Saturday 15th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 30 محرم


تقرير عن المقاطعة السابعة والعشرين في جمهورية إندونيسيا
نتيجة الاستفتاء في تيمور الشرقية ستحدد مصير إندونيسيا بين الوحدة والتفكيك

* القاهرة أ,ش,أ
تيمور الشرقية,, هي المقاطعة السابعة والعشرون في أندونيسيا,, او الشطر الشرقي لجزيرة تيمور التي تبلغ مساحتها الاجمالية 34 ألف كم مربع يقطنها نحو 800 الف نسمة غالبيتهم من المسيحيين الكاثوليك,, وتستعد الآن للتصويت اما على البقاء في كنف أندونيسيا او الاستقلال عنها ضمن استفتاء يجري تحت اشراف الأمم المتحدة.
فما هي دوافع الانفصال ومغزى التأييد الغربي لهذه الخطوة ولماذا قبلت اندونيسيا التخلي عن تيمور الشرقية بهذه السهولة بعد 22 عاما من الدمج,, ثم ما هي حقيقة الدور البرتغالي في تيمور الشرقية, وهل ستؤدي هذه الخطوة في حالة حدوثها الى تفتيت وحدة أندونيسيا البالغ تعدادها نحو 210 ملايين نسمة.
فمنذ منتصف القرن السابع عشر وحتى عام 1976 ظلت تيمور الشرقية تحت سيطرة المستعمر البرتغالي باستثناء فترات متقطعة تم طرد البرتغاليين منها على أيدي الجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية مثلما فعل ايضا مع الهولنديين وطردهم من تيمور الغربية الشطر الغربي لجزيرة تيمور.
وفي اغسطس عام 1975 اندلعت الحرب الأهلية في تيمور الشرقية,, وبدلا من ان يسعى البرتغاليون الى احتواء هذه الحرب واستعادة القانون والنظام في تيمور الشرقية الواقعة تحت سيطرتهم تخلت السلطات البرتغالية عن تيمور الشرقية وخرجت منها في 28 نوفمبر عام 1975, وخلفت هذه الحرب ظهور اتجاهات قوية داخل تيمور الشرقية مطالبة بالانضمام الى اندونيسيا في مايو عام 1976م الى ان أعلن الرئيس سوهارتو عن اتمام عملية الدمج في 17 يوليو عام 1976م لتصبح تيمور الشرقية المقاطعة السابعة والعشرين في أندونيسيا ولتبدأ الحكومة في جاركارتا عملية كبيرة لتنمية هذه البقعة الفقيرة التي ظلت تحت سيطرة المستعمر البرتغالي طوال ما يصل الى 450 عاما.
فعندما انضمت تيمور الشرقية الى اندونسيا كان سكانها يعيشون ظروفا صعبة من الفقر,, حيث يقيم الكثير منهم في قرى نائية بلا طرق او جسور او وسائل اتصال,, يعتمدون على الزراعة البدائية وتنتشر بينهم الأمية ويفتقرون الى الاحتياجات الإنسانية الأساسية.
ويتفاخر الاندونيسيون الآن بما فعلوه في تيمور الشرقية على مدى 23 عاما حتى الآن من بنية اساسية شملت الطرق والجسور والخدمات الأساسية فقد ارتفع عدد المدارس من نحو 50 مدرسة وقت الضم في 1976م الى نحو 500 الآن,, وارتفع عدد المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية من نحو عشرة الى نحو 300 في مختلف التخصصات,, وامتدت شبكات الطرق والطرق السريعة لتشمل مناطق كثيرة من تيمور الشرقية,, كما زاد عدد الكنائس من 100 كنيسة في عام 1974 الى 800 في الوقت الراهن,.
وسياسيا فان تيمور الشرقية تضم نحو خمس قوى سياسية بينها ثلاثة احزاب سياسية كبيرة تشكل شعبيتها السواد الأعظم من السكان وهي حزب الاتحاد الديمقراطي التيموري (يو,دي,تي) وحزب (فريتيليت) وحزب (أبوديتي) وتنقسم هذه القوى السياسية بين مؤيدي الاندماج في اندونسيا وبين معارض له.
ويحصل دعاة الاستقلال بين هذه القوى بالطبع على دعم وتأييد البرتغال المستعمر السابق لتيمور الشرقية في الوقت الذي يوجد فيه على الجانب الآخر ميليشيات تحظى بدعم ومساندة الجانب الاندونيسي وترفض الاستقلال وهو الأمر الذي يفسر هذه الحلقة من الاضطرابات المستمرة وأعمال العنف بين المعسكرين داخل تيمور الشرقية التي لم تنعم بالهدوء والاستقرار سواء في عهد الاستعمار أو حتى بعد رحيله.
وفي مسعى جاد لانهاء مسلسل العنف والتوتر في تيمور الشرقية يستعد سكان تيمور حاليا للادلاء برأيهم في الاستفتاء الذي يجري في الثامن من أغسطس القادم بموجب الاتفاق الذي توصلت اليه كل من اندونيسيا والبرتغال بحضور كوفي عنان السكرتير العام للأمم المتحدة والذي حظي بترحيب غربي واسع النطاق,, ومن المقرر ان تحشد له الأمم المتحدة نحو 600 من المراقبين للاشراف عليه.
وتكثر التساؤلات حتى بين الاندونيسيين أنفسهم عن السبب الذي دفع بحكومتهم بهذه السرعة للقبول بالاستفتاء على انفصال بقعة من الارض ضحوا فيها بالكثير من أرواحهم وأموالهم وجهدهم للدفاع عنها وتحسين أحوالها طوال 23 عاما من بقائها في كنف بلادهم.
ويرد علي العطاس وزير الخارجية الاندونيسي ومهندس الاتفاق الثلاثي مع البرتغال والأمم المتحدة على ذلك بتساؤلات اخرى قائلا: ماذا نفعل اذا كانت هذه هي رغبتهم أي التيموريين الشرقيين أنهم اذا كانوا لا يرغبون فينا بعد 23 عاما من الاصلاح والتنمية فلماذا نتمسك بهم,, ثم لماذا نعتقد ان المستعمرين البرتغال هم السيئون وحدهم في الوقت الذي يوجد فيه من هم اسوأ,, في إشارة منه الى دعاة الانفصال الذين ينكرون ما فعلته أندونيسيا من تنمية واصلاح في تيمور الشرقية.
ويرى المراقبون السياسيون أن الاستفتاء الذي وافقت عليه الحكومة جاء بمثابة خطوة متسقة مع روح الاصلاح السائدة في هذه الدولة في الوقت الراهن ازاء مسألة تيمور الشرقية شديدة التعقيد,, والتي اصبحت مصدر قلق مستمر بفعل تعدد العناصر الخارجية الفاعلة والمؤثرة فيها.
اما ما يتعلق باحتمالات تعرض وحدة اندونيسيا لخطر التفسخ نتيجة الاقدام على هذه الخطوة فان البعض يرى ان الحكومة الاندونسية قد استعدت لذلك باتخاذ خطوات هامة للتصدي لهذا التهديد من خلال التقدم للبرلمان الاندونسي بمشاريع قوانين بشأن الحكم الذاتي للاقاليم واقتسام الموارد بين حكومات الأقاليم والحكومة المركزية,, أجيزت بالفعل وايا كانت نتيجة استفتاء الثامن من اغسطس القادم في تيمور الشرقية بشأن قبول او رفض العرض الذي قدمته الحكومة الاندونيسية لسكان هذا الاقليم فانه الحل الأمثل الذي يلبي مطالب الجانبين في قضية اصبحت محل انتقادات مستمرة من جانب الدول الغربية ضد واحدة من الدول الكبرى في حركة عدم الانحياز والتي تحتل موقعا رياديا بسبب ما تتمتع به من عوامل جيوبوليتيكية.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تغطيات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved