Saturday 22nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 6 صفر


هكذا يريد عبدالعزيز
شعر:أبوعبدالرحمن ابن عقيل الظاهري *


تحيِّيك أسمارٌ وتهفو قصائد
لها من سجاياك العظام عوائد (1)
بأخلاقك الغرَّاء امسيت شاعراً
وإني عن أَسرَى نوالك حامد
فما نال مدحاً صادقاً ذو تطبعٍ
ولا نال حمداً من حِباه مقاصد (2)
سوى وجه ربِّ يُرتجى نيل عفوه
وإكرام شعب في الولاء يكابد
وأنى (3) له جحد الصنيعة والندى
وتلك ظلال الأمن والعيشُ راغد؟!
وهل يسأم الأسفارَ يا فهد قادمٌ
له في ذراك العطرُ والظل بارد
وإلا أغِذُّ السير نحوك مسرعاً
فأنت شعاع الشمس في الأفق صاعد (4)
وسيّان في إمتاعها ومتوعها
وأفياء آصال مقيمٌ وقاصد
أفهدُ سميُّ الفهد أنعمتَ مكرِما
وأشهدتَ هذا الحفل أنك ماجد (5)
وشرفت من قد شرّفوا بمواهب
فكانوا لكم فخراً كما سُرَّ والد
ولمّا جنوا أثمار غرس سقيته
تهلَّلتَ بالبشرى كأنك حاصد! (6)
وأُسعِفت بالتوفيق لا زلت مسعَفاً
ففاح أريجٌ إذ تسنَّم خالد
تضوَّع من دار الجنوب مرفرفاً
يصوَّغ الشذا منقادها والفرائد (7)
أبا الفن والشعر المجنَّح والضنى
أخفتَ المعاني الجَدبَ وهي حواشد (8)
إذا أنت صيرتَ الجديد معتَّقاً
ورقَّصته لحناً ولم ينأَ شارد
فوا رحمتا للمبدعين إذا أتَوا
وقد جفَّ نبعٌ فالمباني كواسد
وقد يُختم الشعر الأصيل بواحد
ويُختم جيل ليس فيه خرائد
وعشاق عصماواتك الغرَّ شرَّع
ولن يَختم العشاقَ في الدهر واحد (9)
ويبقى رفيع الذوق في كل خالف
ويشقى به صب عليل وساهد
على أنه عند الخليِّ ترفُّهٌ
يناغيه نغم راقص أو فوائد (10)
لئن جف ينبوع وماتت قرائح
وعز بديع الفكر إذ هو عاند (11)
فقد داعبت أوتار عزفك جامحاً
وعبَّدت مُعتاصاً فسهمك صارد (12)
ولا غرو قد ذلَّلتَ من سرواتها
فجاجاً عويصاتٍ وعزمك صامد (13)
يعزُّ مديحي فيكما عن رويةٍ
وكم ذادني عن رائع الفن ذائد (14)
فلو لا سجاياً منكما فاح نشرها
لما فاح نشري أو تألَّق وارد (15)
هنيئاً لنا عزم الشباب وجدَّه
يقود مراميه طريف وتالد (16)
على الرغم من أُمِّيَّةٍ مدلهمَّة
توالت بها الضراء والفكر خامد (17)
سنين مضت وهي حواصد
دجاها كثيف ليس فيه فراقد (18)
صراخ نعيٍّ أو نداء متربَّ
دها حائف أذواده وهو هاجد (19)
وطوراً يدوس القومُ ساحته ضحىً
فتُسبى مواشٍ أو يخر مُجالد
وأعظم بها رزءاً حلوبةِ طِفله
إذا سال نزفا دمعه المتناضد (20)
ويمسي سليبُ القوم في البر مُعدماً
شنينٌ يواسيه إذا جاد رافد (21)
ويصبح طوراً ذا ثراء وزينة
يموج جهاما ربعه المتباعد (22)
ثراء وعسر بين يوم وأمسه
وثار تغذُيه قلوب حوارد (23)
وأهل القرى نهب المواجع والردى
جفاف وفقر مدقع وشدائد (24)
وفرقة أضغان وجهل مركَّب
وكدح كؤودٌ إذ تشُح موارد
غُضُونٌ أفانين الأسى في كهوفها
حفاةٌ جياع والقتاد وسائد (25)
عيون على اللأواء ما اكتحلت كرى
ولكن لها وطء السهاد مراود
فأنقذها ربُّ البرية منعماً
بميمون سعدٍ للرعية رائد
بعبد العزيز الفخم أوحدِ جيله
فشُدَّت به أيدٍ وشيدت معاهد
وقرَّت عيون المسلمين بيمنه
وقرت ربوع الدار فالأمن سائد
وقام مقاماً خلد الله نفعه
وأرسى أصول العدل فهي خوالد
ولم يرض أسباب التخلف واقعاً
وقد أُحكِمت دون العلوم وصائد (26)
فشمَّرَ يُذكي الوعي في رُوع شعبه
وأبرم بالتدبير ما الله عاقد (27)
لتسعد أجيال وتحيا مواهب
على ما بنى راعٍ أمينٌ ووالدُ
* قصيدة ألقيت في حفل جائزة تبوك للتفوق العلمي مساء 3/2/1420ه
(1) الأسما كناية عن جميل ذكر الممدوح حيث يسمر به القوم في ناديهم.
(2) حباه: عطاؤه,, والمدح للصفات الحميدة كالذكاء، والحمد لما يصدر عن الصفات من أفعال تشكر كالبذل والنجدة
(3) أنى : اسم استفهام للاستبعاد بمعنى مِن أين؟ .
(4) إسكان فاء الأفق ضرورة سهلة معتادة، والأصل ضمها.
(5) الهمزة قبل فهد لنداء القريب المصغي.
(6) جمع الثمرة ثِمار,, وجمع الجمع: ثُمرٌ,, وجمع جمع الجمع ثمار.
(7) منقادها والفرائد: ما تلاحم أو انفصل من جبال عسير الشاهقة,, الشذا: قوة ذكاء الرائحة العطرة.
(8) الضنى: السُّقام الملازم,, وهو هنا كناية عن وجدانيات خالد الفيصل الجالبة لضنى العشاق,, والجدب بفتح الجيم,, وهمزة أخفت ، لتعدية الفعل إلى مفعول آخر.
(9) الشريعة: العدَّ من الماء,, والشرّع جمع شارع,, وكل ذلك كناية عن معاني شعر خالد واخيلته.
(10) يناغيه: يداعبه ويناجيه بملاطفة,, والغين في نغم بالفتح، وبالسكون في لغة العرب، فلا ضرورة ها هنا بالتسكين كالأفق.
(11) عاند : متأب غير منقادٍّ والأصل لغة: عند الرجل بمعنى عتا وطغى وجاوز قدره، فهو عاند.
(12) صارد: نافذ مصيب كما قال الزجَّاج، وهو المناسب للاشتقاق,, وأما معنى أخطأ - كما روى قُطرب - فإنما هو من أوهام بعض الأعراب، أو سوء فهم بعض الشراح للشعر,, وشاهد نفذ واصاب قول اللعين المنقري يهاجي جريراً والفرزدق:
فما بُقياً عليَّ تركتماني
ولكن خفتما صَرَد النبال

(13) لا غرو: لا عجب، فمن عبَّد سروات عسير يُعبِّدُ الشعر!
(14) يعز: يشق,, والذائد تعلقي بالبحوث العلمية التي تئد تجليات الشعر.
(15) الوارد ما يخطر من معنى وخيال وفكر.
(16) تالد في مجاز اللغة كل مأثور قديم.
(17) مدلهمة: كثيفة الظلام.
(18) كل ما سيأتي فهو عن الأحوال قبل إنقاذ الملك عبدالعزيز رحمه الله لأمته وبلاده.
(19) نعيٌّ: نداء الداعي المشعر بموت أو قتل,, والحيافة لصوصية ممدوحة في العهود المظلمة لما فيها من مخاطرة وشجاعة وكسب مال حرام يجعلونه من رزق الله لهم,, والحيافة من اصطلاح العامة، وهو اصطلاح صحيح، لأن في الفصحى تحوَّف الشيء بمعنى أخذه من حافته,, والحائف الزائر، ومن كان في الحافة,, أي الجانب,, والحائف يأخذ بالاطراف من الجوانب حتى ينام القوم,, هاجد,, نائم.
(20) أي دمع الطفل.
(21) شنين: لبن يمزج بماء كثير عند قلة اللبن.
(22) الإبل زينة العرب، وفي سورة النحل امتنان الله على العرب بأن الإبل جمال لهم,, والجهام كل سواد، وهو مجاز على التشبيه من جهمة الليل، وهي أول مأخيره,, والربع المنزل من ربع بالمكان إذا اطمأن وأقام.
(23) حوارد مغتاظة يتحرش ذووها بمن غاظهم,, قال الشاعر:
أسود شرىً لاقت أسود خفيُّةٍ
تساقين سُمًّاً كلُّهن حوارد
(24) مدقع: ملصق الدقعاء وهي الأرض وترابها,, الردى: الهلاك.
(25) الغضون تكسرات في الجلد كالتجاعيد، وما تحت الخطوط الناتئة في الجبين.
(26) وصائد : جمع وصيد، وهو المغلق عليه.
(27) يُذكي: يوقد,, روع: قلب.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved