نزعت المحكمة الاسرائيلية العليا فتيل أزمة كانت ستفجر عنفا دمويا، ليس فقط في القدس الشرقية المحتلة، بل وفي عموم الأراضي الفلسطينية بحيث - حسب تقديرات المراقبين- تكون انتفاضة عام 1987م بالنسبة لها بحر لعب بالنار !.
وكادت حماقة ورعونة بنيامين نتنياهو تتسبب في دورة عنف كان يمكن ان تقضي على آخر ما تبقى لعملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين عندما تجاهل نصائح خبراء الأمن الداخلي بعدم تنفيذ أمر اغلاق بيت الشرق في القدس المحتلة.
ولولا مبادرة مجموعة من سكان القدس المحتلة بالطلب من المحكمة العليا في اسرائيل أمس مراجعة أمر اغلاق بيت الشرق الذي اصدره أفيغدور كهلاني وزير الأمن الداخلي امتثالا لقرار نتنياهو لوقع ما لا تحمد عقباه بين الاسرائيليين والفلسطينيين، وهذا تحديداً ما جعل الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس وهو في هلسنكي عاصمة فنلندا التي يزورها منذ أول أمس يقول تعليقا على قرار نتنياهو: ان اغلاق بيت الشرق سيشكل تصرفا أرعن للغاية، وخطيراً على الأرجح .
وبيت الشرق في القدس المحتلة هو المقر الرئيسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ويعد المقر العام للنشاط الفلسطيني التخصصي مثل مكاتب وفا وكالة الانباء الفلسطينية، ومكاتب شؤون مدينة القدس التي يتواجد بها فيصل الحسيني مسؤول ملف القدس، ومكاتب مركز الدراسات الاستراتيجية الفلسطيني,, وغير ذلك من مكاتب النشاطات الفلسطينية الأخرى.
وبيت الشرق من الناحية التاريخية عبارة عن بيت ضيافة فلسطيني يتوسط الجزء الشرقي من القدس ويعود تاريخ بنائه الى أكثر من قرن من الزمن.
وقد أعيد افتتاحه منذ سبع سنوات حيث اصبح قبلة الزوار المحليين والأجانب وقناصل حكومات الدول التي لها علاقات دبلوماسية مع اسرائيل وهذه النشاطات أضفت على بيت الشرق صفته التي طغت عليه وهي صفة المقر الرسمي للمنظمة وبعدها السلطة الفلسطينية وهذا هو ما أثار حفيظة الاسرائيليين فاعتبروه اشارة فلسطينية واضحة الى ان القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية التي اصبح اعلانها أمرا حتميا في الموعد الذي يتفق عليه أهل الشأن، وصنّاع القرار.
على أننا ينبغي ان نشير الى ان قرار المحكمة الاسرائيلية العليا تأجيل اغلاق بيت الشرق هو قرار وقتي، لأن التأجيل قُرّر لمدة اسبوع واحد فقط - أي حتى يوم 18/ مايو/ الحالي,, أي بعد اجراء الانتخابات النيابية بيوم واحد فقط - حيث تكون النتيجة قد اعلنت وعرف الفائز برئاسة الحكومة الاسرائيلية الجديدة التي ستحدد سياسة اسرائيل المقبلة تجاه عملية السلام.
الجزيرة