Monday 3rd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 17 محرم


سامحونا
يسألونك عن الهجرة الجماعية
أحمد العلولا

ان التعديل الجديد الذي طرأ مؤخراً على لائحة نظام الاحتراف المحلي,, قد تنوعت اصداؤه بين القبول والرفض,, فمن ثناء واعجاب واشادة بمحتوى ومضمون فقراته، والاشارة لمميزاته التي ترتكز اساساً على دفع واقع ونظام الاحتراف خطوة متقدمة من حيث تحقيق قدر اعلى من الحرية للاعب الذي اصبح بمقدوره تخطي الحواجز الوهمية التي كان ناديه يضعها امامه اذا ما دعاه تفكيره للبحث والمطالبة في الانتقال لناد اخر يبحث من خلاله احراز فوائد تذكر إما معنوية او مادية!
وتلك هي حقوق مشروعة لأي لاعب يتطلع لتحسين اوضاعه وتحقيق مكاسب ذاتية, ان الاندية الكبيرة مادياً تعد اكثر من رحب بتلك التعديلات,, بل وصفق لها,, فهي تعد العدة- والتي لا تعتبر وليدة اليوم- كي تفتح ابوابها لاستقطاب ابرز المواهب والنجوم الواعدة ممن يعيشون في رحاب اندية ذوي الدخل المحدود وما اكثرها,, تلك التي تشهد مشكلة الضائقة المالية -طوال العام- وتقف عاجزة عن الوفاء بمتطلباتها وسداد ديونها وتنذر الحالة بوجود عجز مستديم في الموازنة من جراء حجم الانفاق على المصروفات مقابل مصادر الدخل والتمويل المتواضعة.
ان تلك الاندية,, ولنأخذ على سبيل المثال -الرياض- حيث كان المناخ السائد والى ما شاء الله يعج بمشكلات لا حصر لها اقدم على اختلاقها مجموعة من اللاعبين فكان تفكيرها وهاجسها الاول منذ تطبيق نظام الاحتراف العمل السريع على مغادرة النادي الخروج بدون عودة وطرق ابواب اندية اخرى يأملون ان تكون ملاذاً ايجابياً,, وانقاذاً لمأسأة ومعاناة ربما تصل الى حد معاناة شعب كوسوفا من وجهة نظر اللاعبين مع اختلاف فوارق تلك المقارنة!!
ان مشكلة تأخر صرف مرتبات المحترفين ليست خاصة بنادي الرياض الا انها تأخذ مساحة كبيرة من الاهتمام لدرجة الإثارة وتصعيد المشكلة على الصعيدين الاعلامي والرسمي حسبما تردد مؤخراً من قيام بعض اللاعبين بتوجيه شكوى على النادي للجنة الاحتراف وذلك للمطالبة برواتب متأخرة مع تقليص ميزانية الاحتراف ومناشدة الاندية الاعتدال في مرتبات اللاعبين من حيث عدم المبالغة وكذلك تجاوز السقف الاعلى المعلن 20 الف ريال اذ لوحظ ان الاندية درجت بدافع -العاطفة- الى اقرار مرتبات خيالية تحمل ارقاماً فلكية لم يكن يحلم بها اللاعب,, وسارعت مع طفرة الاحتراف وهذا للأسف كان من ابرز سلبياته,, ولم يجد تدخلاً صائباً يحول دون استمراريته,, فتبارزت الاندية في سباق غير محمود النتائج لمنح مرتبات عالية دون اجراء دراسة او عملية تقويم شاملة للاعب وبصرف النظر عن مستواه الفني,, ولا شك ان العلاقة الشخصية الى جانب مؤثرات اخرى قد ساهمت في تحديد المرتب واذكر ان هناك فئة من انصاف اللاعبين وآخرين ممن يشاركون فريقهم في مباراة واحدة طوال الموسم ومع هذا ينعمون بمرتب عال ومقدم عقد يتجاوز مستحقات موظف بالمرتبة العاشرة على مدى عشر سنوات!!
لن اتساءل عن المتسبب في ارتكاب مثل تلك الاخطاء,, فما الفائدة بعد ان وقعت الفأس على الرأس؟
ان مشكلة كثير من اللاعبين مع انديتهم تتمثل بعدم الاقتناع بقيمة المرتب الشهري لاسيما بعد قرار تقليص المرتبات وعدم تجاوز سقف ال 20 الف ريال.
ان حالة لاعب موهوب بمكانة سعد الدوسري وهو يصرخ قائلاً,, ان لم يقرر الرياض رفع المرتب للحد الاعلى فسوف اتوكل على الله بحثاً عن ناد اخر ليست هي اشكالية لاعب واحد يمكن النظر لها كحالة فردية استثنائية,, اؤكد ان افرازات التعديلات الجديدة قد تهز اركان فرق عديدة نتيجة نشوء ظاهرة جديدة قد توصف بالهجرة الجماعية من اندية الدخل المحدود الى اندية المربع المالي الممتاز!!
النادي يقرر,, اللاعب يرفض ومن ثم يساوم، يمتنع عن المشاركة، يختلق الاعذار الواهية من ادعاء الاصابة وغيرها ان لعب فهو لا يتردد بحكم بمستواه الثفاني والوعي الذي يعيشه ألا يقدم الواجب المطلوب منه,, تشاهده متخاذلاً وقد لا نستغرب اذا سارع في ارتكاب حماقة وسلوك مشين بهدف الفوز ببطاقة حمراء هي لا تؤثر في مسار مرتبه الشهري سلباً، انديتنا لم تتعلم بعد معنى ومفهوم الاحتراف,, فكيف باللاعب الذي لا يبحث الا عن مكاسبه الشخصية دون المام بالحقوق والواجبات.
الاكثر اهمية بالموضوع والذي يحتاج الى دراسة وافية للتوصل الى حلول عاجلة,, هي كيفية تحديد مرتبات اللاعبين,, الاسس, الشروط ثم من هم الاشخاص المخولون وما مواصفاتهم فهذا اللاعب- اي لاعب- بصرف النظر عن درجة مستواه لم يعد على اقتناع بأي مرتب سوى الاعلى ولا شيء سواه,, تلك هي مصيبة الاحتراف الكبرى,, ويبقى السؤال الذي تبحث فيه الاندية عن الاجابة الشافية,.
من يقرر تحديد المرتب وكيف يقتنع اللاعب؟
ان نظام الاحتراف ليحقق النجاح لأهدافه المنشودة يتطلب اجراء دراسة متكاملة بعد سنوات من اجراء تطبيقه بالوقوف على مميزات وسلبيات هذا النظام- وللخروج بنتائج اكثر واقعية وانصافاً للاعب من جهة والنادي من جهة حتى لا تستمر موجة الشكوى المتبادلة بين الطرفين,, وسامحونا!!
من أجل تنمية المجتمع,, مطلوب دعم الأندية!!
الاندية الرياضية جزء لا يتجزأ من المؤسسات التربوية الفاعلة من اجل تنمية المجتمع,, والدور الذي تلعبه في هذا المضمار ينبغي ان يحظى بالتأييد والمساندة,, ومن ثم العمل على توفير الدعم المتكامل.
وهذا يتطلب وقفة جادة ومتكاملة فالجهود الفردية,, والمعونات التي تفوز بها الاندية من حين لآخر على شكل هبات ومساعدات مادية بمبادرة تستحق التقدير من جانب عدد من الفعاليات الاقتصادية في بلادنا خلال مناسبات معينة ينبغي تفعيلها والتخطيط نحو استمراريتها بطرق اكثر انسيابية ومعايشة لظروف ومستجدات تنمية وتربية المجتمع,, فالاندية النموذجية بمرافقها الرحبة وامكاناتها الرائعة بحيث تستقطب فئة الشباب وفقاً لمنظور تربوي يستهدف اعداده وبناء شخصيته بابراز قدراته واعلان مواهبة من ثم تنميتها للعيش حياة سوية بعيداً عن الاخطار المحدقة,, كل هذا يتطلب تحركاً افضل على المستوى الجمعي اذ ان من الواجب ان تكون هناك مشاركة متكاملة في عملية بناء الشباب والرياضة,, وبصيغة السؤال اكثر من مرة أقول: اين دور قطاع المؤسسات والشركات الكبرى ممثله برجال المال والاعمال في اثراء حركة المجتمع السعودي وتنميته في ذلك المضمار؟
ماذا يمثل حجم هذا الانفاق والدعم ان وجد بصفة سنوية؟
واخيراً,, الى متى يقف رجال المال في مدرج المتفرجين للنظر الى دعم الدولة لجهاز الرياضة والشباب؟
لاشك ان هذا الموضوع,, وقد تناولته بالاشارة، يحتاج الى مناقشة جادة على طاولة البحث العلمي وبمشاركة عناصر فاعلة ومؤثرة من اقطاب المجتمع ورموز المال والاعمال الى جانب مسئولين يمثلون ميدان الشباب والرياضة واحسب ان احد الاندية الكبيرة وبالذات ممن تعيش معاناة الاوضاع المادية المتردية قد يبادر في اعداد وتنظيم ندوة كبرى تتعلق بتفعيل دور القطاع الخاص تجاه انديتنا الرياضية التي تجد نفسها ذات يوم عاجزة عن تسيير شئونها نتيجة ضائقة مادية فالنادي مؤسسة تربوية اجتماعية يضم في جنباته شباب الوطن واي دعم وعون ومساندة من جانب الفعاليات الاقتصادية له يصب في عملية البناء والتنمية,, ومن ثم تفعيل دور الشباب والتأكيد على اهميته وضرورة اثبات وجوده,, كل ذلك يتطلب وقفة جادة لاعادة النظر بمسألة شح الموارد المالية للاندية وكيفية توسيع دائرة مصادر التمويل للانفاق على شئون ومتطلبات النادي ورسم الخطط الكفيلة بتطوره وتقدمه,, وسامحونا!
رجوعأعلى الصفحة
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
تحقيقات
مدارات شعبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved