Monday 17th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 2 صفر


وإنا على فراقك يا ابن باز لمحزونون
رضوان بن عبدالكريم المشيقح *

الحمد لله الذي رفع شأن العلم وحملته فجعلهم مصابيح هداية وقادة رشد وسعادة بهم يقام الحق والعدل وعليهما يستقيمون، جعل الله في قلوبهم من نوره فكانوا اعرف الخلق بالخالق لما وهبهم المولى جل جلاله من علم راسخ.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم الأنبياء ومورث العلماء عليه من الله تعالى افضل الصلاة وأتم التسليم, وبعد أيها الاخوة فإن الله تعالى اختص من خلقه من أحب فهداهم للايمان ثم اختص من سائر المؤمنين من أحب فتفضل عليهم فعلمهم الحكمة والكتاب ووفقهم في الدين وعلمهم التأويل وفضلهم على سائر المؤمنين وذلك في كل زمان ومكان رفعهم بالعلم وزينهم بالحلم بهم يعرف الحلال من الحرام والحق من الباطل والضار من النافع والحسن من القبيح فضلهم عظيم وخطرهم جزيل هم ورثة الأنبياء وقرة عين الأولياء فالحيتان في البحار لهم تستغفر والملائكة بأجنحتها لهم تخضع والعلماء في القيامة بعد الانبياء تشفع فهم افضل من العباد وأعلى درجة من الزهاد حياتهم غنيمة وموتهم مصيبة يذكرون الغافل ويعلمون الجاهل فهم سراج العباد ومنار العباد وقوام الأمة وينابيع الحكمة وغيظ الشيطان بهم تحيا قلوب أهل الحق وتموت قلوب أهل الزيغ والضلال مثلهم في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بها في ظلمات البر والبحر اذا انطمست النجوم تحيروا واذا اسفر عنها الظلام أبصروا قال تعالى:(إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور).
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وان العلماء ورثة الانبياء وان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر, ولهذا الشرف العظيم رفع الله قدر المؤمنين والعلماء في درجات الدنيا والآخرة فقال عز من قائل عليما (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) ولقد كانت خلافة آدم - عليه السلام- على الأرض وفضله على الملائكة بسبب العلم الذي منّ الله تعالى عليه وحباه به دون الملائكة وفي الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وليس أعظم منصبا أيها المسلمون من انسان أراد الله به الخير ومن أراد الله به الخير فقد سعد في الدنيا والآخرة لأن العلم هو العمل الباقي بعد ان تنقطع الأعمال بالموت ولصاحبه من الثواب ما يدوم حتى تقوم الساعة فإن العلماء لهم المنازل السامية في قلوب الأمة المحمدية وذلك نظرا لسعة علومهم وعظم اخلاصهم في سبيل خدمة دين الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ولأنهم بذلوا غاية وسعهم في سبيل اسعاد أمتهم مما خلفوه من ثروة دينية ومجموعة فقهية لو تمسك المسلمون اليوم بها اهتدوا بهديها واقتبسوا من نورها وتركوا المذاهب المرتجلة وطرحوا القوانين الوضعية العليلة لعمتهم -بإذن الله- الرحمة والسعادة ولحالفتهم المعرفة والهداية ولفارقتهم الحيرة والعماية ومع هذا كله فلا ينبغي لأحد أن يقول: ذهب العلماء وذهب الصالحون ولم يبق في الناس بركة بل نقول: بقي فيهم علماء خير وصلاح -ان شاء الله- فقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- عند الإمام احمد وغيره من حديث أنس -رضي الله عنه- أنه قال: مثل أمتي مثل المطر لا يدرى في أوله الخير أو في آخره فلازال في هذه الأمة -ولله الحمد- علماء خير وصلاح وعقيدة فهي أمة مباركة اينما كانت وفي أي زمن كانت فهي تعطي الخير وتنشر الصلاح في ارجاء البلاد, والدين دين الاسلام رسمه الشارع الحكيم، وهو لا يقوم على الأشخاص وانما تكفل الله به الى يوم الدين ولقد مات محمد بن عبدالله -عليه الصلاة والسلام- ومع ذلك قال أبوبكر مقالته المشهورة: من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبدالله فإن الله حي لا يموت وكذلك من بعده مات الخلفاء الراشدون وهذه سنة الله في خلقه والحمد لله على كل حال, فأحسن الله عزاءنا وعزاءكم في هذا المصاب الجلل فلله ما أخذ وله ما أعطى, وان القلب ليحزن وان العين لتدمع وإنا على فراقك يا ابن باز لمحزونون وإنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم يا حي يا قيوم نسألك ان تفسح له في قبره وتحشره في زمرة الأنبياء والصالحين إنك سميع مجيب.
* رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ببريدة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق السفر وبطاقات الائتمان
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved