راغبا في الاستمرار مع فريق صوت اللاعبين فيه اقوى من صوت المدرب بدعم ومؤازرة من الادارة,, كما ان الادارة لا تريد مدربا قويا صارما شديدا مع اللاعبين ومتعبا معها,, لذلك كان الفراق وخسر الهلال مدربا رائعا وقديرا,, من اجل خاطر ثلة من اللاعبين المتلاعبين الذين اشتكوا من شدته وصرامته.
ومع بدء الموسم الحالي الذي شارف على النهاية تعاقدت الادارة مع المدرب الالماني رايز هولمان المغمور وغير المعروف الذي ليس له سجل تدريبي واضح سوى انه درب الاهلي المصري فقط وحقق معه بعض البطولات المحلية,, ونجاح اي مدرب مع الاهلي المصري (محليا) ليس مقياسا على قدرات وامكانات هذا المدرب للفارق الواضح والكبير بين الاهلي وبقية الفرق المصرية,.
وكان الفشل الكبير في انتظار هذا الالماني الذي انهى معه الهلال مسابقة كأس الاتحاد بنقطة واحدة ومحتلا المركز الاخير ودون ان يحقق اي انتصار,,!!
وارتفعت الاصوات الهلالية مطالبة بتحرك سريع لدرء هذه الفضيحة لتتحرك الادارة بعد ان بحت الحلوق منادية بانقاذ الفريق فتلغي عقد المدرب,, ثم تتعاقد مع المدرب الوطني خليل الزياني,,!! لتبدأ مرحلة جديدة وقصة اخرى من قصص المعاناة الهلالية هذا الموسم,.
وقد شهدت هذه المرحلة فوضى هلالية ما بعدها فوضى مصدرها اللاعبون والنجوم الدوليون منهم بالذات واستسلم ابو إبراهيم لحالة الانفلات هذه في ظل صمت اداري مطبق, فلا اشراف,, ولا رقابة,, ولا حزم,, ولا قرارات,, ولا تقييم صحيح لوضع الفريق ومساره في المنافسات، وكان طبيعيا ان يفقد البطولة الآسيوية ويخسر كأس سمو ولي العهد وعندما لم يبق سوى مباراتي المربع الذهبي جاء التحرك الاداري البطيء والمتأخر جدا فألغى عقد الزياني وحضر لوري في حالة (ترقيع) فنية عاجلة فوجد الراقع (لوري) ان الشق أكبر من الرقعة,, فقدم ما يستطيع تقديمه خلال اسبوع واحد وكان طبيعيا ان يخسر الفريق آخر منافسات الموسم ليخرج منه بلا أي بطولة او انجاز,.
وإذا اردنا تلخيص أسباب السقوط الهلالي هذا الموسم كذلك يأتي في عدة نقاط أبرزها:
- عدم امتلاك الادارة على قدرة التقييم الفني الصحيح لوضع الفريق.
- عدم قدرة الادارة على اختيار المدرب الجيد والقدير (تسعة مدربين خلال ثلاثة مواسم).
- التدخلات الادارية في عمل المدربين من اجل اشراك بعض اللاعبين.
- عدم مؤازرة المدربين في قراراتهم الحازمة والصارمة ضد المتلاعبين وغير المنضبطين.
- الغاء عقد المدرب السابق القدير ايلي بلاتشي.
- الغاء عقد الاكوادوري سوزا لاتاحة الفرصة لاحد اللاعبين المقربين للمشاركة دون منافسة.
- عدم الاكتراث لحالة الانفلات وغيرالانضباط التي مارسها اللاعبون.
- تمييز الثنيان بالتكريم وسامي بالسفر والتيماوي بالغياب الطويل بلا مبرر.
- تجاهل ابطال دورة الصداقة وعدم اتاحة الفرصة لهم وتفضيل النجوم عليهم.
وكل تلك العوامل والاسباب تقع مسؤوليتها على عاتق الادارة وبالتالي فإن ما حدث للفريق هذا الموسم من اخفاق وفشل هو من مسؤولية الادارة,, اما من يحمل اللاعبين مسؤولية الخسارة من الاهلي في المباراة الاخيرة بحجة التهاون والتراخي بعد التقدم بهدف فهو يشخص ظاهر العلة اما باطنها وحقيقتها فهي من اوصل اللاعبين الى هذه المرحلة من اللامبالاة والتهاون والتراخي لقد كان هذا وضع اللاعبين طيلة الموسم ولكن لم يحاسبهم احد لان الانتصارات الضعيفة خلال الدوري رغم الصدارة, قد حجبت الرؤية الحقيقية عن اولئك ولم يتضح لهم تهاون اللاعبين وتراخيهم إلا بعد فقد آخر البطولات.
والتراخي والتهاون لدى اللاعبين في المباريات ينبع من مصدرين رئيسيين الاول عدم الانتظام والانضباط في التدريبات، والثاني ضمان الخانة والمركز في الفريق واليقين أن معيار المشاركة في الفريق لا تخضع للافضلية بين اللاعبين بل لأمور أخرى منها النجومية والعلاقات الخاصة مع المدرب والادارة,, وهذا ما كان مستشريا في الفريق الهلالي.
***
واذا أردنا ان نتعرف على حجم ما فقده الهلال من عدم استمرار بلاتشي فيجب ان نتعرف على حجم ما فعله لوري خلال اسبوع تدريبي واحد.
لقد اعاد الانضباط والالتزام للتدريبات بشكل اقوى حتى ممن كان عليه مع بلاتشي ويكفي ان نعرف ان يوسف الثنيان (كابتن الفريق) وزعيم الفوضى في التدريبات اصبح منتظما ويحضر قبل اللاعبين والمدرب بعد أول تهديد فعلي وجاد بابعاده (رغم ايقافه) وهو الذي كان الزياني قد طلب منه إبلاغ زملائه ببدء التدريبات الصباحية فرد عليه قائلا,, الله يهديك يا ابوابراهيم حنا ما تركنا المدارس الا علشان قومة الصبح كيف تبغانا نجي نتمرن,,!!
وليس الانضباط فقط ما فعله لوري خلال اسبوع بل نظرة فنية خبيرة اكتشف عمر الغامدي واعاد تقديم فهد المفرج ولو كان لديه متسع من الوقت لاعاد تقديم وصياغة الهلال من جديد.
***
* اذا كانت الادارة الهلالية جادة بالفعل في إصلاح وتصحيح الاوضاع في الفريق الكروي فلتتعاقد مع المدرب القدير لوري للموسم القادم ونتركه يعمل بحرية ودون تدخلات.
وكذلك التعاقد مع لاعبين اجنبيين قديرين من الافضل ان يكون أحدهما بشار عبدالله والآخر لاعب وسط حر,.
***
امام الهلال الموسم القادم بطولات محلية وخليجية وعربية وآسيوية كثيرة وهذا يتطلب عملا جادا ودؤوبا وتخطيطا مبكرا وتحضيرا وإعدادا مختلفا.
أما اذا كان كل ما قيل حول (الاصلاح والتصحيح) ما هو إلا مجرد مسكنات لجماهير الهلال يعقبها تمتع طويل باجازات في مختلف عواصم العالم ثم الحضور قبل اسبوع او اسبوعين من بدء الموسم واحيانا بعد ذلك لاستئناف العمل فحتما سيكون الزعيم الموسم القادم احد طرفي مباراة فاصلة الهبوط,.
***
ان العمل والتخطيط والاتصال والتعاقد والتحضير والإعداد يجب ان ينطلق من مكاتب مجالس ادارات الاندية لا من غرف واجنحة الفنادق.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved