Tuesday 18th May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,الثلاثاء 3 صفر


اللهم ارفع منزلته في عليين

-مهما سطر اليراع من القوافي والمنثور في وصف فاجعتنا ومصيبتنا في وفاة امامنا ووالدنا سماحة الشيخ/ عبدالعزيز بن باز فهو مقصر فلقد طوفت الآفاق في ذكر سيرة ومآثر واخلاق الشيخ وأشادت بها الركبان، وشهد بها القاصي والداني.
-لقد قيض الله لهذه الامة المحمدية في جل اعصارها رجالاً افذاذاً وعلماء وبانين، يجددون لها ماخلق في قلوب العباد من امور الدين ويعيدون فيها ما اندرس من معالم الشريعة، يحملون راية التوحيد والسنة، ويكشفون عوار الشرك والضلالة والبدعة، يحيون فيها رسالة المرسلين وميراث النبيين من الدعوة الى الله ونصح المسلمين والقيام على حدود الله والذّب عن حرمات الدين, تخلقوا باخلاق النبوة وتأدبوا بآداب الشريعة فدعوا العباد الى الله تعالى بأقوالهم وافعالهم، فهم العدول حيث ورد في الحديث يحمل هذا الدين من كل خلف عدوله ينفعون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين .
والحديث عن سماحة الامام الوالد كما نحسبه جميعاً ولانزكي على الله احداً حديث عن هذا الصنف من تلك الصفوة المذكورة التي ارادها الله ان تكون مناراً للمسترشدين ومثلاً حياً للمتخلقين بأخلاق القرآن.
-هذا الامام بسيط في عظمته، متواضع في هيبته قريب في رفعته .
-هذا الامام رباني فلايقول الابالوحي نصاً وروحاً ولفظاً وفقهاً، يعيش مع الناس وقلبه في الملأ الأعلى -همة عالية- يتزاحم الناس على بابه وتحيط به الامور والاحداث وتدلهم الخطوب ومع ذلك فاللسان لايفتر عن ذكر خالقه ومناجاة حبيبه:
إذا كان حب الهائمين من الورى
بليلى وسلمى يسلب اللب والعقلا
فماذا عسى ان يفعل الهائم الذي
سرى قلبه شوقاً الى العالم الأعلى
-هذا الامام يأتيه المكلوم والمحروم والمهموم، كل يحمل من همه وحزنه جبالاً واثقالاً، فلايلبثون أن يخرجوا من عند الامام وقد طابت نفوسهم، وحصل مقصودهم، وفرجت كرباتهم، فهل لذلك الا الامام بعد الله عز وجل؟!.
- هذا الامام علم يتسلم الذروة في الرجال ويعلو القمة في الافذاذ ديناً وورعاً وعلماً وفضلاً وكرماً وجودا ولانزكي على الله احداً,,
-ايمان عميق وعقيدة راسخة في الله ورسوله وكتابه، اثر ذلك في سيرته ومسيرته سلوكاً حسناً وورعاً وزهداً وصدقاً في اللهجة، وحباً للناس وعطفاً ورقة وكرماً وبذلاً .
-هذا الامام هو الذي يزكو شكره، ويعلو عند اهل العصر ذكره ويعني الامة امره، الصفة عنده واقعة موقعها، والفضيلة اليه سالكة طريقها، ان اوجز في الموعظة كان شافياً وان اطنب كان مذكراً وان نبّه الى ملاحظة فهو المؤدَّب والمؤدِّب، وان اسهم في التوجيه فهو المفهم، واضح البيان صادق الخبر، بحر العلوم، نزهة المتوسمين، خصيم الباطل نصير الحق، سراج يستضيء به السالكون ،لين العريكة اليف مألوف، يرفعه في اعين الناس صغر الدنيا في عينيه، لايتطلع الى مالايجد، ولايكثر اذا وجد، اذا جد الجد فهو القوي والغيور، لايشارك في مراء، ولايلوم اذاوجد للعذر سبيلاً، لم ير متبرماً ولامتسخطاً ولاشاكياً ولامتشهياً، لايخص نفسه باهتمام دون اخوانه، واسع الشفاعة، طويل يد العون، هو شمس العلماء وقمر الفقهاء وحلية الاولياء واستاذ النجباء، تمر به العواصف المدمرة وهو ثابت كالطود الاشم، وتنزل من حوله النوازل المخيفة وهو شامخ شموخ الجبال الرواسي.
-هذا الامام يعلم ان الامة واحدة وان العالم الاسلامي كل لايتجزأ، وإن تباعدت اقطاره وتناءت دياره، كم من دمعة في الامة مسحها، وكم من يتيم احسن اليه وكفله وكم من مشرد لم شعثه واواه بعد الله، وكم من داعية ومصلح تكفل براتبه لنشردين الله والدعوة اليه.
همه السعي في حاجات المسلمين افراداً وهيئات والاهتمام بهم حيثما كانوا واينما وجدوا.
-هذا الامام بارك الله في علمه فانتفع به خلق كثير سواء في حلقات التدريس اوفي المحاضرات في الجامعات والمدارس والهيئات، او في نصحه وارشاده في كل مناسبة او في برامج الاذاعة، او في ما ينشر في الصحافة، او في منزله العامر او في مقر عمله، لايدخر جهداً في التوجيه والنصح والارشاد، محب لولاة الامر,, وفقهم الله وايدهم، ناصح لهم، عون لهم على كل خير سالك الطريق الوسط لا إفراط ولا تفريط، وقد عرف ولاة الأمر لسماحته قدره ومنزلته ورأوا فيه العالم الفاضل الكفيّ، فكانوا له نعم المعين والسند بعد الله عز وجل انطلاقاً من نهجهم الكريم في محبة العلماء وتقديرهم، وقد سبق ان منح سماحته جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الاسلام تقديراً لعلمه وجهوده في هذا المجال.
-واحسب انني اسأت الى مقام الامام بهذه الكتابة المتواضعة والا فهذا قليل من كثير وغيض من فيض والا فماذا عساناان نفعل امام هذا الخطب الجلل؟! إننا لانملك الا نقول أن انا لله وانا اليه راجعون اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها قدس الله روحه ونور عليه ضريحه وأعلى منزلته.
للشمس فيه وللرياح وللسحاب
وللبحار وللأسود شمائل
هزمت مكارمه المكارم كلها
حتى كأن المكرمات قبائل
علامة العلماء واللج الذي
لاينتهي ولكل لج ساحل
لوطاب مولد كل حي مثله
ولد النساء ومالهن قوابل
يا فخره، الناس فيه ثلاثة
مستعظم او حاسد او جاهل
ولقد علوت فما تبالي بعد ما
عرفوا ايحمد ام يذم القائل
الطيب انت اذا اصابك طيبه
والماء انت اذا اغتسلت الغاسل
-اللهم ياحي ياقيوم اللهم اجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها، اللهم ارفع منزلته في عليين، اللهم بلغه منازل الانبياء والصديقين والشهداء، اللهم اجمع له بين عاجل وآجل بشرى المؤمن اللهم اجمعنا به ووالدينا وجميع المسلمين في جناتك جنات النعيم واجزه عنا وعن المسلمين خير ماتجازي به عبادك الصالحين واحسن الله عزاءكم يامسلمون وانا لله وانا اليه راجعون .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
أسامه بن زيد المنيفي
الزلفي

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
مدارات شعبية
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved