Sunday 2nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأحد 15 محرم


أضواء

ما أشبه الليلة بالبارحة
ما أشبه الليلة بالبارحة، فالذين يترددون الآن على العاصمة بلجراد لاقناع رئيسها سلوبدان ميلوسيفيتش بقبول الشروط الأطلسية التي تحظى بتأييد الغالبية العظمى من الأسرة الدولية، يذكروننا بالوفود التي كانت تتردد على بغداد لإقناع صدام حسين بسحب قواته المحتلة لدولة الكويت، وقصة نهاية تردد الوفود إلى بغداد معروفة، حيث ظل صدام متعنتاً حتى فرضت عليه قوات الحلفاء الإذعان للإرادة الدولية وحق دولة الكويت باسترجاع سيادتها، فطردت القوات الصدامية شر طردة من الكويت، وفرضت على حاكم العراق شروط انتصار حق الشرعية الدولية بتجريد جيشه من أسلحة الدمار الشامل حفاظاً على الأمن والسلام الدوليين وتأمين المنطقة من شروره.
واليوم تتكرر القصة في صربيا، فالقوات الصربية تعد وبكل المقاييس قوات محتلة وغازية لكوسوفا حتى وإن اعتبر الإقليم جغرافياً ضمن حدود صربيا، فكوسوفا ضمت قسراً من قبل ميلوسيفيتش عندما ألغى دستور الاتحاد اليوغسلافي الذي كان يعطي كوسوفا وضعاً خاصاً شبيهاً بما كانت تتمتع به مقدونيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك وإلغاء ذلك الوضع من طرف واحد ودون رغبة مواطني كوسوفا الذين تعرضوا للطرد وعمليات العزل العنصري، والاغتصاب، والابادة من قبل الجيش النظامي وقوات الشرطة، والمليشيات الصربية.
وبهذا تكون صربيا ورئيسها ميلوسيفيتش لم تسلب كوسوفا حقها الشرعي في تقرير مصيرها بعد الغاء ما كانت تتمتع به من وضع خاص، وحكم ذاتي موسع فحسب، بل أيضاً واجهها ميلوسيفيتش بوضعية تتجاوز حالة الحرب،,,, فالحروب تتم عادة ما بين جيوش,, أما ما يجري في كوسوفا فإبادة لشعب وإلغاء لعنصر إنساني يعزل ليباد وتغتصب نساؤه بسبب الدين والقومية.
لكل هذا فإن الحلف الأطلسي عندما واجه الصرب وكبيرهم ميلوسيفيتش حظي بتأييد الأغلبية العظمى من الأسرة الدولية، ولم يعارضه ويتحفظ على تدخله لوقف إبادة المسلمين في كوسوفا سوى الذين يتخوفون من أن يأتي الدور عليهم أو لأن مصالحهم تتجاوز اخلاقهم,, ولأن المصالح تحكم هذا العصر فقد تقاطر على بلجراد بعض من الذين يعرضون وساطتهم لاقناع كبير الصرب ميلوسيفيتش بالإذعان للشروط الأطلسية التي تتركز على عودة المهجّرين من مواطني كوسوفا وسط حراسة قوة دولية مسلحة وان يتاح لشعب كوسوفا التمتع بحقوقه السياسية بدءاً بالحكم الذاتي ونهاية بتقرير حق المصير,, وهذه الشروط لاتزال مرفوضة من قبل ميلوسيفتيش، حيث سيظل يردد رفضه أمام كل الوسطاء مثلما فعل صديقه وحليفه في الشر صدام حسين ليصل إلى نفس النهاية التي وصل إليها حاكم بغداد,, طرد من كوسوفا وتمكين شعبها من العودة إلى وطنهم والتمتع بحقوقهم مثل غيرهم من البشر.
جاسر عبدالعزيز الجاسر
مراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني
Jaser * Al-jazirah.com

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved