Monday 17th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الأثنين 2 صفر


يارا
رحم الله عنوان التسامح,.
عبدالله بن بخيت

اتصل بي أحد الأصدقاء يوم وفاة الشيخ عبد العزيز بن باز وانهى الي خبر سماحته، لم اصدق في البداية ولكن المؤمن لا يمكن الا ان يذعن لمشيئة الله فالموت حق علينا جميعاً ولكن المرء تختلط عليه المشاعر والأحاسيس وحزن الفقد, فالشيخ رحمه الله كان جزءا من ثقافة كاملة وتربية أخلاق لأجيال متعددة, بانتقال الشيخ الى جوار ربه غابت حقبة كاملة من تاريخ المجتمع السعودي فالشيخ لم يكن عالماً جليلاً فحسب، ولم يكن رجل مواقف فحسب، ولم يكن عطوفاً كريماً فحسب، لم يكن شخصية اجتماعية فحسب,, فابن باز تجاوز هذا وترك كل ما يصله بمجد الدنيا فتحول الى ظاهرة اجتماعية وثقافية ليس في المملكة فقط بل في انحاء العالم الاسلامي.
عندما سمعت النبأ تأملت سنوات طويلة عشناها مع الشيخ في حياتنا الثقافية والاجتماعية لم اصادف في تأملاتي عبر الحياة او عبر الكتب انساناً يستطيع ان يكون بهذا المستوى من النقاء والتوحد مع اهدافه السامية, منذ ان ولدت على الدنيا وانا اسمع اسم ابن باز في المجالس العائلية او في العمل وفي وسائل الاعلام والشيء الملفت للنظر هو انني لم اسمع اي احد وجه نقداً للشيخ حول اي سلبية من السلبيات المرتبطة بأحوال الناس الدنيوية, فنحن نحمد الانسان الذي تزيد ايجابياته على سلبياته, فكيف اذا لم تسمع اي سلبيات عن انسان من الناس، كانت سمعته في غاية الصفاء والنقاء فقد امتلك مكانة عظيمة في نفوس الناس وبات كل انسان يتمنى ان يقدم للشيخ اي خدمة ولكنه لم يستخدم هذه المكانة وتلك السمعة لأية مصلحة شخصية تخصه أو تخص عائلته او اصدقاءه, وكان يعمل دون كلل او ملل في خدمة الاسلام في اي مكان، ورغم أن سفرات الشيخ خارج المملكة قليلة حسبما اعرف فقد شكل منه الاسلام وتقاليده انسانا عالمياً لا يعرف معنى الاقليمية الضيقة فمعاييره هي المعايير التي سنها سيد الخلق, لايعرف كيف يميز بين الناس الا بعلاقتهم بربهم وبالعقيدة الاسلامية, لم يدخل الشيخ في التعصب او التطرف, بل كان عنوان حياته وعلاقاته هو التسامح، لم اسمع ان الشيخ كفر احدا او اخرج اخوة له من العقيدة لمجرد ان اختلف معهم, ففي كل نصحه وفتاويه وطرحه لآرائه كانت تتجه للحالة وليس للاشخاص, فمنذ ان عملت في الكتابة ونحن نتلقى من الشيخ نصائح تلو النصائح فاذا رأى خطأ من الأخطاء كتب لرئيس التحرير او من يخصه الأمر بنصح الانسان الصادق, لم يسىء لأحد بكلمة نابية فكل خطاباته تمتلىء بعبارات النصح والتسامح والتناصح والتعبير الواضح عما يراه حقا.
لم تحرك الشيخ اطماع دنيوية لم اسمع ان تلك الأراضي لابن باز او تلك العمائر لابن باز او تلك ، استثمارات لابن باز فكل ما اسمعه عن باز، تلك محاضرة ابن باز وهذه مبرة ابن باز واذا اردت ان تتزوج فاذهب لابن باز واذا اشكل عليك مسألة في امور دينك فاذهب لابن باز.
كما انه اصبح ممثلا حقيقيا لتسامح الاسلام وحضارته, فهو لا يعرف الا الطريق الذي يسهّل على الناس معاشهم وحياتهم في ظل عقيدة نقية, فاذا اختلف الرجل مع زوجته نصحه الجميع اذهب الى الشيخ ابن باز وسوف يصلح بينكما، وهذا ما جعل منه رجلا يتحمل المسؤولية ويصدع بالحق ولا يخاف الاختلاف مع اخوته من العلماء.
رحم الله ابن باز واسكنه فسيح جناته.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
ملحق السفر وبطاقات الائتمان
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
الطبية
وطن ومواطن
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved