عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تشير التقارير الإعلامية والصحفية المختلفة إلى تجاوز الصرب كل الأعراف والقوانين وانتهاكهم المستمر لابسط قواعد وحقوق الإنسان في إقليم كوسوفا, ففي الوقت الذي ينتظر فيه المراقبون ان تنفرج همومهم يزداد عمق المأساة التي يعيشها الكوسوفيون, حيث يمضي الصرب في ضرب وتحجيم مسلمي هذا الاقليم، ولم يتورعوا عن استخدام اي وسيلة للضغط عليهم بغرض إرغامهم على النزوح والهجرة الجماعية من مدنهم وقراهم، تماما كما حدث لمسلمي البوسنة والهرسك، حيث اضطرهم الصرب إلى الهجرة القسرية إبان الحرب الشرسة الظالمة التي شنوها عليهم، فنزح البوسنيون إلى كرواتيا والمانيا وتركيا وسلوفينيا وغيرها من البلدان، ونقل عددكبير من اطفالهم وايتامهم إلى مختلف البلدان بحجة انقاذهم من الجوع والعري والمرض والحرب، لكن الاهداف الحقيقية كانت تنصب لتنشئتهم وتربيتهم على نحو جديد بعيداً عن أوطانهم ومناخاتهم المسلمة بغرض تنصيرهم وتحويلهم عن دينهم.
وبالنظر الى الوسائل التي اتخذها الصرب في حربهم ضد مسلمي كوسوفا الآن نجد انها تتماثل تماما مع منهجهم الذي اتخذوه في حربهم ضد مسلمي البوسنة والهرسك حيث استهدفوا أول ما استهدفوا اقتصادهم، فدمروا البنية الاساسية للاقتصاد البوسني ، وضربوا معظم المؤسسات والمصانع التي كانت تدعم الاقتصاد البوسني، ابتدروا كذلك الحرب على مسلمي كوسوفو بضرب اقتصادهم، فقد ذكرت بعض الصحف الالبانية ان الصرب قد شرعوا في اخضاع اقتصاد كوسوفا لسلطتهم المباشرة، ولتحقيق ذلك الغرض، اتخذ عدد من التدابير، منها ان (296) شركة عامة في كوسوفا، تم دمجها في (173) شركة مماثلة في صربيا، ومن ابرزها منشآت الطاقة الكهربائية، شبكة السكك الحديدية وشركات النقل، الطيران المدني، استخراج وصناعات المعادن، صناعات المطاط والنسيج والجلود، الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، وغيرها من الصناعات المشهورة والمعروفة في الاقليم.
بيد أن الصرب لم يكتفوا بذلك فحسب بل قاموا بالسيطرة التامة على جميع مناجم كوسوفا وتعطيلها،ومن ثم تفريغها من العمالة المسلمة، ومن الخبراء الكوسوفيين المسلمين، الامر الذي ادى الى جعل منجم تريحا الشهير - وهو اكبر المناجم في يوغوسلافيا السابقة، والمشهور بكثرة إنتاجه من معادن الذهب والفضة والرصاص وغيرها من المعادن يخسر خسارة فادحة.
لكن الحملة الصربية على الاقتصاد الكوسوفي لم تقف عند هذا الحد، بل اتجه الصرب لتقطيع الاشجار الكثيفة في الغابات الكوسوفية، وشحنها إلى صربيا والجبل الاسود، والاستفادة منها هناك، حتى وصلت كميات الاخشاب التي تم قطعها وترحيلها من اقليم كوسوفا أكثر من (500,000) متر مكعب كما صادروا الاراضي الزراعية التابعة للكوسوفيين، وشرعوا في بناء مستوطنات صربية عليها، بل ركزوا ذلك في الاقاليم والمدن الكوسوفية ذات الكثافة السكانية العالية.
بعدها اتجه الصرب نحو إفراغ الاقليم من سكانه فطردت آلاف الاسر الكوسوفية من منازلهم وهجروا من مدنهم وقراهم، واحتلت السلطات الصربية جميع مستشفيات كوسوفو وطرد جميع الاطباء والممرضين الالبان، وتم إغلاق جميع المدارس الابتدائية والثانوية الالبانية، وشرد المدرسون المسلمون العاملون فيها، واغلقت المكتبة المركزية الجامعية،وجميع مكتبات المدارس الاخرى واخذت السلطات الصربية كثيرا من الكتب العلمية النادرة، ونقلتها بواسطة الشاحنات الى مصانع الورق لتصنيعها ورقا عاديا من جديد,,!
وخلاصة ذلك يمكن القول ان الخطوات التي اتخذها الصرب في حربهم ضد مسلمي البوسنة والهرسك ومسلسل التدمير والإبادة الذي جرى مع مسلمي البوسنة والهرسك يتكرر بنفس صوره واشكاله وخطواته الآن مع مسلمي كوسوفا في ظل صمت وتعتيم اعلامي غربي مطبق، بدءاً بالتسويف والمماطلة في اتخاذ القرار اللازم تجاه العدوان الصربي وانتهاء بما حدث لمسلمي مدينتي جيبا وسربرينيتسا البوسنيتين الذين يكتشف في كل يوم مقابر جماعية لهم تضم الآلاف من القتلى.
واذا كانت هذه المأساة التي تنقل وسائل الاعلام المختلفة في كل يوم فصلا جديدا يؤكد على عمق مأساة شعب كوسوفا المسلم بخاصة وشعوب البلقان المسلمة بعامة من قبل الصرب الحاقدين، فإنه ينبغي علينا المسارعة لنصرتهم وتقديم الدعم لهم تماما على النحو الذي حدث مع قضية مسلمي البوسنة والهرسك.
سلطان المواش