بعد سبعة عقود من قيام دولة كمال اتاتورك العلمانية في تركيا، استطاعت البرلمانية التركية (مروة قاوقجي) ان تحرج المؤسسة الديمقراطية في تركيا، من خلال اصرارها على المشاركة في الحياة البرلمانية وهي ترتدي حجابها الاسلامي، هذا بعد ان ابدى الرئيس التركي سليمان ديميريل امتعاضا من تصرف النائبة قاوقجي، ولكنها بدورها اصرت على حضورها والتمسك بموقفها، حيث رفعت وردة في وجه الآلية العسكرية والتي يهدد بها الرئيس التركي بين حين وآخر (وفي المراحل التي يجد فيها ان الشارع العام يكاد يفلت من يديه).
والنائبة قاوقجي رغم هذا التهديد الذي يترصدها ورغم محاولات القمع والتصفية والابعاد الذي يسعى إلى تهميش دورها وفاعليتها في البرلمان إلا انها اصرت على موقفها الذي ترمزه بالوردة، وهي علامة السلام والعقلانية والحوار الهادئ الايجابي الذي يستمع للاطراف جميعها محافظا على التوازن الاجتماعي من خلال حوار جميع التيارات ودون ان يقمع تيار على حساب الآخر!!
فعملية القمع والاسكات لتوجه معين لا تعني بأنه انتهى أو تلاشى، بل على العكس عملية القمع من الممكن ان تقوده إلى التشكل في صور اشد عنفاً وشراسة من تلك التي كان من الممكن الحوار معها وتجييرها لأهداف وطنية تخدم الصالح العام, فالنائبة قاوقجي تشارك في الحياة البرلمانية بكل ثقة وقوة ولم تجعل النموذج الغربي نبراسا لها، بل هي هناك لتعبر عن قضايا بنات جنسها وهمومهن وتطلعاتهن متحدية دعاة التفرنج والتغريب!! فليس كل من تكلمت بصوت المرأة او عبرت عن همومها او طالبت بحقوقها هي داعية للتفرنج، فلكل مجتمع ارثه وخصوصيته وتاريخه الذي لا يمكن ان يكون نسخة اخرى من اي تاريخ سابق.
أيضا لكل مجتمع ثوابته الاكيدة والراسخة التي يفشل البعض في تزويرها او اغفالها، وبالتالي المجتمع الصحي والمتوازن هو المجتمع الذي يحافظ على توازنه المجتمعي من خلال اتاحة الفرصة لجميع الاصوات لتأخذ حقها من حرية الرأي والتعبير عن النفس، تلك الحرية التي تبنى على اسس من الحوار المنطقي العقلاني الذي يصب في نهر المنفعة الوطنية على وجه العموم.
والتي تجعل من التيارات بشكل عام نسيجا متناغما متكاملا لا يسعى كل طرف فيه إلى تصفية الآخر والغائه.
***
* وصلتني مجموعة الاستاذ عبدالله الناصر ملحقنا الثقافي في بريطانيا (أشباح السراب)، وهي مجموعة متميزة لمبدع عريق، لي عودة للمجموعة مستقبلا وله وافر الشكر.
* وصلتني مجموعة القاص الاستاذ حسن الشيخ (اختفاء قدوسة) مجموعة تمتلك أعينا مليئة بالدهشة والتوقد,, له مني جزيل الشكر، ولي عودة للمجموعة مستقبلا.
أميمة الخميس