المكرم رئيس تحرير جريدة الجزيرة حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إيمانا منا برحابة صدر جريدتنا الغالية والتي دائما تأخذنا الى المعرفة والاطلاع وهي ملتقى القراء وافساح المجال لهم لتبادل الآراء والمناقشة المفيدة البناءة، فمن هذا المنطلق وليس حباً في الشهرة او الظهور على اكتاف الآخرين وتتبع ما ينتج من اخطائهم واظهار عبقريتي بانني المصحح والمطلع على كافة العلوم والمعرفة حاشا والله ما سعيت لهذا ولكن رغبة في احقاق الحق واعطاء كل ذي حق حقه ولعدم طمس حقيقة قد يكون صاحبها انتقل الى رحمة ربه وربما لا يحب الظهور الاعلامي او لكثرة مشاغله.
وما دعاني لكتابة هذا التعقيب الا ما كتبه الأخ/ عبدالله بن بخيت, في صفحة المنوعات تحت زاوية (يارا) بجريدتنا الغراء الجزيرة بالعدد 9708 يوم الاربعاء 12/1/1420ه الموافق 28 ابريل/نيسان 1999م بعنوان (عقب الكدالك وتشكيل الفروت) وما تطق اليه الكاتب في مجال عدم تاثير اللهجة المصرية بالفن السعودي وكذلك الفنانين السعوديين في عصر الخمسينات والستينات وقد شهد الأخ الكاتب بل واعترف بصمود وكبرياء الفن السعودي بأصالته وسلاسة معانيه واعذبه عندما قارنه بالفن والفنانين العرب من الدول العربية الأخرى والذين قال عنهم من أراد الوصول الى العرب فليس امامهم إلا البوابة المصرية وهذا شيء طيب وجميل من الاخ الكاتب ويشكر عليه هذا الدفاع والغيرة على الفن السعودي وتراثه، إلا ان الاخ الكاتب وان كان هناك مأخذ عليه فهو ربطه للفن السعودي بجذور الفن اليمني أصلاً وفصلا وقد استشهد الاخ عبدالله باغنيتين سمعهما وهو في طفولته معتقدا بانهما سعوديتان الى وقت قريب معللا ذلك بوجود تلك النوعية من السيارات في ذلك العصر الى ان اتضح له فيما بعد بأن الاغنيتين هما يمنيتان صرفا مع ان الحقيقة عكس ذلك وبعيدة كل البعد عما كتبه الأخ عبدالله وسألخصها له في الآتي:
1 ليت الاخ عبدالله يسمح لي باستخدام مصطلح فارق السن بيني وبينه فالفارق بيننا قد يكون كبيراً بعض الشيء ولكن لست بالهرم حتى لا يتخيلني الاخ الكاتب كذلك.
2 لمعرفتي المعرفة التامة بصاحب الأغنية الأولى والتي منها (عقب الكدالك وتشكيل الفروت) وهذا هو البيت السادس من الأغنية وهي للمرحوم بإذن الله تعالى (العم عبدالله بن سبعي الغامدي) وكان مشهورا باسم ابو سامية بين جماعته وللإحاطة بأن أكبر الأبناء له الاخ خليل وهو حيٌّ يرزق.
ولو تمعن الاخ عبدالله في كلمتة فروت وفي جمع لكلمة فرت بأنها لهجة نجدية صرفة وتقال حتى يومنا في عامة نجد وخاصة كبار السن منهم والعامين وهي تعريب لكلمة فورد (FORD) ونعود لكاتب الأغنية وهو من الاشخاص الذين امتهنوا مهنة (السواقة سائق ) في ذلك العصر حيث عمل في أحد قصور اصحاب السمو الأمراء, وكان هو السائق الخاص والشخص المقرب لسموه إلا ان الزمن لم يدم له على حال (كما قيل دوام الحال من المحال) وقد تبدلت حالته بسبب أهل الوشاية والنميمة الى أسوأ مما تتصوره ياأخي العزيز فكتب هذه القصيدة وغناها المطرب الفنان علي فقيه وقد سجلت في ذلك الوقت على اسطوانات ووزعت تلك الاسطوانة في جميع اقطار شبه الجزيرة العربية ودول الخليج العربي ومن هذه الأغنية اليك هذه الأبيات ومطلعها يقول:
يالله يادائم اللي ما يموت موجد الشي من بعد العدم يامن خلف في البحر در وحوت بجاه طه واللوح والقلم يقول ابو سامية يبغى يموت اسعاف ياهل الهوا قولوا نعم قلبه معلق بخيط العنكبوت وقدره الله جنته وانصرم ياناس ياناس لوه بالبخوت ما كان حالي تردى للعدم عقب الكدالك وتشكيل الفروت مع عجة السوق قمت امشي قدم خلوني ارفع شراع الجيلبوت واهيم في البحر وامواج الظُّلَم والحب ما حدن على شطه يموت مير يموت من مات ويسلم من سلم |
الى أخر القصيدة مع احاطة الاخ الكاتب بان المرحوم عمل بوزارة الزراعة بمهنة سائق ثم انتقل إلى وزارة الصحة وعمل بوظيفة مأمور حركة بمستشفى الاطفال بالرياض الى ان انتقل الى جوار ربه قبل سنوات قليلة رحمه الله رحمة واسعة واموات المسلمين إن شاء الله تعالى.
وأما الأغنية الثانية (كلمة ولو جبر خاطر ولا سلام من بعيد) والتي شدا بها الفنان اليمني اطال الله عمره الفنان محمد سعد عبدالله في الستينات وقد اشتهرت هذه الأغنية وعرفت الناس بالفنان محمد سعد عبدالله، فكانت ومازالت سعودية الكلمة والمنشأ والمعنى وهي كلمات الشاعر والرياضي المخضرم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن سعود بن عبدالعزيز رئيس نادي النصر السابق وعضو الشرف حاليا اطال الله عمره واسبغ عليه الصحة والعافية وكانت تلك الأغنية في بداية حياته الشعرية عندما كان يلقب (بفتى نجد) كما ان الفنان السعودي اخطبوط العود عبادي الجوهر تغنى بتلك الأغنية ونسبها الى صاحبها ولم يقل إن هذه الأغنية من الفلكلور اليمني او السعودي وهذه نقطة تسجل لصالح الفنان عبادي الجوهر في سجله الفني على مر الزمن واجزم بان الاخ عبدالله قد سمع هذه الأغنية بأداء الفنان عبادي الجوهر وقد اذيعت يوم الخميس 13/1/1420ه الموافق 29 ابريل/ نيسان 1999م وذلك خلال المقابلة التي اجريت مع سمو الامير في احد البرامج الاسبوعية والتي تبث مباشرة من محطة FM.MBC الإذاعية.
3 اما من ناحية قوله لا يوجد سعودي إلا وقد زار مصر أكثر من مرة فأقول بانه قد فات على الاخ الكاتب معرفة انه في عصر الخمسينات والستينات كانت الزيارة والسياحة منصبة في اتجاه واحد الا وهو الى لبنان حيث شهد لبنان في ذلك العصر ازهى ايام الفن وازدهار السياحة الخارجية من جميع الدول الخليجية والعربية وان أغلب الأغاني السعودية والخليجية كانت تطبع وتسجل على الاسطوانات في لبنان والعراق فقط لكثرة شركات الانتاج والتوزيع هناك, اما الزياراة والسياحة الى جمهورية مصر العربية فقد بدأت في أوائل السبعينيات وذلك على مستوى الفرد العادي, وللتذكير فقط اقول للأخ الكاتب (ان تمثيلية بدوي في الطيارة للفنان عبدالعزيز الهزاع) اذا كان الاخ الكاتب قد سمعها فانه قد تم طبعها على اسطوانة في العراق في اول ظهور فني للفنان الهزاع, آمل من الأخ/ عبدالله البخيت بأن يكون قد علم بأن الفن السعودي سواء شعرا أو أدبا وفي جميع مجالاته كان ومازال راسخا في الوجدان وبين ظهرانينا كما جبال أجاء وسلمى وجبال السروات والعارض ومجالاته واسعة اوسع من صحراء الربع الخالي واغزر من بحور العالم.
اما من ناحية السيارات التي ذكرها في مقاله فنعم فان تلك السيارات هي الوحيدة في زمانها وملاكها هم اصحاب السمو الأمراء وقد ورد اسماؤها كثيرا في الشعر السعودي فمنها للذكر وليس للحصر الأغنية المشهورة والتي ذاع صينتها وهي تحمل اسم الكدلك ايضا وتردد حاليا في مناسبات الافراح والزيجات ومطلعها:
كدلك حمر والرفارف سود خويكم لا تخلونه |
وكذلك السيارة الثندربرد والتي تقول كلماتها
يالثندر البرد يالمذكور الله يجيرك من الباسي ان كان راعيك يطيع الشور قل له ترفق على الماشي حمر الشفايف ورد بلور والورد يهدى بقرطاسي |
الى آخر الأغنية والى أن وصلت سيارات الدوج ومن ثم سيارات الشفرليت وغيرها وقد تغنى الشاعر والمطرب المعروف ورجل الأعمال حاليا (حجاب بن نحيت) ممتدحا الشفرليت في عصره وان من يستاهله هو الصاحب الغالي حيث قال في اغنيته المشهورة (رجال المطافي) وهي طويلة ومنها هذا البيت:
فأبيض شفر سته وستين يعرف يستاهله ابو الثمان الرهافي |
فبعد أن تم ايقاف استيراد سيارات الفورد حين تمت مقاطعة الشركة الصانعة لتلك السيارات بعد تعاملها مع العدو الإسرائيلي, هذا ما احببت ان اوضحه للاخ عبدالله بن بخيت وللقراء الأعزاء ممن يعنيهم حفظ التراث السعودي وانا لست محاميا عَمَّن ذكرت اسماءهم هنا, بل راجيا من الكاتب العزيز تحري الدقة في نقل المعلومة حتى يكون لزاويته (يارا) ميزة صادقة عند متابعي زاويته وقرائه وانا واحدا منهم اذا سمح لي بذلك، كما اشكر الاخ عبدالله بن بخيت الذي اوقد لدي الحماس والشجاعة لكي اطرق باب الصحافة عن طريق جريدتنا الغراء الجزيرة وهي المرة الأولى لي في هذا المجال.
وان يقدر لي الاخ عبدالله هذا الرد ليس تشكيك في قدراته الكتابية او ثقافته الأدبية ولكن قد يكون اختلط عليه بعض الأمر في الحقيقة وهذا ليس عيبا فالكمال لله سبحانه وتعالى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعد سويلم إبراهيم جبريل
الرياض