Tuesday 18th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 3 صفر


إلى جنة الخلد أيها الوالد الجليل

الحمد لله على كل حال,, الحمد الله القائل
(وبشر الصابرين، الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون).
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، ومن تبعهم بإحسان,, وسلم تسليماً كثيراً.
مصاب الأمة لا شك كبير، وخطبها جلل,, فقد غيبت يد المنون رجلاً ولا كل الرجال,, رجلاً انفق عمره في خدمة دينه وامته,, يذود بعلمه وفقهه عن حمى الاسلام وينافح بعزم الصادقين الصالحين,, عن قضايا امته في مواجهة تحديات العصر.
لقد رحل عن دنيانا الفانية,, سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز,, وترك بغيابه في نفوس الأمة جرحاً لا يندمل,, وغصة في القلب,, ودمعة في العين,, لا يمسحها سوى العزاء والايمان بقضاء الله وقدره,, وسنة الله في خلقه,, اذ (كل نفس ذائقة الموت)، (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والأكرام).
يا الله ما اصغر هذه الدنيا امام حقيقة الموت,, خاصة حين تغيّب هذه الحقيقة عالماً كبيراً وطوداً شامخاً بحجم سماحة الشيخ,, وفقهه وعلمه وزهده وورعه وتقواه.
لقد بكته الأمة كلها على اختلاف السنتها ومذاهبها,, حتى لم يعد ثمة مدمع,, واعتصرت بفقده القلوب,, في وقت هي احوج ما تكون لوجوده وعلمه,, في مواجهة تلك التحديات الكبيرة,, التي تتربص بأمة الاسلام.
لكننا نحن المؤمنين بقضاء الله وقدره,, نجد عزاءنا فيه,, في قادة هذه البلاد,, وفي مقدمتهم والد الجميع خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني,, الذين قطعوا كل التزاماتهم ومسؤولياتهم ليتجهوا الى الحرم المكي الشريف يوم الجمعة الماضي,, للصلاة على فقيد الأمة وفقيد الاسلام سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز,, طيب الله ثراه وتقبل العزاء فيه,, من تلك الجموع الحاشدة,, التي تداعت من كل حدب وصوب للصلاة عليه.
ان احتشاد قادة الوطن,, وكافة مسؤوليه في تلك اللحظة المهيبة,, في رحاب بيت الله الحرام يعكس بصدق واقع مشاعر الوطن وقادته,, تجاه عَلَم من ابرز واهم علماء الأمة والسلف الصالح في القرن الراهن,, ويمنحنا العزاء,, في غياب رجل التقوى,, ويقدم الدليل تلو الدليل على سلامة منهج هذه الأمة,, التي ظلت وستظل تهتدي بنور الإسلام الخالد,, وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام فالى جنة الخلد ان شاء الله,, ايها الوالد الزاهد العابد، والى جنة الخلد ان شاء الله,, يا من بقي مدى حياته الحافلة بصالح الأعمال,, يقف مثل سد منيع,, امام هجمات اعداء الاسلام,, سلام على تلك البصيرة,, التي لم يزدها ذهاب البصر,, إلا سعة في الرؤية وقوة في الاستبصار.
سلام على ذلك الجسد,, الذي قاوم اوجاع المرض بقوة الايمان,, وقاوم متاعب ومشقات العمل باحتساب الأجر والمثوبة,.
سلام على ذلك الوَرَع,, الذي علّمنا سماحة الدعوة,, ونصاعة الحق,, بقوة الحجة, وبياض الدليل، سلام عليك أيها الشيخ الجليل.
فستفتقدك الأرامل,, وسيفتقدك الأيتام.
وستفتقدك الأمة, كل الأمة.
ستفتقدك تلك الخيريات التي وقفت وراءها بصمت,, لا ترجو صيتاً ولا جزاءً الا من الله سبحانه.
ان القلب ليحزن,, وان العين لتدمع,, وإنا على فراقك ايها الوالد لمحزونون.
سلام وسلام من قلوب احبتك في الله ودعت لك في ظهر الغيب بحسن الثواب,, وعظيم الأجر,, جزاء ما قدمته بعلمك وعملك لخدمة الدين والعقيدة الصالحة وستظل تدعو لك على مر الأزمنة والعصور,, فان كان جسدك قد غاب عنا,, فان علمك وفقهك سيبقيان بيننا,, نتزود منهما وخير الزاد التقوى.
لقد خانتنا العبارات,, وخنقتنا العبرات,, فلم نعد نجد ما نقوله في مصابنا الكبير,, غير الدعاء للمولى عز وجل,, ان يتغمد الفقيد العزيز بواسع رحمته وغفرانه وان يمطر عليه شآبيب الرحمة,, وان يدخله الجنة في صفوف الشهداء انه سميع مجيب,, وان يلهم الأمة كلها الصبر والسلوان انه ولي ذلك والقادر عليه,وإنا لله وإنا إليه راجعون .
يا أيتها النفس المطمئنة,, ارجعي الى ربك راضية مرضية، فأدخلي في عبادي وادخلي جنتي ,وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.
مدير عام تعليم البنات بمنطقة حائل .
شديد بن غازي المطيري

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved