قلنا في كلمتنا أمس إنه في اسرائيل لا يختلف زعماء السياسة وقادة الجيش إلا بالاسماء وعناوين أحزابهم التي ينتمون إليها,, وإنهم جميعا مجندون في الجيش، ومحكومون عقديا وسياسيا وعسكريا باستراتيجية اقامة اسرائيل الكبرى التي يمكن -بحسب حلمهم- ان تمتد من النيل الى الفرات .
وقالت لنا التصريحات السياسية التي بادر بها ايهود باراك فجر أمس فور اعلان فوزه بمنصب رئيس وزراء اسرائيل الجديد، قالت لنا تصريحاته: صدقتم!
فقد بادر باراك - كما لو كان قطع عهدا سريّاً لناخبيه- الى القول بأنه لن يقدم للفلسطينيين أي تنازلات بشأن القدس التي ستظل عاصمة موحدة لاسرائيل، وستدافع عن المستوطنات وسيزيد الاستيطان والاجراءات الأمنية في غور الاردن، كما سيحافظ على المستوطنات وأمن المستوطنين في الجولان المحتلة، وإنه لن ينسحب الى حدود ما قبل 5/ يونيو/ 1967م.
التصريح الوحيد الذي كان أخف حدّة ووقعاً -عربياً- هو قوله انه سيعالج الوضع في جنوب لبنان خلال عام!.
وحتى هذه ردّ عليها المتحدث باسم رئيس وزراء لبنان سليم الحص الذي قال لا فرق بين باراك ونتنياهو، بدليل أن أول تصريح لباراك قال فيه انه لن ينسحب الى حدود عام 1967م وانه سيحتفظ بالقدس,, وكلامه عن الانسحاب من لبنان مجرد كلام، لأن أي انسحاب يجب ان يكون بعد ان تعلن اسرائيل الاستعداد لتنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 425 وكل كلام خارج هذا الاطار هو مجرد مناورات .
ومع هذا فان الأمل العربي في ان يحرك باراك عملية السلام في الاتجاه الصحيح الذي يؤدي في النهاية الى تحقيق الأهداف التي رسمتها الاتفاقات المبرمة وحددتها مبادىء مؤتمر مدريد، هذا الأمل العربي لم يخبُ تماماً، بالرغم من ان تصريحات باراك كانت كفيلة بإطفاء ذبالته الواهية!.
فها هي سوريا، شريكة لبنان في المسار الموحد في المفاوضات، تعرب عن أملها في ان ينفذ باراك التغييرات التي وعد بها فيما يتعلق بعملية السلام.
وقالت صحيفة سيريا تايمز على باراك ان يحرر نفسه من النهج والأسلوب اللذين اتبعتهما السياسة الاسرائيلية القديمة من أجل تحقيق التغييرات التي تكلم عنها، وعليه ان يلعب أوراق السلام التي لديه، إن كان لديه أوراق يلعبها أو ارادة لتحقيق السلام .
ومع هذا الأمل العربي الخابي بعد أول تصريحات لرئيس وزراء اسرائيل، فإن العرب جميعاً الذين جعلوا السلام العادل والشامل خيارا استراتيجيا سيتعلقون بآخر بصيص ضوء ما زال يرفُّ في الأمل الذابل بأن يفعل باراك من أجل السلام، عكس ما فعله سلفه نتنياهو من أجل الحرب وخصوصاً اذا وضع باراك نصب عينيه وفي مقدمة فكره السياسي ان الشعب الاسرائيلي الذي اختاره رئيساً لحكومته يريد -أيضاً- السلام الذي يريده العرب، وان فوزه في الانتخابات يعني تفويضه سياسياً لتحقيق هذا الأمل العربي والاسرائيلي أيضاً.
الجزيرة