Monday 17th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 2 صفر


إنسان بلغ من الحلم أعلاه

إنا لله وإنا اليه راجعون اعظم كلمة تواسينا في مصابنا، ولانملك غيرها، فالله سبحانه حث على قولها، ووعدنا بالرحمة والهدى وصلوات من عنده.
في يوم الخميس 27/محرم/1420ه، اسلم الشيخ عبدالعزيز بن باز الروح لمولاه.
نعم,, غادرنا شيخنا الحبيب الذي تعلقت به القلوب لاتعلقاً ينافي صفاء العقيدة الذي ظل ينافح عنها، بل حباً في الله وتعلقاً بصفات المسلم المعطاء، ذي النقاء والصفاء، والرجولة الحقة.
الكثير منا- خاصة نحن معشر النساء- لم نجالسه، ولكن مروءته ومزاياه شاعت وانتشرت، لانها كالعطر، بل هي اعذب.
إنسان بلغ من الحلم اعلاه، ومن السماحة اروعها، ومن طيب الخلق ورقته وحسن الظن بالناس الكثير الكثير, لم يتعامل مع الناس بمنطق الشدة والقوة، بل باللين والرفق والحكمة، مقتدياً بنبي الهدى، عليه الصلاة والسلام.
يذكر احد الاشخاص الذين اعتادوا الذهاب اليه، انه اثناء سلام الناس عليه في مجلسه، صافحه رجل كان فيه رائحة (سجائر)، فسارع احد المتحمسين واخبر الشيخ، كأنه يريد منه تعنيف الرجل وتوبيخه، الا انه برحابة صدره المعهودة، وحسن ظنه بالناس، قال له - ما معناه-: لاتتعجل بالحكم، فلربما كان راكباً مع شخص مدخن، فأصابه شيء منه.
فلله دره، اي جلد وصبر وحلم كان فيه.
رجل نسي الدنيا بما فيها، وبقي ذاكراً مستيقظاً لساعات الدعوة والعبادة وخدمة الناس وقضاء مصالحهم, وليس ادل على هذا من قراءة برنامجه اليومي.
برنامجه اليومي، كما بينه ابنه احمد بن عبدالعزيز بن باز:
يصحو قبل الفجر بساعة، ليصلي ويقرأ من القرآن ماشاء الله، ثم مع الاذان يحاول ايقاظ جميع اهل البيت لصلاة الفجر.
ثم يتوجه الى الجامع الكبير، ليقوم بعد صلاة الفجر بإلقاء بعض الدروس لمدة تصل احياناً الى ثلاث ساعات.
ثم يرجع الى البيت وبعد الافطار يتوجه الى مقر عمله، ولايمكن ان يخرج من عمله قبل الساعة 2,30ظهراً.
فيرجع الى البيت، ليجد الجمع الغفير من الضيوف الفقراء بانتظاره فيتناول طعامه معهم، ثم يجلس ليشرب القهوة ومحادثة الضيوف والاجابة عن الفتاوى والاستفسارات هاتفياً الى اذان العصر, وبعد صلاة العصر والدرس اليومي يتوجه الى منزله لاخذ قسط من الراحة الى ماقبل اذان المغرب بنصف ساعة, ثم يجلس للناس بعد صلاة المغرب، يستمع الى سائلهم، ويقرأ ما يعرض عليه من الاوراق، ويجيب عن الاستفسارات هاتفياً الى اذان العشاء.
وبعد درس بين الاذان والاقامة، وبعد صلاة العشاء يرجع الى البيت للاجتماعات الخاصة والمواعيد الشخصية ومطالعة الكتب في المكتبة، ثم يتناول طعام العشاء مع الحضور،ليتوجه الى مكان راحته عند الساعة (11) او اكثر وقد تتخلل ايام الاسبوع محاضرات دينية او ولائم ومناسبات اجتماعية، يقوم بكل ماسبق دون ملل او كلل,* من كتاب شهود هذا العصر/ محمد الوعيل.
ابناء الشيخ واحفاده،
ما اعظم مصابكم فيه،
ولكن لستم انتم وحدكم الذين بكيتم عليه وحزنتم على فقده، بل ضجت معكم انحاء المعمورة، وعلى مثله فلتبك البواكي.
لستم انتم فقط من تحسون باليتم، بل نحن كذلك نشعر بمرارة اليتم بعد فقده ونسأل الله الصبر والسلوان.
يقال ان الشيخ حينما غادر الرياض الى المدينة لتسلم منصبه في رئاسة الجامعة الاسلامية احتشد اهل الرياض حوله وودعوه وبكوه بكاءً شديداً, وقال فيه الشيخ محمد المجذوب:
بكينا وفاء لامرىء قل ان
يرى في الدعاة العاملين نظير
فخلوا ملامي ان الح بي البكا
فإن فراق الصالحين عسير
هذا الحزن كان حين غادر الشيخ الرياض الى مدينة اخرى، فماذا نقول نحن وقد غادر الرياض الى دار أخرى.
ذلك الحزن كان على فراق الاجساد، فماذا نقول نحن في فراق الارواح؟!
لانقول الا مايرضي ربنا,.
إنا لله وانا اليه راجعون
اللهم ارحم شيخنا ووالدنا، واجزل له الثواب، واسكنه فسيح جناتك.
دوش بنت فلاح الدوسري
*محاضرة في كلية التربية/الأقسام الأدبية/ قسم اللغة العربية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق السفر وبطاقات الائتمان
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved