مشكلة تربوية,, أبطالها المهملون,, وضحاياها المتفوقون: اختفاء ثمار الاجتهاد في موسم الحصاد! |
تحقيق : خالد محمد الخليفة
للطلبة المتفوقين دراسيا طرقهم الخاصة واساليبهم المتنوعة التي يتبعونها منذ الخطوة الأولى على طريق المعرفة والتحصيل في كافة المراحل الدراسية ايمانا منهم بأهمية استثمار أوقاتهم وتنظيم جهودهم على نحو يعود عليهم بالنفع والفائدة اجتماعيا ودراسيا ومن ذلك تسجيل المعلومات والاضافات ووضع الخطوط العريضة لمناهجهم في مذكرات على هيئة كبسولات معرفية تعرف بالملخصات الطلابية تشكل لهم في أواخر الفصل الدراسي اضاءات علمية يستنيرون بها في مذاكرتهم خلال فترة ما قبل الاختبارات حيث تكون حاجتهم للدقيقة الواحدة أكثر من ذي قبل غير ان بعض هؤلاء المجتهدين يتعرضون في هذه الفترة الحرجة لصدمة عنيفة وهم يكتشفون ان ثمار اجتهادهم قد اختفت أو أنها صارت مشاعة بين زملائهم الآخرين وغالبا ما يقوم بهذا السلوك فئة من الطلبة المهملين الذين لا يتورعون عن سرقة حصاد فصل دراسي كامل في طرفة عين,, وهذه المشكلة التربوية التي لا تصل الى حد الظاهرة لا تقتصر على الطلبة وانما تلقي بظلالها على مدارس البنات,, وفي هذا الاستطلاع تحاول الجزيرة مناقشة هذه المشكلة من عدة أطراف بغية القاء الضوء عليها وتلافيها مستقبلا حتى لا يكون المتفوقون ضحية سلوك خاطىء من زملائهم المهملين.
رؤية خاصة
وفي البداية تحدث الينا الأستاذ عليان الصقر مشرف توجيه الطلاب وارشادهم في تعليم الرس قائلا: تنبع أهمية الملخصات السنوية من كونها صورة مبسطة للمناهج المدرسية، كما تستحوذ هذه الملخصات على ميول الطلاب واهتمامهم، نظرا لما يعتقد الطالب من أنها أكثر بساطة وسهولة من الكتاب المدرسي حيث أنها تكتب بالمستوى الذي يتناسب معه.
ونحن بدورنا لا نقلل من قيمتها بل نعتبر فيها أسلوبا من أساليب التربية العلمية، وذلك بما تفرضه على الطلاب من انتباه وتفاعل اثناء الحصة، لذا نرى بأنه لزاما على جميع المدرسين مطالبة طلابهم بهذه الملخصات، وضرورة كتابتهم لكل ما يتم تعليقه على السبورة، لنزرع فيهم الاحساس بأهمية حضور الحصص والمواظبة والانتظام فيها.
هذه أبرز الأسباب
ويعزو الصقر أسباب حدوث هذه المشكلة الى السلوك العدواني الناجم عن الرغبة في الحاق الأذى بالأخرين، وكذلك حرص الطلاب المتفوقين على ملخصاتهم، وعدم السماح للأخرين بالاستفادة منها، فضلا عن ضعف الملخصات السبورية لدى التلاميذ المهملين وعدم اكتمالها لكثرة غيابهم، الى جانب رغبة الطالب في تحسين مستواه الدراسي والحصول على نتائج طيبة.
وقال: ان الطلاب الذين تمرسوا في سرقة الملخصات من زملائهم اعتادوا الحيطة والحذر، لكي لا ينكشفوا ومن ثم يقعون تحت طائلة العقاب لذا فهم يقومون باخفاء سرقاتهم أو تصويرها مع طمس بعض ملامحها واتلاف الأصل والاستفادة من الصورة فقط، وهذا هو الدارج في معظم الأحيان، واخف أضرار هذا النوع من السرقات هو سرقة الملخص السبوري لتصويره ومن ثم ارجاعه الى صاحبه.
معالجة المشكلة
ويرى الصقر أن أساليب علاج هذه المشكلة تكمن في العمل قدر الامكان على ايقاظ الدوافع الدينية في الطلاب، وتنبيهم الى ان هذه مخالفة سلوكية تستوجب العقاب، كذلك زرع مبادىء الأخوة بين الطلاب لتعميم المصلحة فيما بينهم مع حث المتفوقين لمساعدة زملائهم المتأخرين دراسيا لتوثيق عرى الأخوة الإسلامية فيما بينهم مؤكدا ضرورة اعلان العقوبة تحذيرا للطلاب من مغبة الوقوع في مثل هذا السلوك ويتم تحديد العقوبة وفقا لما يراه أعضاء مجلس الادارة ولجنة توجيه الطلاب وارشادهم وهي عادة لا تتعدى الخيارات المتاحة وهي التعهد -حسم درجة السلوك- اعلان ذلك للطلاب- استدعاء ولي أمر الطالب وابلاغه.
المناهج والواجبات
ومن جانبه يقول الأستاذ صالح بن محمد العمري مشرف النشاط الاجتماعي بتعليم الرس :
ان هذه المشكلة الطلابية تحدث للأسف الشديد ومهما كانت محدودة على نطاق المدرسة أو الكلية أو ا المؤسسة التعليمية بشكل عام إلا أنها مكلفة جدا ومؤلمة بالنسبة للطلبة المتفوقين ومن خلال خبرتي في مجال التربية والتعليم أعتقد ان المناهج المدرسية لها دور كبير في وجود هذه المشكلة فهي تعتمد -للأسف الشديد- على الحشو والحفظ والمعلومات المطولة التي لا تتناسب مع مستوى الطالب الأمر الذي يرغم الطلاب على الاعتماد على هذه الملخصات وبطبيعة الحال فإن التلاميذ لديهم تفاوت في الحرص على ذلك وبالتالي يلجأ المقصرون الى سرقتها من زملائهم، ولكي لا تحدث هذه المشكلة يجب الاهتمام بأساليب الواجبات والاكتفاء بالكتب فقط مع تنفيذها داخل الفصل بحيث يكون هناك مساحات معدة لذلك في الكتاب وهذا له فوائد كثيرة كما أنها تخفف من معاناة المعلمين مع الدفاتر ناهيك عن الجانب الاقتصادي نتيجة كون الواجب في الكتاب وكذلك ضمان اشراف المعلم على كتابتها من قبل جميع الطلاب مع تصحيحها في الحصة ذاتها,, ولاشك ان المناهج بشكلها الحالي لتسهم في حدوث هذه المشكلة لكننا بالتأكيد ضد مثل هذا السلوك لأنه غير مقبول دينيا واجتماعيا وعلميا.
رائد نشاط,, نظرة واعية
بينما تحدث الينا الأستاذ علي بن عبدالله الجدعي راشد نشاط حول هذه المشكلة موضحا ان ما يقوم به ضعاف النفوس من الطلاب حينما تسول لهم نفوسهم سرقة ملخصات الطلاب المتفوقين ظاهرة محدودة الانتشار بطلها طلاب استحلوا النوم طوال العام فطال سباتهم حتى إذا شارف الجميع على مرحلة قطف الثمار ذهبت بهم أنفسهم بعيدا عن منطق الحق والعدل فاهتدوا الى سلب حقوق الآخرين وسرقة عرقهم وجهدهم- مع سبق الإصرار والترصد- ولقد حدث ان قام أحد زملائي في الجامعة بأخذ أوراق خاصة بي في احدى المواد دون إذن مني أو دراية، ولكنه كان كريما حينما أعاد الأوراق- دون معرفتي أيضا- ووضعها في طاولتي بعدما قام بتصويرها والإفادة منها.
ويتفنن الطلاب في الطرق التي يمارسونها لمضايقة زملائهم المتفوقين فمرة يصادرون أوراقه الخاصة، وأخرى يقومون بتشويه كتبه ودفاتره، وأشد من ذلك وأنكى حينما يمزقونها,, وهكذا,وفي اعتقادي ان العلاج الناجع لمثل هذه الظاهرة يتمثل في التوعية المستمرة من لدن المعلمين لجميع الطلاب، وتبيان مقدار الإثم والجرم لمن يقترف مثل هذا السلوك المشين، كما ان على كاهل ادارة المدرسة مسؤولية كبيرة في حالة وجود مثل هذه الظاهرة الغريبة على مجتمع التعليم واتخاذ الاجراءات التربوية السلمية للقضاء عليها، والحرص على عدم تفشيها ووأدها في مهدها قبل ان تستفحل وتصبح مرضا لا علاج له.
أما الأسباب التي تدعو بعض الطلاب لممارسة هذا السلوك غير السوي فإنها تنحصر في سببين لا ثالث لهما:
الأول: سرقة جهد الطالب للاستفادة منه، والثاني الغيرة من الطالب المجتهد والعمل على حرمانه من التفوق الكامل,كما لا يفوتني ان الطالب المجتهد تقع على عاتقه مسؤولية ممارسة هذا العمل في حقه حينما يهمل في الحفاظ على كتبه ودفاتره.
طرافة وحزن
ويقول الأستاذ منيع عبدالله الخليفة معيد في كلية المعلمين بمحافظة الرس : سرقة الملخصات والمذكرات الطلابية وخاصة في المرحلتين: الجامعية والثانوية أمر وارد فالمجتمع ليس ملائكيا بطبيعة الحال وأصحاب النفوس الضعيفة يتواجدون هنا وهناك وعلى الرغم من كوني أحبذ اعتماد الطالب على المراجع والكتب إلا أنني أرى هذا السلوك جريمة مشينة يستحق مرتكبها العقاب الرادع,, وأغلب من يقوم بها الطلبة المهملون الذين يهدرون أوقاتهم وجهوهم في أمور لا تعود عليهم بالنفع بل ربما كانت وبالا عليهم,, فبأي حق يستولي من ينام معظم الفصل الدراسي أو يقضي يومه في جلسات طويلة مع أصدقاء السوء في المقاهي حيث الشيشة أو التسكع على أرصفة الشوارع أو التنقل بين القنوات الفضائية أقول بأي حق يستولي هذا المهمل على جهود متفوق كان جادا من أول يوم دراسي؟!!.
ومن العجيب حقا ان المكتبات تزدهر عائداتها من تجارة التصوير لهذه الملخصات التي قد تكون أخذت بدون إذن أصحابها,, ومن أطرف ما حدث لزملاء الدراسة ان أحد الزملاء المتفوقين كان لديه ملخص جميل وقيم في احدى صفحاته الأخيرة رسالة كتبتها له والدته تحثه فيها على الجد والاجتهاد والتمسك بالتعاليم الإسلامية السمحة الى جانب بعض المعلومات الخاصة جدا عن حياتهم رغبة منها في ان تكون له وقودا لمواصلة تفوقه وليطالعها كلما اشتاق الى أسرته غير ان أحد ضعاف النفوس استل هذا الملخص من منضدته وقام بتصويره دون مطالعة محتوياته ليقع بعد ذلك بين يدي معظم زملائه الأمر الذي كان له أثر سيء عليه وكاد يفقده حماسه في دراسته ولو أن درى من قام بهذا السلوك ذرة من ضيمر لما أقدم على هذا السلوك الشائن!.
غياب الضمير
وقال سليمان صالح العساف موظف : عندما أعود بذاكرتي الى أيام الدراسة أقف متأملا أمام هذه المشكلة التي كانت تحدث في السابق بشكل أكبر لكنها حاليا كما يروي لي بعض الأصدقاء من الطلبة بدأت تقل.
وذاكرتي تحتفظ بمواقف عديدة من هذا النوع فقد كنت ممن لا يحبذون الحفظ ولا تسجيل المعلومات في الكتب أو المذكرات على هيئة ملخصات ومع ذلك أجد خدمة مشكورة من زملائي المجتهدين لكن المدهش أننا نتفوق عليهم فنحن طيلة الفصل الدراسي نعتمد -بعد الله- على الكتاب ونضيف اليه معلومات هذه المخلصات وهنا تكون معلوماتنا أفضل ثراء! غير ان المتفوقين يعانون من ازعاج زملائهم مما يجعلهم يخفون ما كتبوه وفي أقرب فرصة لمن لا ضمير له تخطف هذه الملخصات ويستفيد منها من لم يبذلوا أدنى مجهود وهذه مشكلة تعكس النمط الدراسي الذي يحتاج الى خطوة واسعة لتجاوزه.
إزعاج وصداقات مصلحة
ومن ناحيته يقول بدر حمد الحبس طالب جامعي : هذه المشكلة -للأسف الشديد- تزداد في المرحلة الجامعية نتيجة اهمال من يقدمون عليها وغياب الوازع الديني لدى البعض من الطلبة كما ان فئة من هؤلاء الطلبة يرون في ذلك نوعا من المقالب ولكنها مقالب من وزن ثقيل وهم -بلاشك- يضيعون جهود زملائهم المتفوقين وأحيانا يزعجونهم بالاتصالات والزيارات المتواصلة المطولة التي لا تأتي إلا في موسم الاختبارات وللحقيقة فإن معظم الزملاء المتفوقين متجاوبون ومع ذلك لا يسلمون من أذى ضعاف النفوس واتمنى لو أن هؤلاء الجادين امتنعوا عن خدمة من أهملوا ليكون ذلك دافعا لهم لتصحيح أوضاعهم.
دعوة ورجاء
ويعتقد محمد فلاح الحربي طالب جامعي ان سرقة هذه الملخصات والمذكرات مؤشر خطير على عدم صلاحية من يقومون بذلك لمواصلة الدراسة فما الذي يمكن للمجتمع ان ينتظره من هكذا طلبة فالأفكار والمعلومات لا تقل أهمية عن المال ان لم تكن أهم,, ويشير بألم الى أنه يسمع كثيرا عن حدوث ذلك ولا يقره لما له من أثر بالغ السوء على المتفوق والمهمل ويضيف قائلا: فلنعمل جميعا على محاربة كل سلوك خاطىء وعلى أولياء الأمور والمؤسسات التعليمية التي تواجه مثل هذه المشكلة أن يؤدوا دورهم التربوي حتى لا يتساوى من رفع شعار الجد والاجتهاد مع من كان صديقا للإهمال والكسل!!.
|
|
|