Monday 3rd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 17 محرم


طباق وجناس
الخسارة والكسب في القضايا العامة
محمد أحمد الحساني

يدخل الخصمان او الطرفان او من ينوب عنهما المحاكم الشرعية او العمالية او التجارية او غيرها من المحاكم التي تفصل بين الناس في الخلافات العامة، ويكون كل طرف حاملاً لحجته ومستنداته مستعداً للدفاع عن وجهة نظره او ما يعتبره حقاً من حقوقه المادية او المعنوية وتكون النتيجة النهائية للجلسات طال الزمن او قصر ان يصدر حكم في صالح طرف من الطرفين وضد الطرف الآخر فيقال ان الأول قد كسب القضية وان الثاني قد خسر القضية!
مثل هذا الوصف قد يكون صحيحاً في ظاهره ومعناه الخارجي المتعارف عليه فالواقع يؤكد ان من صدر الحكم لصالحه قد كسب القضية المعروضة وان الآخر قد خسرها والكسب والخسارة هنا قد يكون لهما جانب مادي ومعنوي في آن واحد مما يزيد من قيمة الكسب ويعظم من حجم الخسران ولكن هذه المسألة تحتاج الى تأمل وفقه وتدبر فليس كل كسب كسباناً وليس كل خسارة خسراناً فقد يكون الكاسب ظاهرياً وماديا هو الخاسر الحقيقي والعكس صحيح!.
ان اهم العناصر التي ينبغي توفرها في الكسب الحقيقي والفوز اللامع بالقضايا العامة بجميع انواعها وقيمها هو الحق والعدل اي ان يكون الكاسب للقضية قد كسبها بطريقة شريفة وعادلة وحصل عن طريق كسبها على حق ثابت مؤكد كاد يضيع من يده فجاء كسبه للقضية ليعيد الحق الى اهله والأمور الى نصابها فهنا يجدر بمن كسب القضية ان يفرح بما تحقق له من عدل وانصاف اعاد اليه حقه السليب!.
ولكن الأمر يختلف كثيراً وكثيراً جداً عندما يكون الفوز قائماً على اسس غير سليمة بل وغير شرعية وانه تم التوصل اليه بطريقة ان الغاية تبرر الوسيلة والغاية هنا هي كسب القضية فليس هناك مانع من استخدام كل الوسائل المتاحة بغض النظر عن كونها مشروعة ام غير مشروعة فيحصل الكاسب للقضية على غيرحقه فيأخذه ويكون بذلك قد ادخل جوفه قطعة من نار جهنم!.
اما الخاسر للقضية فان كان قد خسرها لان الحق مع خصمه فان العقل والمنطق والعدالة تدعوه الى ان يفرح فظهور الحق ابلج واضح المعالم وان ذلك الحكم الذي خسره حماه من الظلم,, ظلمه لنفسه بأخذ ما ليس له فيه حق او مساعدة من وكله في القضية التي ترافع فيها على ظلم خصمه الضعيف، وبذلك تكون خسارته للقضية كسباً له ولمن وكله لانهما بهذه الخسارة قد غنما البعد عن الظلم اما اذا كان الحق معه او مع موكله فان خسارته في الدنيا ستتحول الى كسب في الآخرة بل ربما يكون ذلك في الحياة الدنيا بأن يظهر الحق ذات يوم ويعود الى اصحابه او يعوضه الله خيراً مما اخذ منه ظلماً بينما يكون مصير الظالمين في الدنيا والآخرة الخزي والخسارة والبوار.
وان بعض الذين يدخلون في قضايا عامة لا يرضيهم ابداً الا ان يخرجوا فائزين وهنالك من يعمل لبلوغ هذه الغاية مستخدماً شتى الطرق لان كبرياءه تجبره على استخدام ما يراه موصلاً الى غايته فهو لا يتصور ابداً انه يمكن ان يهزم او يخسر قضية ما دام قد دخلها وحملها واكد لمن حوله قدرته الفذة على انجاحها حتى يتبختر امامهم مثل الديك، فان لم يحصل له ذلك اصيب بالغم والهم والاكتئاب لانه لا يبحث عن الحق بل عن الفوز فقط لا غير ولو سعى الى الحق لوجده ولعرفه ولكان ناصحا لنفسه ولمن وكلوه في قضتيهم، لان العاقل هو الذي يكون لديه الاستعداد للاصغاء للحق والتراجع وعدم التمادي في حالة ظهور حقائق جديدة ليست في مصلحة القضية التي تبناها وعليه ان يصارح موكليه بذلك حتى لو غضبوا منه او اتهموه بالسلبية او العجز او قلة الحيلة لأنه لا يجوز ابداً ارضاء مخلوق بما يغضب الخالق عز وجل ولا شك ان دعم الباطل والتمادي فيه من الأعمال التي لا ترضي الله جل وعلا وسيكون مصير من كسب قضايا باطلة الغضب الرباني والخسران المبين!.
وخلاصة القول ان هناك العديد من الفرحين الذين لا يحبهم الله ان الله لا يحب الفرحين لان فرحهم مبني على كبر وظلم وغطرسة واكل لأموال الناس بالباطل وسوف ينبئهم الله بما كانوا يصنعون.
كما ان هناك العديد من الذين خسروا قضايا عامة وكان الحق معهم ولكن الباطل قد يسود احياناً وينتظر لاي سبب من الاسباب ولهؤلاء نقول: لا تحزنوا ان الله معكم وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون والحمدلله رب العالمين.
أوباش الشيوعية!
لم أر في حياتي اكثر دناءة وحمقاً وسقوطاً من المنتسبين للاحزاب الشيوعية في عالمنا العربي بصفة خاصة وفي العالم الثالث بصفة عامة فهم لا يعدون ان يكونوا مجموعة من الأوباش التي تعيش على هامش المجتمعات السياسية والحزبية والفكرية وليس لديهم غير رفع الشعارات والتبجح في المجالس والمنتديات والصياح حتى تحمر انوفهم وآذانهم بهدف لفت النظر الى اعمالهم الخارقة واهدافهم البارقة!.
ان هؤلاء الشيوعيين العرب عجيبون في سلوكهم العام لانهم يبدون وكأنهم يعيشون خارج التاريخ والجغرافيا ففي الوقت الذي تبرأت فيه معظم الدول الشيوعية من مذاهبها واخذت تتزلف لأهل السوق وتخفف من غلوائها ضد الاديان وترضخ لواقع الحياة السياسية والاقتصادية بعد ان ادركت عقم نظرياتها في الاقتصاد والتنمية فان اوباش الشيوعية لم يزالوا يعلنون عن المزيد من التمسك بشيوعيتهم المأفونة وبما تلقوه من تعليمات ومبادىء عفا عليها الزمن واثبتت الايام والتجارب هوانها وسقوطها حتى بات يصدق عليهم المثل الشعبي اهله تركوه والجن تلقوه! ولا شك ان ذلك التلقي من قلة العقل وفساد الرأي وعدم القدرة على التمييز؟!
هؤلاء الأوباش لو بحثت عنهم لوجدتهم يتقدمون الدنايا في القول والعمل وآخر اعمالهم الرديئة دعمهم لجرائم الصرب واعوانهم ضد مسلمي كوسوفو بحجة العداء المطلق للغرب والولايات المتحدة الامريكية ودفاعهم عن اصحابهم في بلغراد الذين لا يقلون عنهم حمقا وسفهاً بالنسبة لتمسكهم بالشيوعية ومبادئها الضالة السقيمة، فمنذ بدأ العدوان الصربي المجرم ضد سكان هذا الاقليم المنكوب وأوباش الشيوعيين العرب يحملون الرايات ويكتبون البرقيات ويطلقون التصريحات ويصدرون البيانات ويعقدون الندوات التي تصب في مصلحة العدوان الصربي الآثم وتؤيد المجرم العتيد العنيد الذئب الشرس القابع في بلغراد، زاعمة انها تمثل الشعب العربي المجيد من المحيط الى الخليج مع ان هذا الشعب بريء منها ومن اعمالها المخجلة فهم لا يمثلون الا الحثالة والافاقين والساقطين امثالهم ومع ذلك كله فان ما يقومون به من اعمال اعلامية لدعم اخوانهم في الباطل ليس له قيمة او وزن سواء على المستوى الاعلامي او الفكري ناهيك عن المستوى العسكري ولعلهم يريدون من وراء ذلك اثبات وجودهم وانهم لم يزالوا احياء اوفياء لمبادئهم على الرغم من ثبوت فشلها وانه لم يعد لها فعالية او حضور على اي مستوى من المستويات!.
اما ادعاؤهم ان جميع مواقفهم مبيتة على العداء لواشنطن وظلمها للشعوب المقهورة فان ذلك مردود عليهم لانهم في كثير من الاحيان يساندون الطغاة ضد شعوبهم كما فعلوا في وقفتهم مع طاغية بغداد من قبل وكما يفعلون مع طاغية بلغراد الآن فاذا كانوا مع الحق وضد الظلم فانه كان الاولى بهم الوقوف ضد الظلم من اي جهة صدر لا اختلاق المواقف والاعذار لدعمه ورسم صورة سيئة عن موقف بعض العرب بالنسبة لقضايا المسلمين المضطهدين وتقديم الانتماء الايديولوجي على صلة الدين والدم والعقيدة وذلك هو الخسران المبين!.
الخفاجي وعبد الحكيم بين الفيروزي والحسناوي
في فترة واحدة وصلني اهداءان جميلان الاول بعنوان ابراهيم خفاجي,, ابداع له تاريخ لمؤلفه الاخ الاستاذ هاني ماجد فيروزي والثاني بعنوان عميد الفن السعودي الموسيقار طارق عبد الحكيم لمؤلفه الأخ الاستاذ اسماعيل عيسى حسناوي والكتابان يؤرخان لاثنين من عمالقة الفن كلمة واداء في الجزيرة العربية ومن خلالهما استطاع المؤلفان رصد وقراءة التاريخ الفني في بلادنا خلال ما يزيد عن خمسين عاماً وهي عطاء الرجلين لا سيما ما فعله الاخ الفيروزي في كتابه عن الرائد الاستاذ ابراهيم خفاجي حيث تميز كتابه بوفرة المعلومات التاريخية الشيقة من هذا الجانب من تاريخنا المعاصر فيما اعتمد الحسناوي على الصورة المعبرة والرصد الجيد لاعمال الرائد الاستاذ طارق عبد الكريم لحناً واداءً والمؤلفان كلاهما شاعرا اغنية لديهما الحس الفني الجيد وعلى علاقة وطيدة بالرائدين ولذلك فان كتابيهما يعدان مرجعاً في فنهما وسوف يسجل لهما التاريخ الفني هذا الجهد الطيب.
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved