تحيِّيك أسمارٌ وتهفو قصائد
لها من سجاياك العظام عوائد (1)
بأخلاقك الغرَّاء امسيت شاعراً
وإني عن أَسرَى نوالك حامد
فما نال مدحاً صادقاً ذو تطبعٍ
ولا نال حمداً من حِباه مقاصد (2)
سوى وجه ربِّ يُرتجى نيل عفوه
وإكرام شعب في الولاء يكابد
وأنى (3) له جحد الصنيعة والندى
وتلك ظلال الأمن والعيشُ راغد؟!
وهل يسأم الأسفارَ يا فهد قادمٌ
له في ذراك العطرُ والظل بارد
وإلا أغِذُّ السير نحوك مسرعاً
فأنت شعاع الشمس في الأفق صاعد (4)
وسيّان في إمتاعها ومتوعها
وأفياء آصال مقيمٌ وقاصد
أفهدُ سميُّ الفهد أنعمتَ مكرِما
وأشهدتَ هذا الحفل أنك ماجد (5)
وشرفت من قد شرّفوا بمواهب
فكانوا لكم فخراً كما سُرَّ والد
ولمّا جنوا أثمار غرس سقيته
تهلَّلتَ بالبشرى كأنك حاصد! (6)
وأُسعِفت بالتوفيق لا زلت مسعَفاً
ففاح أريجٌ إذ تسنَّم خالد
تضوَّع من دار الجنوب مرفرفاً
يصوَّغ الشذا منقادها والفرائد (7)
أبا الفن والشعر المجنَّح والضنى
أخفتَ المعاني الجَدبَ وهي حواشد (8)
إذا أنت صيرتَ الجديد معتَّقاً
ورقَّصته لحناً ولم ينأَ شارد
فوا رحمتا للمبدعين إذا أتَوا
وقد جفَّ نبعٌ فالمباني كواسد
وقد يُختم الشعر الأصيل بواحد
ويُختم جيل ليس فيه خرائد
وعشاق عصماواتك الغرَّ شرَّع
ولن يَختم العشاقَ في الدهر واحد (9)
ويبقى رفيع الذوق في كل خالف
ويشقى به صب عليل وساهد
على أنه عند الخليِّ ترفُّهٌ
يناغيه نغم راقص أو فوائد (10)
لئن جف ينبوع وماتت قرائح
وعز بديع الفكر إذ هو عاند (11)
فقد داعبت أوتار عزفك جامحاً
وعبَّدت مُعتاصاً فسهمك صارد (12)
ولا غرو قد ذلَّلتَ من سرواتها
فجاجاً عويصاتٍ وعزمك صامد (13)
يعزُّ مديحي فيكما عن رويةٍ
وكم ذادني عن رائع الفن ذائد (14)
فلو لا سجاياً منكما فاح نشرها
لما فاح نشري أو تألَّق وارد (15)
هنيئاً لنا عزم الشباب وجدَّه
يقود مراميه طريف وتالد (16)
على الرغم من أُمِّيَّةٍ مدلهمَّة
توالت بها الضراء والفكر خامد (17)
سنين مضت وهي حواصد
دجاها كثيف ليس فيه فراقد (18)
صراخ نعيٍّ أو نداء متربَّ
دها حائف أذواده وهو هاجد (19)
وطوراً يدوس القومُ ساحته ضحىً
فتُسبى مواشٍ أو يخر مُجالد
وأعظم بها رزءاً حلوبةِ طِفله
إذا سال نزفا دمعه المتناضد (20)
ويمسي سليبُ القوم في البر مُعدماً
شنينٌ يواسيه إذا جاد رافد (21)
ويصبح طوراً ذا ثراء وزينة
يموج جهاما ربعه المتباعد (22)
ثراء وعسر بين يوم وأمسه
وثار تغذُيه قلوب حوارد (23)
وأهل القرى نهب المواجع والردى
جفاف وفقر مدقع وشدائد (24)
وفرقة أضغان وجهل مركَّب
وكدح كؤودٌ إذ تشُح موارد
غُضُونٌ أفانين الأسى في كهوفها
حفاةٌ جياع والقتاد وسائد (25)
عيون على اللأواء ما اكتحلت كرى
ولكن لها وطء السهاد مراود
فأنقذها ربُّ البرية منعماً
بميمون سعدٍ للرعية رائد
بعبد العزيز الفخم أوحدِ جيله
فشُدَّت به أيدٍ وشيدت معاهد
وقرَّت عيون المسلمين بيمنه
وقرت ربوع الدار فالأمن سائد
وقام مقاماً خلد الله نفعه
وأرسى أصول العدل فهي خوالد
ولم يرض أسباب التخلف واقعاً
وقد أُحكِمت دون العلوم وصائد (26)
فشمَّرَ يُذكي الوعي في رُوع شعبه
وأبرم بالتدبير ما الله عاقد (27)
لتسعد أجيال وتحيا مواهب
على ما بنى راعٍ أمينٌ ووالدُ