Saturday 22nd May, 1999جريدة الجزيرة 1420 ,السبت 6 صفر


شاهده جمهور متواصل بالسلطنة في ليالٍ ست
عرس المسرح الخليجي بدأ ساحراً وانتهى مدرسياً

تغطية وتصوير : مشعل الرشيد
* شهدت العاصمة العُمانية مسقط خلال الفترة (24 محرم 2 صفر) الموافق 1017 مايو حدثاً فنيا وعرساً مسرحياً وتظاهرة ثقافية تمثلت في المهرجان المسرحي السادس للفرق الأهلية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية,, فلقد فتحت سلطنة عمان مسارحها لعروض الدورة السادسة بكل الحب للمبدعين من المسرحيين الخليجيين واستعدت مبكرة للخروج بالمهرجان في أحلى حلله وأروع صوره,, ذلك لأن هذا المهرجان الذي تنظمه وتشرف عليه الأمانة العامة لمجلس التعاون,, يعتبر من الأحداث الثقافية والمسرحية الهامة والتي تقام بشكل متنقل بين دول المجلس كل عامين.
فلم تبخل وزارة التراث القومي والثقافة العمانية وهي الجهة الراعية للمهرجان بشيء سعيا للوصول بالحدث الى أهدافه الكبيرة,, لقد استضافت الوزارة المهرجان السادس باحتفائية حتى وصل المهرجان بكل فعالياته الى القيمة الكبيرة على صعيد التواصل المسرحي بين الأشقاء المبدعين في خليجنا العربي الكبير,, ليتأكد بأن الحركة المسرحية الخليجية تسير الى الأمام وتجد الاهتمام والرعاية من أعلى المستويات القيادية.
- قدمت الفرق الأهلية المشاركة في هذه الدورة عروضها الستة في اختلاف بالمضمون والشكل المسرحي,, وهو اختلاف اوجد التباين والمستوى بالعرض عن عرض آخر لدى المتفرج,, وهو اختلاف مطلوب ومشروع دال على مستوى الحركة المسرحية في كل بلد ومدى الاهتمام بالمسرح والمسرحيين,, وقد كانت العروض وأبطالها ونتائجها على النحو التالي:
عرج السواحل
تأليف سالم الحتاوي وإخراج احمد الانصاري تمثيل فرقة مسرح الشباب القومي للفنون الإماراتية.
,, تناولت مسرحية (عرج السواحل) حياة الإنسان في مضمونها الداخلي من خلال استحضار بعض الأبطال الاسطوريين واعتبارهم كمتنفس,, ولكن كثيرا ما تتحول هذه المسألة الى مرض او اعتقاد خاطىء,, خاصة لدى الأفراد الذين يعانون من الانكسار الداخلي والضعف في الشخصية هذا الإيهام الذي يتلبس الانسان ما هو في الحقيقة إلا قوة ليس لها وجود في الواقع,, المسرحية هدفت الى كشف الزيف الذي يعيشه الإنسان بشكل يومي سواء في حياته الاقتصادية او الثقافية أو الاجتماعية او السياسية,, والعمل طرح رؤية اجتماعية فنية بأسلوب تراجيدي كوميدي,, كشف عن بصمة المسرح الإماراتي خاصة في التأليف والأداء والاخراج وكان بحق من أجمل العروض.
يوم في زماننا
وهو العرض الثاني لفرقة مسرح أوال البحرينية,, تأليف الكاتب المسرحي السوري الراحل سعد الله ونوس,, إخراج عبدالله السويد,, العرض تناول المتغيرات الحياتية وعلاقة الناس ببعضها من خلال المصالح المشتركة حتى لو أدى الأمر الى تقديم التنازلات والتضحيات للمضي في طريق الرذيلة بغرض الوصول الى أهداف لا تخدم إلا أشخاصا يمتلكون زمام الأمور,, المخرج حاول توظيف ادواته المبتدئة مع نص مليء بالانحباس والتشاؤم والنظرة السوداوية المبنية على المغالطات الاجتماعية,, كما حاول المخرج التعامل مع فضاء الخشبة بملئها بحركة الممثلين والاستفادة من سينوغرافيا,, إلا ان هذه المحاولات اخفقت لبعد النص عن الواقعية والمبالغة في طرح القضية (السياحة الجنسية) وهي موضوع لم يمت بصلة بالواقع الخليجي,, فهو حتما ليس في واقعنا العربي بحجم ما طرحه سعد الله ونوس في هذه المسرحية المبتذلة (يوم في زماننا) وقد لاقت المسرحية هجوما شرسا من الحضور في الندوة التطبيقية لها خاصة مخرجها المبتدىء عبدالله السويد.
موت المغني فرج
عرض سعودي كتبه عبدالعزيز السماعيل واخرجه علي الغوينم,, ومثله ابراهيم الحساوي بدور فرج,, نوح الجمعان بدور سعيد,, عبدالله التركي بدور الرسام,, ابراهيم الخميس بدور الناصر,, على الشهابي بدور السمسار,, منصور الذكر الله بدور المصور,, علي حسين بدور الطبيب، وجميعهم بفرقة جمعية الثقافة والفنون بالاحساء,,
تناولت المسرحية شخصية المغني فرج الذي كان سيد الغناء والطرب في زمانه,, لكنه في فترة لاحقة انطوى على نفسه داخل منزله بعدما ظهرت الأغاني الشبابية السريعة,, وقد اشيع ان المغني مات وهو يحاول التوضيح للناس بأنه لم يمت,, فمات قهراً لعدم تصديق الناس له,, لقد صور العرض حال المبدعين من الناس بشكل عام الذين يكرمون بعد وفاتهم,, وهو حال يكاد يمس كل فنان ومبدع في وطننا العربي,, لذا جاء العرض هاجسا فنيا عميقا وطرحا مسرحيا وجب له التحية والتقدير من الحضور والنقاد.
ولولا لا منهجية لجنة التحكيم لاستحق العرض على أقل تقدير جائزة أفضل نص وأفضل ممثل للسماعيل والحساوي,, ولكن الجائزة ذهبت وفق المعايير المبنية على المزاج!!
عائد من الزمن الآتي
عائد من الزمن الآتي عنوان مسرحية عُمانية,, كتبها وأخرجها عبدالكريم بن جواد تمثيل فرقة مسرح فنانو مجان ,, حيث تناول العرض موضوع تغلب الآلة على الإنسان والتي اصبحت في حياته كل شيء وجسدت المسرحية نظرة الإنسان للمستقبل قبل مجيئه من خلال لعبة زمنية بسيطة نجح المخرج والممثلون في تجسيدها على خشبة المسرح, العرض رسم خطا بيانيا متصاعدا ومتناميا لمسيرة المسرح العماني الذي اصبح يفرض نفسه داخل المنافسة بين العروض الخليجية بعد ان تحرر من قيود وهاجس المشاركة ليس إلا,, لقد أثار العائد من الزمن الآتي الضحك وسط بكائيات العروض الخمسة الآخرى,, فكان له التميز والتفرد,, ليس لأنه كوميدي فحسب بل لأن موضوعه معاصر وواقعي وواضح المعني,, وكان له ردة الفعل القوية من المتلقين مليئة بالإعجاب والتصفيق.
غناوي الشمالي
كتب واخرج عبدالرحمن المناعي وهو من كبار المسرحيين بالخليج العربي مسرحيته (غناوي الشمالي) لتمثلها فرقة الدوحة المسرحية بقطر,, طارحا الشعر وعلاقته بالفنون الشعبية من خلال غربة الشمالي في محاولة لمسرحه أشعار العامية التي كتبت لتمتد في حكاية تصور واقعا وتبرز أهم جوانبه وتقف حائرة بين الشعر والمسرح وما بينهما من رباط وثيق,, غناوي الشمالي استحضرت الماضي للحاضر في محاكاة غنائية فلكلورية متعددة اوحت للمتلقين بأن ما على المسرح سوى اشعار منثورة,, او نثر شعري يتخلله مجموعة من الفلكلورات المؤدية لغرض الفكرة المسرحية,, ولإيصال الفكرة البسيطة وجعلها قوية في ذهن المتلقي ركز المناعي على طاقات الممثل,, فنجح في الجميع واخفق في البطل (جاسم الأنصاري) ودوره الشمالي,, ولم يمنع ذلك من نجاح العرض واستحقاقه الجائزة الكبرى.
أووه يامال
آخر العروض لفرقة المسرح الكويتي,, تأليف سالم الفقعان وإخراج وحيد عبدالصمد,, وهو عمل مسرحي حاول فيه المؤلف والمخرج معا للتعرض لحقبة زمنية مرت بالمجتمع الكويتي وهي بين الاربعينيات والخمسينيات,, حيث كان أهل الكويت يعتمدون في حياتهم على البحر سواء في الصيد أو السفر,, بكل أحداثهم وصراعاتهم الدائمة التي تنطلق من دوافع الخير والشر,, العرض لم يسلم من النقد الشديد اللهجة سواء من النقاد او الجمهور العادي,, الذين اعتبروه نصا وإخراجا مدرسيا لا يرتقي ومستوى المسرح الكويتي المعروف بريادته وقوته خليجيا,, فالمضمون جاء مكرورا وقديما وهو مستهلك في عدة أعمال تلفزيونية ومسرحية,, والشكل جاء أشبه ما يكون بالمتحف الأثري من خلال الديكور الذي لم يتم توظيفه بالعمل بشكل جيد,, أما الأداء فقد ضاع وسط سطحية النص وواقعية الاخراج الشديدة البعيدة عن الرؤية المستقلة والمتغيرة من رؤية النص,, لذا اعتبر العرض من أسوأ العروض بجدارة.
تكريم الرواد
واصل المهرجان نهجه الحميد الذي دأب عليه منذ دورته الأولى واختطه كهدف ثابت من أهدافه الخليجية الفنية,, حيث قام المهرجان بتكريم عدد من رواد الحركة المسرحية في دول المجلس,, تقديرا لما قدموه عبر تاريخهم من دعم وجهد في سبيل الارتقاء بالمسرح والتأسيس لإبداعاته والانطلاق به الى آفاق لا حدود لها,, حيث كرم المهرجان كلا من الفنانة مريم سلطان من الإمارات، الماكيير عبدالعزيز مندي من البحرين، الدكتور عصام خوقير من السعودية، الفنان محمد الياس من عمان، الفنان حسن ابراهيم من قطر، الفنان ابراهيم الصلال وسالم الفقعان ومنصور المنصور وفؤاد الشطي من الكويت.
النتائج والفائزون
اسفرت النتائج لمسابقة العروض بالمهرجان والتي أعلنها رئيس لجنة التحكيم ورئيس اللجنة الدائمة للمهرجان بالأمانة العامة لمجلس التعاون الدكتور ابراهيم غلوم على النحو التالي: أفضل ممثل دور ثان تقاسمها ثلاثة فنانين من الإمارات والبحرين وعمان وهم:
موسى البقيشي عن دوره (جابر السواحلي) في مسرحية (عرج السواحل) الإماراتية.
سعيد صالح عن دوره (المدير) في مسرحية يوم في زماننا البحرينية.
خالد الوهيبي عن دوره (ضاحك) في مسرحية (عائد من الزمن الآتي) العُمانية.
أفضل ممثلة دورتان الممثلة غادة الفيحاني من البحرين عن دورها (الزوجة) في مسرحية يوم في زماننا.
أفضل ممثل دور اول الفنان عبدالله صالح عن دوره (عتيق زقرت) في مسرحية عرج السواحل الإماراتية.
أفضل ممثلة دور أول الفنانة العمانية فخرية خميس عن ادوارها الثلاثة المتميزة في مسرحية (عائد من الزمن الآتي) التي قدمتها فرقة مسرح فنانو مجان .
جائزة السينوغرافيا حصل عليها مصمم السينوغرافيا البحريني عبدالله يوسف عن مسرحية يوم في زماننا.
أفضل نص مسرحي للكاتب سالم الحتاوي عن مسرحيته عرج السواحل الاماراتية.
أفضل مخرج عبدالكريم جواد من عمان عن مسرحيته العائد من الزمن الآتي.
أفضل عرض متكامل,, العرض القطري (غناوي الشمالي) تأليف وإخراج عبدالرحمن المناعي.
لجنة التحكيم
ضمت لجنة المهرجان كلا من د, ابراهيم غلوم (البحرين) وهو رئيس اللجنة الدائمة للمهرجان,, دروبرتو تشويلي (ألمانيا),, الفنان أسعد فضة (سوريا) الكاتب والناقد المسرحي عبدالكريم برشيد (المغرب) عبدالعزيز السريع (الكويت) وهو عضو باللجنة الدائمة للمهرجان, ونظرا لسفر أسعد فضة واعتذاره تم ادخال موسى زينل (قطر) بديلا عنه,, ولم تلق الأسماء باللجنة قبولا بين اوساط المشاركين فقد اثارت عدة تساؤلات من بينها دخول أعضاء ورئيس لجنة المهرجان في سير لجان التحكيم,, كذلك اسناد المهمة لأجنبي لا يمت بصلة بلغة وتقاليد الخليج,, الألماني روبرتو,, كذلك عدم التزام اللجنة المنظمة بتوصيات الاجتماعات لمديري الثقافة والتحضيرية للمهرجان,, ومنها ان تكون لجنة التحكيم خارجة عن الخارطة الخليجية لضمان الحيادية,لذا كانت النتائج عكس التوقعات وفق رؤية خاصة غير عادلة.
المعرض الوثائقي الفني
يوم الافتتاح تم مشاهدة افتتاح معرض فني وثائقي للحركة المسرحية بدول الخليج الأعضاء تضمن النصوص والمطويات والاكسسوارات والملابس الخاصة ببعض العروض المسرحية القديمة بالاضافة الى المجلات والاصدارات وعروض الفيديو وغيرها من أدوات التوثيق المسرحي التي شكلت في مجملها بانوراما متكاملة للحركة المسرحية في الخليج العربي.
جلسات نقدية
تفصيلا لأهمية الثقافة المسرحية وترقية الذائقة الجماهيرية وإضاءة لما يقدم من عروض,, صاحبت العروض المسرحية الرئيسية الستة المشاركة في مسابقة المهرجان,, ست ندوات تطبيقية,, وهي جلسات نقدية عقدت بعد انتهاء كل عرض مسرحي مباشرة,, شارك في كل واحدة منها اثنان من المسرحيين والنقاد,, وتتاح من بعدهما الفرصة للحضور من الجمهور والاعلاميين لإبداء وجهات نظرهم,, ولعل أجمل عبارة قيلت في الجلسة الاخيرة التي اعقبت عرض الكويت (اووه يامال) هي تلك التي قالها الكاتب والناقد المسرحي البحريني محمد حميد السلمان ملخصا ما تم عرضه على الجمهور في المقولة التالية:
(جاءت البشائر مع العائد من الزمن الآتي وهو يردد أووه يامال حاملا في يده عرج السواحل يأتي ليعيش يوما من زماننا ويبدأ في تقصي أسباب موت المغني فرج حين سمع صدى غناوي الشمالي),وهي مقولة صفق لها الحضور,, وقد أجمع الكثير على أن المهرجان بدأ بعرض ساحر لحديثه عن السحر في عرج السواحل وانتهى مدرسيا بأووه يامال.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات
الاولــــى
محليـــات
مقالات
المجتمع
الفنيـــة
الثقافية
جبل الدعوة الى رحمة الله
الاقتصـــادية
القرية الالكترونية
المتابعة
منوعــات
عزيزتي
الرياضية
تحقيقات
العالم اليوم
الاخيــرة
الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved