Saturday 22nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 6 صفر


عندما يكون المحرر هو الخصم والحكم!
الدكتور/ فارس الغزي

استوقفني وأنا سائر في أحد ردهات الجامعة طالب أتوسم به خيرا ونبوغا, ألقى عليّ السلام ومن ثم شرع يشرح لي -باستحياء- تفاصيل تجربته الصحفية! الأولى والمرة - على حد قوله- المريرة حقا كما تبين لي لاحقا!, مشكلة هذا الطالب تتمثل في أنه قرأ في جريدته المفضلة! مقالة لمحرر من المحررين -النافذين اداريا في تلك الجريدة!- واكتشف خطأ علميا جسيما في ثنايا مقالة هذا الجهبذ! الصحفي, بعد لت وعجن! مع نفسه، قرر هذا الطالب الرد على صاحب هذه المقالة وتفنيد ما ورد فيها من أخطاء علمية, بادر بارسالها الى المعني بالأمر، وكله أمل وتطلع الى ان يرى ثمرة من ثمار تعليمه الجامعي وقد أينعت وحان نشرها! ، ولكن تقادم ما استجد وأعياه الانتظار الأمر الذي من جرائه أن قرر ان يتصل تلفونيا بالمحرر نفسه, وبعد عدة مكالمات تلفونية يائسة - أوشكت من جرائها مكافأته الجامعية على النفاد!- رق له قلب أحد المحررين ونصحه بألا يضيع وقته، ملمحاً له ان خصمه هذا! هو المسؤول عن الزوايا التي تنشر في جريدته ولذا عليه ألا يتوقع أن ترى مقالته النور أبدا، وفي خضم نظرات هذا الطالب المثيرة! للشفقة شرعت في التخفيف من وقع تلك الحادثة عليه وقررت أن أفزع! له ولذا طلبت منه اطلاعي على حيثيات المشكلة بل وتزويدي كذلك بمقالة ذلك المحرر والتفنيد الذي قام هذا الطالب بكتابته ولم ينشر! , هذا وقد هدفت من وراء ذلك الى محاولة التحقق من تلك المسألة: فلعل هذا الطالب - والذي هو على وشك التخرج من الجامعة- قد دفعه الحماس والعنفوان! الأكاديمي الى تجاوز بعض أدبيات الحوار! أو لعل التوفيق لم يحالفه في فهم ما عناه ذلك المحرر!، خصوصا أنها -كما ذكرت آنفا- تجربته الصحفية الأولى!, قمت بتصفح ما قدم لي هذا الطالب وراعني ما قرأت في مقالة المحرر من أخطاء جوهرية وبالتالي أخبرت هذا الطالب بأن عليه ان يطمئن، كونه محقا كل الحق في مبادرته المتمثلة في رده على ما ورد في المقالة المعنية, في تلك اللحظة وفي خضم محاولاتي الرامية الى ايجاد تعليل لعدم نشر رد هذا الطالب الواعد، قلت لنفسي ربما أن السبب يكمن في كونها كتبت -وكأمر طبيعي نظرا لصغر سن الطالب وقلة خبرته- بأسلوب تعوزه بعض مقومات الكتابة، فقمت بصياغتها بنفسي واعطائها له مشيرا عليه القيام بارسالها الى رئيس تحرير الجريدة وليس الى المحرر نفسه، ضمانا للحيادية وطمعا في فزعة الرأس الكبير! , قام هذا الطالب بما طلبت منه ومرة أخرى أعياه - وأعياني معه!- الانتظار والبحث في ثنايا المطبوعة عن المقالة المغضوب عليها! والتي لم يشفع لنشرها اسلوبها المليء أدبا واحتراما!!, هنا ومن وحي تلك التجربة أجد في نفسي الرغبة في التوقف قليلا وطرح سؤال من الأهمية بمكان طرحه: في ظل مثل تلك الظروف كيف يتسنى للقارىء التفاعل مع ما يكتب بصحيفة ما -ناهيك عن صحيفته المفضلة!- والقيام بمناقشة وتفنيد ماينشر فيها؟!,, ماذا يحدث عندما لا يتوافق الرد! مع اتجاهات وتوجهات محرريها وكتبتها؟! ماهي حيلة القارىء المكبل بذلكم العرف! الصحفي الذي لا يجيز له التعقيب في مطبوعة على ما ينشر في مطبوعة أخرى؟! ألا تعتقدون بأن الأمانة العلمية تحتم على جرائدنا التحلي بالشجاعة الأدبية والمبادرة بنشر ما يصلها من قرائها - خصوصا ردودهم العلمية- وعدم السماح لمزاجية! أو رغبة المحرر في التجلي! على حساب الحقيقة والأمانة العلميتين؟! ألسنا كلنا عرضة للخطأ والزلل؟ بل أليس في نشر كل تفنيد من القراء شحذ لهمة الكاتب ومدعاة للارتقاء بمستواه مما سوف يجعله بالتالي أكثر دقة وتمحيصا لما يخطه يراعه الطويل! ؟!,, أستميحك عذرا طالبي العزيز فهذا هو قصارى جهدي وتلك هي حدود فزعتي .

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved