Monday 17th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 2 صفر


عالمية الشيخ ابن باز- رحمه الله

لقد حزنت وذرفت بالدموع عيون الشيوخ والشباب والرجال والنساء وكل المسلمين في هذه الارض المباركة وفي غيرها من بقاع العالم عندما سمعت نبأ وفاة الامام الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، العالم الرباني، وقد اخذ الناس يعزي بعضهم بعضاً بوفاة الشيخ في كل مكان، بل تحول نقاش المجالس الى تدارس سيرة وشخصية هذا العالم الرباني الفذ الذي يعد من ابرز علماء الاسلام في عصوره المتتالية، وقد وهب الله لفقيد الامة خواص وصفات ميزه بها عن غيره، فأكسبه القبول واكبار الناس له.
لازلت اتذكر البرامج الدينية المتلفزة التي يلقيها فضيلة الشيخ علي الطنطاوي الذي قال عن الشيخ - رحمه الله- لقد رزق شيخنا بالقبول التام من جميع مسلمي العالم، فهذه الدرجة من القبول اكبر دلالة على كونه اماما وشيخاعالميا، فهذه الدرجة لم تتأت من فراغ، بل ان سماحته (رحمه الله) مع الخصال الطيبة التي قلما تتوافر مجتمعةً او بعضها في شخص واحد في زماننا هذا, فإن سألت عن العلم الشرعي فحسبك به عالما بكتاب الله وسنة رسوله، فلقد سمعت من احد طلبة العلم في الحديث عندما كنت في امريكا انه قال: كنت اتصور ان احد العلماء المشهورين هو اعلم الناس بالحديث النبوي، الا ان الله سبحانه وتعالى جمعني بسماحة الشيخ عبدالعزيز في مجلس واحد في مكة المكرمة، فوجدت شيخ الحديث ماهو الا طالب مبتدىء عند سماحته, وإن سألت عن الدعوة فسماحته اعظم من قدم للدعوة، فلاتكاد تخلو منطقة في العالم ليس لسماحته يد طيبة في دعوة اهلها والتأثير بهم، وقد تعجب عندما تذهب الى بيت سماحته حيث تجده انسانا معجزة في معرفة المسلمين والدعاة بأسمائهم واوضاعهم وكأنه قد اقام بين ظهرانيهم (علما بأنه لم يسافر) وهذا دليل على ان الدعوة تمشي في عروق دمه، بل هي غذاؤه الذي لايمكن ان يجلس لحظة بدونه, وان بحثنا عن اسهاماته في نشر العلم فإننا نرى ان غالبية المشايخ والعلماء قد تتلمذوا عليه، فنحن نعجب كثيرا من مقدرة الشيخ في اعطاء المحاضرات والدروس اليومية وذلك على الرغم من انشغالاته الكثيرة، فهو يضعنا نحن (الاساتذة والمدرسين) في الحرج والشعور بالتقصير لقلة عطائنا، كما ان سماحته - وان كان زاهدا في الدنيا ومظاهرها - إلا انه لم يزهد عن طلب العلم حتى عند لحظات موته, اما ما يخص الفتوى، فقد انتشرت فتاواه وكانت مطلب الناس وغايتهم، حيث انه ييسر ولا يعسر وقد سهل طريق الوصول الى معرفة الصواب بأيسر سبيل وانجح اسلوب، كما انه - وقد فتح الله على قلبه (رحمه الله) سرعة الاستنباط وحل المعضلات - هو بحق يستحق لقب (سماحة) كما انه قريب كل القرب من انفس الناس يعاملهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وقد اتصف (رحمه الله) برحابة الصدر والحلم ولين الجانب وحسن المعاملة, وان سألت عن الامر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنك تجده من اكبر القائمين بهذا العمل، فهو الموجه الناصح المخلص الموفق الذي استطاع بحكم نيته وصدق مقولته وقبول الناس له ان يحل الكثير من المعضلات بأسلوب هادىء متزن.
اما ان بحثنا عن الامور الاجتماعية فإننا نجده انسانا يحب الناس حبا صادقا ودائما يكون بشوشا يحب اسعاد ضيوفه، وهو بجانب ذلك شهم جواد كريم، فإن استطاع ان ينفس عن السائل بماله فلن يتردد ابدا والا فإنه يستخدم جاهه في الشفاعة والكتابة الى من يلزم ويتابع ذلك بنفسه، فقد كان (رحمه الله) حلقة وصل بين السائلين وبين ولاة الامر والمسؤولين، حيث يشكل لحمة التواصل بين المواطن والمسؤول.
إن كل ماسلف من الصفات وغيرها مما ذكره غيري جعلت سماحته (رحمه الله) شخصية اسلامية عالمية مقبولة فقدها العالم الاسلامي ولكن لابد لنا من وقفات:
الوقفة الاولى: ان كثيرا مما يقوم به شيخنا (رحمه الله) هي من فروض الكفاية التي اصبحت بعد رحيله من الواجبات في اعناق العلماء والدعاة المسؤولين وعامة الناس، فحتى نحتفظ بهذا الارث العظيم الذي هو شرف لنا جميعا، فإنه لابد من دعم مشاريعه الدعوية التي قام بها من تمويل الدعاةوالايتام ونحوها، وقد يتطلب ذلك تشكيل مؤسسة خيرية تحمل اسم سماحته حتى يبقى ذلك من الاشياء المكملة لعمله في هذه الدنيا.
الوقفة الثانية: لابد من جمع سيرة حياة سماحته في كتب او كتيبات واشرطة سمعية ونحوها، لان حياته تمثل منهجا تربويا للدعاة والمربين، كما انه فخر لهذا البلد واهله.
أ,د,عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق السفر وبطاقات الائتمان
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved