Thursday 13th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الخميس 27 محرم


الإعراب والإعجام!

من النتائج الايجابية لتراكمية ومنهجية المعرفة في عصرنا هذا ان أصبح مبدأ التخصصية مطلباً حيوياً لا غنى لأي مجتمع حديث عنه, فكلما تقدم المجتمع تلاشت نظرية (بتاع كله!) وأصبح كل ميسر لما خلق له فكما ان للمهندس المدني مثلاً، اختصاصه (الخاص به) فللمهندس النفسي مجال عمله كذلك، وأعني بالمهندسين النفسيين اولئك الذين تخصصوا في معرفة خبايا الطبيعة البشرية أكاديمياً واكلينيكياً وغاصوا في سبر أغوارها واصبح لديهم معايير علمية مقننة من شأنها خلق القدرة على تشخيص علل النفس واقتراح ما يلائم كل منها على حدة بظروفها النفسية والأسرية والاجتماعية المتنوعة، خصوصاً ان القلوب تأتلف وتختلف طبقاً لأسباب ليس كل ذي علم له من تفسيرها وتأويلها حظ او نصيب، ومع ذلك فمن الملاحظ ان الكثير من صحفنا اليومية ومجلاتنا الاسبوعية وفضائياتنا كذلك تزخر بالعديد من (الاستشاريين النفسيين/ الاجتماعيين) الذين لا يتوانون عن القاء (الاستشارة) جزافاً وعلى طريقة (الاستشعار من بعد!) فهذا يطلب (من مريضته!) العمل على نسيان الماضي والبدء من جديد! وذاك يحثها على استقراء الماضي والاستفادة منه في صياغة المستقبل! وآخر يوبخها على (مسامحتها!) له، ونظيره الآخر يشجعها على الأخذ بفضيلة العفو (عنه!)، وهكذا دواليك حتى يصبح الكحل داء يعمي البصر والبصيرة، وبما ان سد الذرائع مقدم على جلب المصالح ناهيك عن جلب المآسي ! ألا يحق لنا ان نتساءل عن مدى ملاءمة تخصصية (حلال المشاكل هذا؟!) حتى لا تؤدي (حسن نيته!) في حل المشاكل الى تفاقم المشاكل! أليس في تراثنا المجيد ما يدل على ان التخصص في حقل ما شرط من شروط الافتاء به؟! بل الا يتطلب القول الخالد: حدثوا الناس يما يعقلون أتريدون أن يكذب الله ورسوله اجادة المخاطب لحيثيات خطابه وفهمه لمن يخاطب بظروفه النفسية والاجتماعية؟!, الا تلاحظون الفارق بين البرامج لدينا وبين مثيلها من البرامج الغربية من حيث إن البرامج الغربية - وعندما تناقش مرضا ً نفسيا/ اجتماعياً - دائماً ما تستعين بعلماء نفس واجتماع متخصصين في المشاكل النفسية ذات الصلة الوثيقة بما يتم استعراضه على تلك البرامج، فعندهم ليس كل عالم نفس او اجتماع بمؤهل اكاديميا وتطبيقياً على (حل مشاكل خلق الله!) بل لا بد له من تأهيل علمي يتجاوز متطلبات الحصول على شهادة الدكتوراه، اما نحن فكل يدعي وصلا بليلى وبحل مشاكلها النفسية والاسرية والاجتماعية والمادية و و و,, يا ترى ما هي الأسباب؟!,, المادة؟!.
فارس الغزي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
فنون تشكيلية
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
الاقتصـــادية
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
استطلاع
العالم اليوم
مئوية التأسيس
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved