Monday 3rd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 17 محرم


حول فرز الطلاب المتميزين
سيملؤهم الغرور ويحتقرون غيرهم

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جعل الله - سبحانه وتعالى - الناس على مشارب متنوعة ومسالك متعددة فقد ترى الشيء حسنا وجيدا ويراه غيرك فاسدا وسيئا، والعكس صحيح,, هذه هي سنة الله تعالى في خلقه، يأبى الله الا ان يكون الكمال له وحده سبحانه وما نشاهده من اختلاف الناس في افكارهم وآرائهم في كل وقت وأوان وفي كل جهة ومكان خير شاهد على ذلك.
عزيزتي الجزيرة:
ان الانسان كتلة متحركة مليئة بالافكار والآراء والمقترحات منها الحسن والمفيد، ومنها السيئ والقبيح، ومنها ما حمل الحسن وفارق القبح ولكنه صعب التحقيق والمنال, وخير سبيل لمعرفة نجاح الفكرة وايجابيتها هو دراستها دراسة مستفيضة ثم طرحها للتجربة والتي هي المحك الاول لنجاحها كما انها الدليل الاول لاخفاقها.
عزيزي القارئ: هذه توطئة كان لابد منها قبل الدخول في فحوى مقالتي هذه والتي سأتناول فيها فكرة من الافكار التي طرحت مؤخرا وكثر الكلام عنها الا وهي جمع الطلاب المتميزين والممتازين في كل مرحلة في فصل واحد، وهذه الفكرة كغيرها من الرؤى والافكار فهي قابلة للنجاح كما انها قابلة للاخفاق وما دام ان هذه الفكرة قيد التجربة في ادارة تعليم محافظة الزلفي، فإنه يسعدني ان اتكلم عنها بشيء مما يدور في صدري ويتردد في خلجات نفسي وذلك من خلال النقاط التالية:
1- لجمع الطلاب المتميزين في فصل واحد بعض الايجابيات التي توخاها القائمون على تطبيقها وتجربتها مثل زيادة الاهتمام بهم، وإشعال التنافس فيما بينهم، ومضاعفة المعلومات التي تلقى عليهم لسرعة استيعابهم، بالاضافة إلى انها تساهم في تكوين العلاقة الجيدة فيما بينهم مما يساعدهم على مواصلة الدراسات الجامعية مع بعضهم البعض، وغير ذلك من الايجابيات التي تكلم عنها بعض الاخوة في مجالسهم او عبر الصحف المحلية.
2- كما أن لهذه الفكرة بعض الايجابيات فلها بعض السلبيات وعليها بعض المآخذ ولعل من ابرز ذلك ما يأتي:
أ ) جمع المتميزين في فصل واحد يؤدي إلى ايجاد فصول اخرى تتصف بالضعف الشديد، وتخلو من الحماس والنشاط، والحركة والحيوية، وذلك لانعدام الطالب الممتاز الذي يساهم بأسئلته وحماسه في تحريك الدرس والفصل, هذا بالاضافة إلى ان الطلاب الضعاف بحاجة لهذا الطالب المجتهد ليبين لهم بعض ما خفي عليهم او ما فاتهم من الدروس اثناء مراجعتهم.
ب) جمع الممتازين في فصل واحد قد يكون سببا لاحباط معنويات بعضهم، وذلك لانهم يرغبون في المراكز الاولى على فصولهم، فإذا كان في فصل المتميزين تتلاشى آماله، وتتحطم رغباته وبالتالي قد يقل جهده ونشاطه وتضعف متابعته للدروس لانه فقد الدافع الاكبر لاجتهاده ونشاطه.
ج) جمع الممتازين في فصل واحد قد يؤدي إلى تكاسل بعضهم حيث انه سيكفى مؤونة السؤال والجواب بعكس ما لو كان في فصل آخر لانه يعتمد عليه اكثر.
د ) جمع الممتازين في فصل واحد قد يساهم في اعجاب بعضهم بنفسه وغروره، وبالتالي يتعالى على زملائه في الفصول الاخرى ويحتقرهم.
ه) فصل المتميزين له عدد معين من الطلاب لا يليق تجاوزه والزيادة عليه، وهنا قد يعرض لبعض طلاب هذا الفصل امور طارئة تحول بينهم وبين أداء الامتحانات بشكل جيد وهنا سنكون بين أمرين احلاهما مر فإما ان نخرج الطالب من فصل المتفوقين ويحل مكانه طالب آخر حصل على تقدير افضل منه وإما ان نبقي الطالب في فصله ونحرم المتفوق الآخر من ان يحل محله، ففي الحالة الاولى سيصاب الطالب بشيء من الاحباط وربما نظر له زملاؤه بشيء من الانتقاص وهذا قد يفقده ثقته بنفسه ويحطم كبرياءه، وفي الحالة الثانية ربما ظن الطالب الآخر ان المدرسة تفضل فلانا عليه اذ كيف تبقيه مع المتفوقين مع انه حصل على درجات اعلى منه وهذا قد يؤثر على ذلك الطالب نفسيا وعلميا.
و) في بعض المدارس قد يتعذر ايجاد فصل متكامل من المتفوقين بل ولا حتى نصفه وبالتالي لابد من اكمال العدد المحدد للفصل ببعض الطلاب الضعفاء وهنا سيفقد الفصل الكثير من ايجابياته.
3- ذهب بعض من سعى لهذه الفكرة الى انها ستحد من الاخفاقات المتتالية لكثير من طلاب مدارسها في الجامعات السعودية المنتشرة في هذه البلاد المباركة - وخاصة العملية والتطبيقية منها - وذلك لان هذا الفصل سيوحد وجهة العديد منهم ويقف بعضهم مع البعض الآخر ويشد من أزره ونحو ذلك وفي الحقيقة ان هؤلاء نسوا أو تناسوا أن السبب الحقيقي لاخفاق كثير من الطلاب في جامعاتنا هو الضعف الشديد في بنائهم، حيث ان الطالب اعتاد في تلك المناطق الحصول على معدلات وتقديرات تفوق مستواه وقدراته الحقيقية فانخدع بها وظن انه بلغ الغاية العظمى في التفوق، ومن ثم فإنه لا يقف على مستواه الحقيقي إلا بعد ازالة العصابة التي كانت على عينيه ويفاجأ بالحقيقة المؤلمة والمرة وهي ان تلك الكلية فوق مستواه الحقيقي وهنا سيوجه كل اللوم لمن وضع تلك العصابة على عينيه وان كانت سببا في سعادته المزيفة في دراساته الاولية فالاهتمام الاكبر يجب ان يكون على الطريقة المثلى لبناء الطالب بناء قويا يساعده في مسيرته وينير له درب حياته لا أن يكون سببا في ضياعه وتوهانه.
4- إن كان لابد من تطبيق هذه الفكرة فأرى - وهو رأي شخصي قابل للاخذ او الرد - ان تكون هذه الفصول على مستوى المحافظة بأكملها وذلك بأن تختار مدرسة تخصص بكاملها للطلاب المتميزين، ويوفر لها وسائل نقل مجانية لاولئك الطلاب بالاضافة إلى منحهم بعض الحوافز المالية والتشجيعية وتوفير كامل المستلزمات التعليمية لهذه المدرسة، واختيار نخبة من المعلمين لتسيير وقيادة مركبها، وتكون البداية من السنة الاولى الابتدائية حيث تكوّن لجنة لاختيار الاذكياء ممن يتقدمون لها من خلال المقابلة الشخصية وإجراء بعض الامتحانات التجريبية لهم، وهنا لن يدخلها إلا من يستحق ذلك.
ومع الاهتمام البالغ والذكاء الفطري والادارة الناجحة والمعلم المتفوق والحوافز المالية والتشجيعية والوسائل التعليمية المتوفرة والمتعددة، سنجني ثمرة ذلك إن شاء الله شبابا يسد ثغرة في مجتمعنا الآمن قاضيا او طبيبا او مهندسا او موظفا ناجحا.
أحمد بن محمد البدر
الزلفي

رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved